تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هذه بعض النماذج لخيانات الشيعة ومحاولاتهم الفتك بالملك الناصر – ناصر السنة – صلاح الدين رحمه الله، ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.

خيانات الشيعة لدولة السلاجقة السنية ومعاونة الصليبيين عليها

المبحث الثالث عشر

خيانات الشيعة لدولة السلاجقة السنية ومعاونة الصليبيين عليها

لما زالت دولة بني بويه (الشيعية) وبادت، جاء بعدهم قوم آخرون من الأتراك السلاجقة الذين يحبون أهل السنة ويوالونهم، ويرفعون قدرهم. والله المحمود أبدًا على طول المدى () وقاموا بنصرة السنة، وإخماد الرفض وأهله، ولكن هذه الدولة السنية لم تسلم من خيانات الشيعة وغدرهم.

ففي سنة 450هـ جاء البساسيري الرافض الخبيث بجيوش إلى بغداد مقر السلطان السلجوقي طغرل بك – وكان غائبًا عنها – ومعه الرايات البيض المصرية، وعلى رأسه أعلام مكتوب عليها اسم المستنصر بالله الفاطمي، فتلقاه أهل الكرخ الرافضة، وسألوه أن يجتاز من عندهم، فدخل الكرخ وخرج إلى مشرعة الزوايا فخيم بها والناس إذ ذاك في مجاعة شديدة .. ونهب أهل الكرخ الروافض دور أهل السنة بالبصرة وتملك أكثر السجلات والكتب الحكمية، بعد ما نهب دار قاضي القضاة الدامغاني، وبيعت للعطارين، وأعادت الروافض الآذان بحي على خير العمل في نواحي بغداد، وخطب ببغداد للمستنصر بالله العبيدي، وضربت له السكة وحوصرت دار الخلافة، ثم نهبت والروافض في غاية السرور .. وانتقم البساسيري من أعيان أهل السنة ببغداد فأخذ الوزير ابن المسلمة الملقب برئيس الرؤساء وعليه جبة صوف، وطرطور من لبد أحمر، وفي رقبته مخنقة، وأركب جملاً أحمر وطيف به البلد وخلفه من يصفعه بقطعة من جلد، وحين مر على الكرخ – دور الرافضة – نثروا عليه خلقان المداسات، وبصقوا في وجهه، ولعنوه وسبوه .. ثم لما فرغوا من التطوف به جيء به إلى المعسكر؛ فألبس جلد ثور بقرنيه وعلق بكلوب في شدقيه، ورفع إلى الخشبة فجعل يضرب إلى آخر النهار؛ فمات رحمه الله وكان آخر كلامه "الحمد الله الذي أحياني سعيدًا، وأماتني شهيدًا" ().

وقد أصبحت بلاد الشام مسرحًا للمنازعات بين السلاجقة "الذين هم من أهل السنة" والفاطميين "الشيعة" مما أدى إلى تفكك وحدة المسلمين ومهد الطريق أمام الصليبين لغزو بلاد الشام في يسر وسهولة، حيث وصلوا إلى أطرافها في سنة 490هـ.

وتبرز هنا خيانات الفاطميين فقد أرسل بدر الجمالي وزير المستعلي – الفاطمي الشيعي – سنة 490هـ سفارة من قبله إلى قادة الحملة الصليبية الأولى تحمل عرضًا خلاصته أن يتعاون الطرفان للقضاء على السلاجقة في بلاد الشام، وأن تقسم البلاد بينهما بحيث يكون القسم الشمالي من الشام للصليبيين في حين يحتفظ الفاطميون بفلسطين.

ولما كان هدف الصليبيين هو السيطرة على بيت المقدس فقد كان ردهم غامضًا واكتفوا ببث شعور الطمأنينة في نفوس الفاطميين واكتشفوا بذلك ضعف المسلمين وتفككهم.

ولما قام الأمير "كربوق" صاحب الموصل – من قبل السلاجقة بتجهيز قوة لمنع سقوط أنطاكية بيد الصليبيين وقف الفاطميون موقف المتفرج، ولم يكتفوا بذلك بل استغلوا هذه الفرصة فسيروا جيشًا إلى بيت المقدس الذي كان بيد السلاجقة وحاصروه، ونصبوا عليه أكثر من أربعين منجنيقًا حتى تهدمت أسواره وسيطروا عليه ().

واستغل زعماء الشيعة الإسماعيلية الخلاف بين بعض السلاطين السلاجقة في نحو سنة 488هـ، وتقربوا من رضوان بن تاج الدولة تتش الذي كان على بلاد الشام، وحصلوا عنده على مكانة مرموقة فتشيع لآرائهم، ولم يعبأ بما أحرزه الصليبيون من انتصارات واستيلاء على بعض بلاد الإسلام في آسيا الصغرى () فقد استولوا على أنطاكية سنة 491هـ ثم سيطروا على المعرة عام 492هـ ثم واصلوا سيرهم إلى جبل لبنان؛ فقتلوا من به من المسلمين، ثم نزلوا إلى حمص فهادنهم صاحبها على مال يدفعه.

قال ابن كثير رحمه الله:

"في جمادى الأولى سنة 491هـ ملك الفرنجة أنطاكية بعد حصار شديد بمواطأة بعض المستحفظين على الأبراج وهرب صاحبها .. ولما بلغ الخبر الأمير كربوق صاحب الموصل جمع عساكر كثيرة واجتمع عليه دقاق صاحب دمشق وجناح الدولة صاحب حمص وغيرهما، وسار إلى الفرنج فالتقوا معهم بأرض أنطاكية فهزمهم الفرنج، وقتلوا منهم خلقًا كثيرًا، وأخذوا منهم أموالاً جزيلة .. ثم صارت الفرنج إلى معرة النعمان؛ فأخذوها بعد حصار ولا حول ولا قوة إلا بالله" ().

ضياع بيت المقدس بسبب خيانات الشيعة:

"وفي سنة 492هـ أخذت الفرنج بيت المقدس ضحى يوم الجمعة لسبع بقين من شعبان، وكانوا في نحو ألف ألف مقاتل؛ وقتلوا في وسطه أزيد من ستين ألف قتيل من المسلمين، وجاسوا خلال الديار؛ وعلوا ما علوا تتبيرًا، .. وذهب الناس على وجوههم هاربين من الشام إلى العراق مستغثين على الفرنج إلى الخليفة والسلطان السلجوقي محمد بن ملكشاه .. وخرج أعيان الفقهاء يحرضون الناس والملوك على الجهاد فلم يفد ذلك شيئًا، فإنا لله وإنا إليه راجعون" ().

وأنشد بعضهم يصور الموقف المهين:

مزجنا دمانا بالدموع السواجم فلم يبق منا عرضة للمراجم

وشر سلاح المرء دمع يريقه إذا الحرب شيت نارها بالصوارم

فأيها بني الإسلام إن وراءكم وقائع يلحقن الذري بالمناصم

وكيف تنام العين ملء جفونه على هفوات أيقظت كل نائم

وإخوانكم بالشام يضحى مقيلهم ظهور المذاكي أو بطون القشاعم

تسومهم الروم الهوان وأنتم تجرون ذيل الخفض فعل المسالم

ومنها قوله:

وبين اختلاس الطعن والضرب وقفة تظل لها الوالدان شيب القوادم

وتلك حروب من يغيب عن غمارها ليسلم يقرع بعدها سن نادم

سللن بأيدي المشركين قواضبا ستغمد منهم في الكلي والجماجم

أرى أمتي لا يشرعون إلى العدا رماحهم والدين واهي الدعائم

ويجتنبون النار خوفًا من الردى ولا يحسبون العار ضربة لازم

أيرضى صناديد الأعاريب بالأذى ويغضي على ذل كماة الأعاجم

فليتهموا إذ لم يذودوا حمية عن الدين ضنوا غيرة بالمحارم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير