و مع هذا فقد سأل أحد إخواننا الشيخ عن علاقته بالألباني هل هي قوية؟ فأجاب بأنها جيدة و هو يزوره إذا نزل الأردن، و أن الألباني يرسل له مؤلفاته الجديدة، و أراه منها صحيح الأدب المفرد و ضعيفه. وهل تعلمون: أن الشيخ عبد القادر يُدرِّس صحيح الأدب المفرد للألباني. بل قد ينظر في كتب الألباني كالصحيحة و الإرواء و الضعيفة بحضرة طلبته دون أي حرج، إذا ما أراد أن يستخرج الحديث. هكذا الشيخ عرفناه لا يستحي من تدريس كتاب الألباني، لأن العلم رَحِمٌ بين أهله.
و أما عن علاقته بابن باز، فقد أرسله ابن باز إلى ألبانيا للدعوة. و لا يزال الشيخ إلى اليوم يسافر إليها للدعوة و تعليم الناس. فالشيخ يتقن اللغة الألبانية، مما ساعده على سهولة مخاطبة المدعوين.
الشيخ وعلوم الحديث النبوي الشريف
مسموعاته:
إن معظم مسموعات الشيخ، كانت من المشايخ في بداية طلبه للعلم حيث لم يكن له مسموعات بشكل خاص في علم الحديث، إنما كانت له اطلاعات عامة حيث قرأ في البداية كتاب صحيح مسلم من أوله إلى آخره، فحُبِّب إليه قراءة كتب السنة وقراءة كتب شراح الحديث أمثال ابن القيم حجر العسقلاني وغيره.
ويقول الشيخ: «لم أهتم بالإجازة من المشايخ، لأني أرى أن الإجازة الصحيحة، هي: (مجيز ومجاز ومجاز به) يعني أن يكون (الشيخ المجيز، والطالب المجاز، والكتاب المجاز به)، هذه هي الإجازة الصحيحة. وأما القول: "أجزت لك ولعقبك من بعدك وللمسلمين جميعاً"، فهذه إجازة مفتوحة لا يقبلها كثير من العلماء. والإجازة كالشهادة في زماننا رجل درس في جامعة وتخرج فيها ودرس الدراسات العليا وأخذ بها شهادة هذه هي الشهادة المقبولة، وقد وصل الأمر في زماننا، هذا أيضا إلى شهادات كالإجازات المفتوحة فإن طالب العلم يشتري شهادة، بالمال ويصبح مدرساً بها، وهو ليس أهلاً لذلك، فمثل هذه الشهادة كالإجازة المفتوحة لا يستطيع طالب أن ينفع بها».
اجتهاده في الحديث وبيان محفوظه منه:
ليس للشيخ اجتهاد خاص في علم مصطلح الحديث، إنما يعمل بما سار عليه علماء الحديث المتأخرين وشرّاحه. وبخاصة الحفاظ المتأخرين من أمثال الحافظ ابن حجر العسقلاني والحافظ العراقي.
أما عن محفوظ الشيخ. فالشيخ من خلال عمله في مجال تحقيق الكتب مدة طويلة واهتمامه بعلم الحديث، يحفظ ما يقارب عشرة آلاف حديث. ويؤكد على جانب من الأهمية: أن سلامة المُعتَقَد شرطٌ معيناً، قد يميل ويتعصب إليه، فيؤثر عليه في منهجه من خلال تصحيحه وتحسينه وتضعيفه للحديث مثلاً.
و الشيخ عبد القادر يتمتع بحافظة قوية. يذكر عن نفسه أنه كان يحفظ خمسة أحاديث في فترة الاستراحة بين الحصص في زمن الدراسية الأكاديمية. فكان يتمتع بحافظة قوية –أدامها الله عليه–. و هذا معروفٌ عن الشيخ. فالشيخ حافِظٌ من الحُفّاظ، قَلَّ أن يُسأل عن حديثٍ إلا و يَسوْق لك مَتْنَهُ كاملاً. كم اندهشت من سُرعة استخراجه للحديث من الكتب. فإني كنت أجالس الشيخ في مكتبته العامرة، فيدخل عليه صنوف الناس ما بين سائِلٍ و مُستَرشِدٍ و مُتَحاكِمٍ إليه للإصلاح في أمور المنازعات –في الطلاق و غيره– فكان الشيخ موسوعةً في استخراج الحديث من مَظَانّه. يمُدّ يده إلى الكتاب، فيُخرج منه الحديث المسؤول عنه بسرعة عجيبة –حفظه الله–.
و كان كثيراً ما يُكرّر على طلبته مقولة بِشْر بن الحارث الحافي: «يا أصحاب الحديث، أدّوا زكاة الحديث». قالوا: «و ما زكاته؟». قال: «أن تعملوا من كل مِئتي حديثٍ، بخمسة أحاديث». و هذا الأثر أخرجه أبو نعيم في الحلية (8
337)، و الرافعي في التدوين (2
427) –و اللفظ له– و البيهقي في الشّعب (1805) و هو صحيح عنه. و لذلك كان الشيخ يشرح في بعض دروسه خمسة أحاديث في مجلسٍ واحد.
¥