تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لقد غاب الشيخ/ محمود شاكر دون دمعة وفاء، رحل كأنه طيف جاء ثم ذهب، لم يشعر به إلا القليل ممّن يعرفون للرجال مقاماتهم وحقوقهم، ولو كان الشيخ واحداً من أولئك الذين هجروا أمتهم، ورطنوا بالرموز، ولاكت ألسنتهم الأسماء العجمية وسلك في مسالك الأحزاب العلمانية الكافرة لرأيت لموته رنينا وجلبة، ولتسامعت به النساء في خدورهنّ، ولكن الشيخ مضى غريبا كما تعيش محبوبته (اللغة العربية) غريبة كذلك بين أهلها.

وفاءً لهذا الإمام الفحل، وقياما بحق الرجل العظيم/ محمود محمد شاكر فإننا نتقرب إلى الله -تعالى- بتعريف الشاب المسلم به، فكيف يجوز لطلاّب الهدى ورجال هذه المرحلة أن يجهلوا من استشهدوا بكلامه النفيس في تكفير الحاكمين بالياسق العصري؟ ...

إن الشيخ/ محمود شاكر أحمد عبد القادر هو الذي كتب حكم الله في هذه القوانين الكافرة .. كما في أثر تفسير الطبري رقم (12036) وكما نقله عنه الشيخ / أحمد شاكر (شقيقه) في عمله لعمدة التفسير 4/ 156 وما بعدها.

وإيماناً منا أن نهضة الأمة وقيامها من كبوتها لن تكون بإزالة طواغيت الحكم وكشفهم فقط مع أنهم أعظم المجرمين جرماً، إنما بإدراك طلاب الهدى أن معركتنا مع خصوم هذه الأمة على جميع الصُّعُد وفي كل الميادين، وأن ميدان اللغة والثقافة والأدب هو من أعظم هذه الميادين.

ألا فليعلم الشباب المسلم من طلاب الهدى والحق أن حصر أبواب الخير والحق في جانب واحد يصفه الشباب المسلم المقاتل هو ظلم لمفهوم الطائفة المنصورة، وظلم لديننا، وظلم للرجال الأوفياء لهذا الدين وهذه الأمة، ولذلك يجب علينا أن نعي طبيعة هذه المعركة وعمق جوانبها وشمول أدواتها، إذ المقصود منها قبل كل شيء هو هذا الإنسان، الإنسان المسلم الذي أُريدَ له أن يتنكّر لدينه وتاريخه ورجاله وثقافته، ولذلك فلنعلم كذلك أنه ما من رجل مسلم أو امرأة مسلمة في هذا العالم غلا ويقف على ثغرة من ثغور الإسلام المتسع الأطراف وفي كل الميادين، وحيث كان هذا المرء وفيّاً صادقاً مخلصاً متقناً لهذه الوقفة فإنّه يستحق منّا المحبة والولاء والأخوة، وهو منّا ونحن منه، بل يشرفنا أن نكون منه وأن نتعلم منه وأن يكون إماماً لنا.

إننا نعتقد وبيقين وصدق أن الشيخ/ محمود شاكر كان إماماً في الحق وصخرة لا تلين أمام أعداء الأمة والدين.

رحم الله الشيخ وأسكنه فسيح جنانه، وليس لنا إلا الصبر، وإن كان ثمّة دمعة تذرف من عيوننا فهي - والله- على أنفسنا أنّنا سنموت وحاجتنا في الصدر لم تقض باللقاء به والجلوس بين يديه وهي حاجة كانت تملأ الجوانح وتعمل في الصّدر، لكنّها سدود الباطل وحواجز الرِّدة التي تعيق هذه الحاجات وتحبسها دون تقريع لها.

ثم هي دمعة أخرى أن لا تعرف الأمة حقَّ الرِّجال وتجهل مقاماتهم، وهي التي تتسمع أخبار حصب جهنَّم، وتملأ أعينها وآذانها صور أهل الشر وأئمة الضلال.

رحم الله أبا فهر وألحقه بالصالحين، آمين آمين.


معركة تحت راية القرآن

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير