تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

توفي شيخنا في دمشق فجر الجمعة 13شوال 1415، الموافق لـ26 تشرين الثاني 2004. وبلغنا عن محمد ابن شيخنا عبد القادر، قال: "كان شيخنا أمس الخميس في كامل عافيته وصحته، ثم نام، ولما أرادت والدتي إيقاظه للفجر لم يرد عليها، ثم حرّكته فوجدته ميتا وجبينه متعرق، ولم يشعر به حتى أهله معه، فإنا لله وإنا إليه راجعون". وصُلّي على شيخنا بعد صلاة الجمعة في جامع زين العابدين بحي الميدان، أي في مسجد شيخ قراء الشام الشيخ كريّم راجح حفظه الله. وامتلأ الجامع مبكرا، وكذا الشوارع المحيطة به رغم البرد. و أمّ المصلين ابنه الأستاذ محمود الأرنؤوط. وكانت جنازة لم تشهد مثلها دمشق منذ فترة طويلة. و دفن بمقبرة الحقلة.

ونحن نرجو حسن الخاتمة لشيخنا، حيث مات بعد صوم رمضان، وبعرق الجبين، ويوم الجمعة، ومات ثابتا عزيزا شامخا رغم الأذى والمضايقات التي حصلت له في الفترة القريبة جدا.

نسأل الله أن يتغمد الفقيد برحمته، وأن يخلف على الأمة من أمثاله، وأن يخفف مصاب أهله وتلامذته وأحبابه، إن جواد كريم.

2 – سيرته العلمية

شخصيته العلمية وموسوعيته:

إن سبب شهرة الشيخ هو اهتمامه بجانب هام ميّز شخصيته وهو اختصاصه بعلم الحديث النبوي الشريف الذي نالته هذه الشخصية، فلولا العلم لما كانت له هذه المكانة التي ارتقاها على صعيد العالم الإسلامي.

فالعلم أساس حياة الإنسان، وعليه تبنى شخصيته، ولا أظن أن هناك من يخالف هذه الحقيقة. ولا أجد حاجة هنا للتدليل على قولي، فكتاب الله تعالى وأحاديث نبينا صلوات الله وسلامه عليه فيها دروس وإرشادات كثيرة في هذا المجال. والشيخ –حفظه الله– بالإضافة إلى موسوعيته العلمية الفذة، وتبحره في علم الحديث، فهو بجيد اللغة الألبانية، بشكل ممتاز، ويلم بشيء من اللغة الفرنسية، وهذا مما ساعده كثيراً في هدفه السامي في نشر كلمة التوحيد والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة.

ولا نجد في شخصيته الغرور ولا الكبر، بل يتواضع لكل الناس ولا يخدعه مظهر من مظاهر الدنيا. ولا سيما أن النفس لها حظوظ في مثل هذه الحالات. فهو عارف بحقيقة عبوديته لله عز وجل. ولذلك اتصف بالصفات النبيلة، ولا يرضى بالألقاب، فأعز لقب يحرص عليه هو «العبد الفقير» ويأبى ما سواه. وقد حَبَّبَ الله إليه دراسة الحديث النبوي الشريف منذ الصغر فعكف عليه، يقول الشيخ: «كنت في فترة الاستراحة بين الحصص المدرسية أحفظ خمسة أحاديث. فكنت متمتعاً بذاكرة طيبة وقدرة على الحفظ كبيرة بحمد الله تعالى وعونه».

شيوخه وتلاميذه:

لم يدرس الشيخ دراسة أكاديمية، فقد تلقى علومه على يد علماء عصره. وكان والده عاميا محبا للعلم، فدفعه مبكرا لحلقات المشايخ. ودرس أول نشأته مبادئ الفنون على الشيخ صبحي العطار، وسليمان غاوجي الألباني (والد الشيخ وهبي) في حارة الأرناؤوط بدمشق، حيث أخذ منه شيئاً من الفقه و علمي الصرف والنحو. وكذلك درس على بعض المشايخ الأرنؤوطيين مثل الشيخ ملا باختياري (المشهور بحمدي الأرنؤوط) و الشيخ نوح نجاتي الألباني –والد العلامة الألباني–.

ثم اشتغل ساعاتياً في محل الشيخ سعيد الأحمر رحمه الله بحي العمارة، وهو من أهل العلم الأزهريين، فأُعجب بذكاء شيخنا، فقال لأبيه: ابنك هذا ينبغي أن يكون طالب علم. وعلى أثر ذلك انضم شيخُنا إلى حلقة الشيخ محمد صالح الفرفور في الجامع الأموي. وتلقى عنه من علوم العربية والفقه الحنفي، والتفسير، والمعاني والبيان والبديع، حيث لازمه فترة من الزمن تقارب العشر سنوات. فقرأ عليه خلالها: متن الطحطاوي و نور الإيضاح و مراقي الفلاح و حاشية ابن عابدين و غيرها، كذلك قرأ عليه في فنون العربية و التفسير. وكان زملاؤه آنذاك المشايخ: عبدالرزاق الحلبي، ورمزي البزم، وأديب الكلاس، وشعيب الأرناؤوط. ونظرا لتميز شيخنا في تجويد القرآن الكريم فقد صار يقرئ زملاءه المذكورون ويعلمهم التجويد.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير