وفي أثناء إقامته بالقاهرة لم ينقطع عن تأليف الكتب والرسائل، وتحقيق الكتب النفيسة في علم الحديث عن علم وبصيرة وقدرة وتمكن، تمده ثقافة واسعة، وإحاطة عميقة بعلوم الحديث، ولم يكن مبالغًا المحدثُ الشيخ "عبد الوهاب عبد اللطيف" حين وصف صديقه "الغماري" في مقدمة تحقيقه لكتاب "المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة" للسخاوي، فقال: "وفضيلة الأستاذ المحدث قد وُهب قريحة وقَّادة، وحافظة قوية، وبصيرة نفاذة، قلما تجد في هذا الباب مثله، وسترى فيما يمر عليك من تعليقاته أنه حرر ما فات المؤلف تحريره، وأكمل ما بيض له المصنف ... "
وظل الشيخ موضع تقدير من علماء مصر حتى تعرض لمحنة عصيبة في أواخر الخمسينيات، وكانت رياح الاستبداد تعصف بالمخلصين من الرجال في الحقبة الناصرية، ولم يسلم من أذاها نفر من خيرة رجال مصر علما وخلقا، وكان الناس يؤخذون بالظنة والشبهة؛ فيُلقى بهم في غياهب السجون، وكانت تهمة الانتساب إلى جماعة "الإخوان المسلمين" تكفي لأن يُلقى صاحبها في السجن، ولم يكن السن أو المكانة العلمية درعا يحمي صاحبه من وطأة الطغيان، ولم يسلم الشيخ الجليل "عبد الله الغماري" من هذه المحنة، ولم يشفع له علمه وسنُّه، فألقي في السجن في (14 من جمادى الآخرة 1379هـ = 15 من ديسمبر 1959م)، وظل حبيسًا إحدى عشرة سنة، فأفرج عنه في (16 من شوال 1389هـ = 26 من ديسمبر 1969م)، وخرج من السجن ليقوم بما كان يتولاه من قبل من التأليف والتدريس.
وقد حضرت للشيخ دروسه في القاهرة، في مسجد "محمود" في أواخر السبعينيات، وكان رجلا بهيَّ الطلعة، يرتدي الزي المغربي المعروف، على وجهه نور الحديث، وأثارة من السلف الصالح، وقرأ علينا بعضًا من كتاب "موطأ الإمام مالك"، و"شمائل النبي" للترمذي، وقد قرأ عليه جماعة كبيرة من أهل العلم، وأجازهم برواياته ورواية مؤلفاته على عادة المحدثين.
مؤلفاته
للشيخ مؤلفات كثيرة في الفقه والحديث، تزيد عن مائة كتاب ورسالة أشهرها:
- الكنز الثمين في أحاديث النبي الأمين.
- الفتح المبين لشرح الكنز الثمين.
- الأربعون الصديقية في مسائل اجتماعية.
دلالة القرآن المبين على أن النبي صلى الله عليه وسلمأفضل العالمين.
- فتح الغني الماجد بحجة الخبر الواحد.
- تمام المنة ببيان الخصال الموجبة للجنة.
- بدع التفاسير.
- جواهر البيان في تناسب سور القرآن.
- أوضح البرهان على تحريم الخمر والحشيش في القرآن.
وكانت له مشاركة جيدة في إخراج نفائس كتب الحديث وتحقيقها مثل: "المقاصد الحسنة" للسخاوي، و"بلوغ المرام من أدلة الأحكام" لابن حجر العسقلاني، و"مسند أبي بكر الصديق" لجلال الدين السيوطي، و"الاستخراج لأحكام الخراج" لابن رجب الحنبلي.
وفاته
أقام الشيخ الجليل الفترة الأخيرة من حياته في "طنجة"، وإن لم يقطع صلته بالقاهرة، يفد إليها من حين إلى آخر، ومرض في آخر أيامه، وتوفي في "طنجة" في (19 من شعبان 1413هـ = 12 من فبراير 1993م)، ودُفن بجوار والده.
http://www.islamonline.net/Arabic/history/1422/11/article05.shtml
ـ[عبدالله بن خميس]ــــــــ[27 - 07 - 03, 08:44 ص]ـ
ترجمة الشيخ
محمد جميل غازي – عليه رحمة الله
مؤسس المركز الإسلامي لدعاة التوحيد والسنة
1 – مولده:
ولد فضيلة الشيخ / محمد جميل غازي عام 1936م، بقرية كفر الجرايدة بمحافظة كفر الشيخ بمصر، في أسرة موسرة، وكان أصغر إخوته سنًّا، وله أخ وأربع أخوات.
2 – حياته العلمية:
بدأت رحلة الشيخ في العلم من كُتَّاب القرية، فأتم حفظ القرآن الكريم كاملاً في طفولته، ثم التحق بمعهد " طنطا الأزهري "، وفي الصف الثاني ظهرت موهبته الشعرية واهتماماته الأدبية؛ حيث ألقى قصيدة شعرية في إحدى المناسبات لاقت استحسان الحاضرين.
وقد حصل على الشهادة الابتدائية بتفوق في عام 1954 م من المعهد الأحمدي بطنطا.
ثم أكمل دراسته بنفس المعهد؛ حيث أكمل نشاطه العلمي والثقافي؛ محاضرًا وشاعرًا في العديد من الندوات التي أقيمت في " جمعية أنصار السنة المحمدية " و " جمعية الشبان المسلمين " بطنطا.
ومنذ ذلك الوقت؛ عُرف اسم الطالب الأزهري المثقف؛ الشاعر والعالم الديني: محمد جميل غازي، في الأوساط الدينية والأدبية والثقافية.
¥