تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقيل: إن المعنى أننا لا نزنهم، لأن الوزن إنما يحتاج إليه لمعرفة ما يترجح من حسنات أو سيئات، والكافر ليس له عمل حتى يوزن، ولكن الصحيح أن الأعمال توزن كُلَّها، قال الله تعالى:) فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (6)) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ (7) وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (8) فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (9) وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (10) نَارٌ حَامِيَةٌ) (القارعة:11). فيقام الوزن؛ لإظهار الحجة عليه، والمسألة هذه فيها خلاف.

...

) ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُواً) (الكهف:106)

قوله تعالى: {) ذَلِكَ} يعني ذلك المذكور من أنه لا يقام لهم الوزن وأن أعمالهم تكون حابطة.

(جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا) الباء للسببية و (ما) مصدرية وتقدير الكلام: بكفرهم.

(وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُواً) قوله: {وَاتَّخَذُوا} معطوفة على {كَفَرُوا} أي: بما كفروا واتخذوا، فهم - والعياذ بالله - كفروا وتعدى كفرهم إلى غيرهم، صاروا يستهزئون بالآيات، ويستهزئون بالرسل، ولم يقتصروا على كفرهم بالله.

(هُزُواً) أي: محلَّ هُزؤ، يسخرون منهم، ولهذا قال الله - - للرسول صلى الله عليه وسلم:) وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً) (الانبياء: من الآية36):) أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولاً) (الفرقان: من الآية41) والاستفهام هنا لا يخفى أنه للتحقير، أهذا الرسول!) إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا) (الفرقان: من الآية42). أعوذ بالله؛ يفتخرون أنهم صبروا على آلهتهم وانتصروا لها.

ثم ذكر ثواب الذين آمنوا وعملوا الصالحات، أسأل الله أن يجعلني وإياكم منهم فقال:

...

) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً) (الكهف:107)

بدل ما كانت جهنم نزلا للكافرين، صارت جنات الفردوس نزلا للمؤمنين، لكن بشرطين:

1 - الإيمان 2 - العمل الصالح. والإيمان محله القلب، والعمل الصالح محله الجوارح، وقد يراد به أيضاً عمل القلب، كالتوكل والخوف والإنابة والمحبة، وما أشبه ذلك.

و {الصَّالِحَاتِ} هي التي كانت خالصة لله، وموافقة لشريعة الله.

ولا يمكن أن يكون العمل صالحاً إلَّا بهذا، الإخلاص لله، والموافقة لشريعة الله، فمن أشرك؛ فعمله غير صالح، ومن ابتدع فعمله غير صالح، ويكون مردوداً عليهما، ودليل ذلك قوله تبارك وتعالى في الحديث القدسي: "أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ".

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ". أي: مردود عليه، فصار العمل الصالح ما جمع وصفين: الإخلاص لله، والمتابعة لشريعة الله، أو لرسول الله؟

الجواب: لشريعة الله أحسن، إلَّا إذا أريد بالمتابعة لرسول الله، الجنس، دون محمد صلى الله عليه وسلم فنعم، لأن المؤمنين من قوم موسى وقوم عيسى يدخلون في هذا.

(كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً) قوله: {كَانَتْ لَهُمْ} هل المراد بالكينونة هنا الكينونة الماضية، أو المراد تحقيق كونها نزلاً لهم؟ كقوله تعالى: {وكان اللع غفورا رحيما}؟ نقول: الأمران واقعان، فكانت في علم الله نزلا لهم، وكانت نزلا لهم على وجه التحقيق؛ لأن "كان" قد يسلب منها معنى الزمان، ويكون المراد بها التحقيق.

(جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً) هل هذا من باب إضافة الموصوف إلى صفته، أو لأن الفردوس هو أعلى الجنَّات، والجنَّات الأُخرى تحته؟

الجواب: الظاهر الثاني لأنه ليس جميع المؤمنين الذين عملوا الصالحات ليسوا كلهم في الفردوس، بل هم في جنات الفردوس، والفردوس قال النبي صلى الله عليه وسلم: "فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَى الْجَنَّةِ وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ" أعلى الجنة ووسط الجنة معناه أن الجنة مثل القبَّة، وفيه أيضاً وصف رابع: ومنه تفجر أنهار الجنة.

...

) خَالِدِينَ فِيهَا لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً) (الكهف:108)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير