تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

شيخنا –حفظه الله– من المهتمين جداً بتراث شيخي الإسلام ابن تيمية و ابن القيم. و هو معروفٌ لدى فقهاء الشام بأنه يُفتي بما كان عليه شيخ الإسلام في مسائل الطلاق عدا مسألة طلاق الحائض (فلِلْشيخ فيها رأي عملي آخر، لأن فيها نظراً كبيراً يوقف عنده). و يَذكر الشيخ عن نفسه أن من أوَّلَ ما أثَّر في نفسه في مبتدأ الطلب: كتاب "الوابل الطيب" لابن القيم. وشيخنا سَلَفِيٌّ صَرْفٌ، يحب السلفيّين و يجتمعون عنده. و لا شك أنه اليوم –بعد وفاة الشيخ ناصر– شيخ سلفيي الشام و مُحَدِّثَها بلا مُنازع. و يفرق عن الشيخ الألباني في طريقة الدعوة و الأسلوب المنتهج فيها. فقد قال هذا من يعرف الشيخين: إن الله جعل للشيخ عبد القادر القبول في دعوته بالشام، ما لم يجعل للألباني رحمه الله. و هذا لأن الشيخ حفظه الله كان ألْيَنَ و أسهَلَ مع المُخالف ترغيباً له في الحق و الهدى. و هذا ليس مطرداً مع المعاندين من أهل البدع.

و أستطيع أن أقول –و العلم عند الله– إن الشَّبَهَ بين ابن تيمية و شيخنا لكبيرٌ جداً. خاصةً في باب الدعوة و سبيلها. فإنك تندهش من اجتماع العامة على الشيخ عبد القادر، تماماً كما يذكر أصحاب الشيخ عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله. و وَالله ما سمعت بصفةٍ ذكروها عن شيخ الإسلام ابن تيمية، إلا وقد وجدتها عند شيخنا عبد القادر.

لكن الشيخ عبد القادر عندما يسأل هل أنت سلفي؟ يقول –حفظه الله–: «الحقيقة في أن يلتزم الإنسان منهج السلف شيء، وأن يدَّعي أنه سلفي شيء آخر. أنا لا أقول عن نفسي: "إني سلفي"، بل لا أملك ذلك. وإنما أحاول قدر ما أستطيع أن أعمل بمنهج السلف وأقوالهم. وإذا ما سألتَ عن مذهبي أقول: أنا مسلمٌ أعود إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله r وأقوال الأئمة بأدلتها. وأعمل بما هو الأقوى والأرجح الذي رَجّحهُ العلماء على منهج السلف الصالح». أقول: هذا حال من هو سلفيٌّ حقيقةً. فكيف حال من يدعيها و هي تَفِرُّ منه؟ نسأل الله السلامة.

و الشيخ عبد القادر حفظه الله من المنكرين للبدع و الشركيات، شديد الإنكار لها. كما أنه ينكر ما يفعله بعض المبتدعة من التبرك بالمشايخ و التوسل و غير هذا. و هو يولي الأمر عناية كبيرة. حتى أن أحد الإخوة سأله مرّة –و قد سافر إلى قطر–: «هل لقيت فلان بن فلان؟». فقال الشيخ: «نعم، و ما أعجبني». ثم سرد قصته معه، و حاصلها أن الشخص المسئول عنه احتضن الشيخ يقبّل يده و يتبرّك بها، فأنكر عليه الشيخ ذلك. فقال المتبرك: «عندي فيها أدلة، و وقفت فيها على آثار» و شيء من هذا القبيل. فأنكر عليه الشيخ، ثم قال: «الأمة قطعت أشواطاً في سد مثل هذه المسالك المفضية إلى الغلو، و هذا يردنا إلى حيث بدأنا!». فاللهم احفظ شيخنا عبد القادر ما أنصره للسنة و ما أقمعه للبدعة. المنكر فيه من قبل الشيخ التمسح باليد قصد التبرك، و هذا الذي أنكره الشيخ. و احتج له المتبرك بأنه وقف على آثار في الباب تدل على مزعومه!

والملاحظ أن الشيخ يراعي كثيراً أحوال المستمعين إليه. فلا يدخل في تفصيلات مسائل الأسماء والصفات مع العوام. بل يكتفي بقوله لمن يسأله: منهجنا هو منهج الإمام مالك عندما قال عن صفة الإستواء: «الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والسؤال عنه بدعة». لأن الأصل في غالب العوام السلامة. وهم لا يفهمون تفلسفات الأشاعرة أصلاً حتى ندخل معهم في النقاشات التي يأتي بها المتكلمين الأشاعرة. أما مسائل التبرك والتوسل والشرك، فهذه ينبه الشيخ عليها العوام بما يفهمونه.

قصة طرده من مجلس الشيخ الفرفور و ظهور سلفية شيخنا

لقد كان شيخنا عبد القادر تلميذا -كما أسلفنا- للشيخ صالح الفرفور، قرأ عليه -كعامة من كان يقرأ في معهد الفتح- من علوم العربية و المعاني و البيان و البديع و الفقه و التفسير الكثير في مدة تقرب من عشر سنوات. و كان مما قرأه من كتب الفقه الحنفي: حاشية ابن عابدين، و حاشية الطحطاوي، و نور الإيضاح، و مراقي الفلاح، و غيرها.

و كان أثناء قراءته على الشيخ صالح في الحاشية لابن عابدين، تمرُّ بهم أحاديث، فيسأل الشيخ عبد القادر عنها صحة و ضعفا و نحو ذلك، فكانت الكلمة المشهورة المتداولة على ألسنة الصوفية تخرج من فم الفرفور كالسهم: «لا تعترض فتنطرد»!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير