تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقرأ القرآن وجوَّده على الشيخ المقرئ الفقيه «صبحي العطار» –رحمه الله– (وهو مغربي الأصل). ثم أعاد قراءة القرآن مرة أخرى بتجويده من أوله إلى آخره على الشيخ «محمود فايز الديرعطاني» المقرئ، تلميذ شيخ القراء آنذاك «محمود الحلواني» الكبير، بقراءة حفص عن عاصم. و قد زامله في القراءة عليه: بكري الطرابيشي، و أبو الحسن الكردي، و محمد سكر، و كريّم راجح، و كلهم اليوم من مشايخ قراء الشام المشاهير. وقولنا الشيخ «الحلواني الكبير» احتراز عن الحلواني الصغير، و هو ابنه الدكتور محمد، و هو ممن قرأ أيضا على والده. و الحلواني الكبير هو محمد سليم بن أحمد الحلواني الحسيني الشافعي مترجم في "تاريخ علماء دمشق" (2

603).

وشيخنا جميل الصوت بالقراءة، في صوته (اليوم) بحة، قريب منه صوت الألباني بالقراءة، و للناس في جميل الصوت أذواق. وما عهِدناه إلا محافظاً على الصلوات الخمس، ترى على صلاته أثراً مما يُذكَرُ عن صالحي هذه الأمة من السلف الطيبين و من تبعهم بإحسان. وقد قال عنه الشيخ محمود فايز: «هذا الغلام قراءته سليقية». وكان الشيخ الديرعطاني يحب قراءة شيخنا وسلامة مخارج الحروف عنده، ويقول له: أنت قراءتك سليقية، وحاول أن يستمر ويجمع عليه القراءات، إلا أن شيخنا آثر الانصراف إلى علم الحديث. وللتنبيه فقد رأيت في كلام بعض من ترجم شيخَنا أنه درس عند عبد الرزاق الحلبي، وهذا غير صحيح، بل جمعتهما الزمالة أول الطلب.

ويُعتبر الشيخ الأزهري «سعيد الأحمر التلي» –رحمه الله تعالى– معلِّمه في مهنة الساعات هو أوّل من وجهه إلى طريق طلب العلم ودلّه عليه، فكان له الفضل الأكبر في تشجيعه لطلب العلم الشرعي. و منذ ذلك الحين و الشيخ منكَبٌّ على تعلم العلم و دراسته. وسعيد الأحمر مترجم في "تاريخ علماء دمشق" (2

961).

يقول شيخنا عبد القادر: «وأراد مني والدي –رحمه الله– أن أتعلم مهنة الساعات عند الساعاتي الشيخ سعيد الأحمر –رحمه الله–، وكان قد درس في الأزهر. فرضي الشيخ سعيد الأحمر أن أشتغل عنده في مهنة الساعات. ولكونه درس في الأزهر وتخرج فيه، أراد أن يمتحنني. فطلب مني أن أقرأ شيئاً من القرآن، فقرأت عليه بعض الآيات، فأعجبته قراءتي. فقال لي: "على من قرأت القرآن ودرست التجويد؟ ". فقلت له: "على الشيخ صبحي العطار –رحمه الله– ثم الشيخ محمود فايز الديرعطاني تلميذ الشيخ محمد الحلواني الكبير –رحمه الله–". وسألني: "هل درست شيئاً من الصرف والتجويد على المشايخ؟ ". فقلت له: "نعم، درست شيئاً من الصرف والنحو على الشيخ سليمان غاوجي الألباني –رحمه الله–". فقال لي الشيخ: "نحن الآن في شهر رمضان، من الذي يجب عليه الصيام في رمضان، ومن لا يجب عليه الصيام؟ ". وكنت قد حفظت بيتين من الشعر في الفقه الحنفي من الشيخ صبحي العطار وأنا صغير، فذكرتهما للشيخ الساعاتي:

وعوارض الصوم التي قد يُغتفر * للمرء فيها الفطر تسع تُستطر

حَبَل وإرضاع وإكراه سفر * مرض جهاد جوعه عطش كِبَر

فطلب مني أن أذكر معناهما، فذكرته له. ففرح كثيراً وقال لي: "أنت ينبغي أن تكون طالب علم"، فشجعني على ذلك. وأخذت أدرس على المشايخ. وكان من جملة المشايخ الذين درست عليهم الشيخ محمد صالح الفرفور في دمشق. وسمعت على عدة مشايخ في جامع بني أمية الكبير. وأتقنت مهنة الساعات عند الشيخ سعيد الأحمر. وكنت أعمل في مهنة الساعات وأدرس على المشايخ في الصباح بعد صلاة الفجر، وبعد المغرب والعشاء. ثم طلب مني أن أُدرِّس في المدرسة الابتدائية التي تخرجت فيها، ثم درّست في المدارس الإعدادية والثانوية القرآن وتجويده والفقه". انتهى كلام الشيخ عن بعض مشايخه.

و أعلى من هؤلاء كلهم أخذه عن علامة الشام و سلفيها الشيخ بهجة البيطار رحمه الله. فكانت له به صلات و اجتماعات، و كان يقول له: «أنت يا بني، مشربك من مشربنا، فأرى أن تدرس مكاني». و هذا الذي حصل، فقد استمر الشيخ يدرس كتب العلم في جامع الدقاق و جامع الشربجي (بالميدان) بعد وفاة العلامة البيطار، و كان صورة من شيخه البيطار. وقد قال مرةً مؤذن مسجد الدقاق –و هو ممن كان أدرك الشيخ بهجة البيطار– لأحد أصحابنا (لما سأله عن الشيخ بهجة): «من أراد أن ينظر إلى الشيخ بهجة، فلينظر إلى الشيخ عبد القادر. فالشيخ أشبه الناس بسمته!». و هذا –بإذن الله– صِدقٌ و حق.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير