تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و في إحدى المرات اشترى شيخنا كتاب "الوابل الصيب" لابن القيم من إحدى المزادات بدمشق، و لما لم يكن له مكتبة يومئذ. و كان الشيخ عبد الرزاق الحلبي متميزاً في ذلك، حيث كانت له مكتبة خاصة في جامع فتحي، أراد الشيخ أن يلحقه بمكتبته. فعلم بذلك رمزي البزم –و كان أكبر طلاب الفرفور سِنّاً– فقال بعد أن سمع بوضع شيخنا للكتاب بمكتبة الحلبي، بعد أن أنهى الفرفور درسه بالأموي: «عبد القادر، الليلة عندك محاكمة»!! هكذا مع إحداث ضجة في حلقة الدرس. و فعلا أشار إليه الفرفور و إلى الحلبي و إلى البزم أن قوموا إلى مكتبة الشيخ عبد الرزاق، و هنا جرت المحاكمة و هذا سياقها:

قال الفرفور للشيخ عبد القادر: لِمَ جئت بالكتاب؟ (يريد: الوابل الصيب).

قال شيخنا: «لأني قرأت في مقدمته: في الذكر مئة فائدة، ثم سردها».

فقال الفرفور: هل تعرف ابن القيم تلميذ من؟

قال شيخنا: «تلميذ ابن تيمية».

قال الفرفور: نحن نقرأ لابن تيمية؟! قم و خذ صاحبك معك –يعني الشيخ شعيب–. ثم جرت أحداث، لها موضع آخر. وأُبعد الشيخ عن الحلقة على إثرها بتهمة الوهابية! وقاطعه زملاؤه تبعاً. وكان الشيخ وقتها لا يعلم شيئا عن الوهابية، ولكن هذه الحادثة، وتعلقه المبكر بالحديث، ولا سيما مدارسته وحفظه من صحيح مسلم، والتوجيهات اللطيفة من الشيخ المعمّر عبد الرحمن الباني حفظه الله، كانت هي الأسباب المباشرة لتحوله سلفيا، حتى نال الإمامة فيها، ووصلت سمعته إلى مختلف أنحاء العالم الإسلامي، ولا سيما في علم الحديث. ولعله لم يكن بعد الشيخ الألباني أكبر من شيخنا خدمة لعلم الحديث، حتى كان شيخنا ممن طُرح اسمه لترشيحه لجائزة الملك فيصل الأخيرة لخدمة الإسلام.

قصة منعه من الخطابة

قال شيخنا رحمه الله: المدة الأخيرة كنت في خطيبا في جامع اسمه الجامع المحمدي، وهذا عندما استلمته كان جديدا، فتردد عليّ كثير من الشباب، وكانوا يسمعون الخطب ويسألون، وكنت دائما عقب خطبة الجمعة أعمل أسئلة وأجوبة، فيأتي الشباب فيسألون ويُجابون على هذه الأسئلة، من هنا بدأ بعض الناس وبعض المشايخ يحرّكون عليّ: إن الشيخ وهابي، فيطلبونني ويسألون: ما هو الوهابي؟ فأقول: ليس هناك مذهب وهابي جديد، وإنما هناك رجل اسمه محمد بن عبد الوهاب من أهل نجد؛ ظهر في ذلك الوقت، وهذا توفي عام 1206هـ ولكنه كان يحارب البدع والخرافات وأشياء ويدعو الناس إلى الكتاب وإلى السنة، ومذهبه على مذهب الإمام أحمد رحمه الله.

بعد ذلك الناس اتهموني بالسلفية! فكنت أبيّن لهم أن السلف الصالح هم القرون الثلاثة المفضلة التي كانت لم تغير ولم تبدل، وإنما ساروا على النهج الصحيح! إلا أن بعض الناس وشى عليّ أن هذا الشيخ يتكلم أشياء وأشياء. حتى كانت آخر سنة من السنين التي كنت فيها خطيبا؛ كنت أتكلم في رأس السنة الميلادية، حيث بعض الشباب من المسلمين -ولا حول ولا قوة إلا بالله- كانوا يشاركون النصارى في عيدهم، ويشاركون النصارى في شرب الخمر ومشاكل النساء. فعند ذلك قلت خطبة يظهر أنها كانت قوية، وأنا أنادي الشباب المسلمين: إياكم وأن تشاركوا النصارى في أعيادهم وعاداتهم وتقاليدهم وفي شربهم الخمر ومشاكل النساء. فمن هنا قالوا: إن هذا يدعو إلى الطائفية، ولذلك منعوني من الخطبة.

موقفه من بعض مسائل عصره:

1– مسألة الطلاق الثلاث بمجلس واحد هل يقع واحدةً أم ثلاثاً؟

يقول الشيخ في فتواه لهذه المسألة:

«كما هو معروف أن الجمهور قالوا في أن الطلاق الثلاث في مجلس واحد يقع ثلاث تطليقات وينهي العلاقة الزوجية. وخالف في ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية والإمام ابن القيم وهما من الأئمة الحنابلة. فقالا: يقع طلقة واحدة. والأصل في مخالفة الجمهور خطأ. ولكن إذا ثبت دليل، فلا مانع من الأخذ به. وهو الحديث الصحيح الذي أخرجه مسلم عن ابن عباس t أنه قال: "كان الطلاق على عهد رسول الله r وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر، طلاق الثلاث واحدة. فقال عمر بن الخطاب: إن الناس قد استعجلوا في أمْرٍ قد كانت لهم فيه أناة. فلو أمضيناه عليهم! فأمضاه عليهم". فالحديث هنا صريحٌ في ذلك، وهو أنهم كانوا يعدُّون الثلاث بلفظ واحد طلقة واحدة على عهد رسول الله r. وما فعل عمر ذلك، إلا لأنه رأى أن من المصلحة والحكمة وقد كثر الطلاق أن يمضيه ثلاثاً، ففعله هذا تربية لرعيته. وورد غير هذا،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير