تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إذا محاسنى اللاَّتى أٌدِلُّ بها عُدَّتْ عيوبَّا، فقل لى كيف أعتذرُ؟!

هذا، وقد طُبعت كتبٌ فى الرد على الشيخ الألبانى، بعضها يتعلَّقُ بالحديث، وبعضها يتعلَّقُ بالفقه، ويصحب النوعين تشغيبٌ كثيرٌ، فياليتهم قصروا كلامهم على الجانب العلمى حسب، اذن لظهر إنصافهم.

ولكن آلمنى وأزعجنى أن بعض هذه الكتب تجاوز أصحابها سبيل أهل العلم فى الرد بالتى هى أحسن، وكنت أحسُّ وأنا أقرؤها بحفيف أفعى تدبُّ خلف السطور، وكلما انحدرتُ مع أسطر الكتاب علا الصوت وظهر الضُباح، حتى إذا انتهيت من قراءة السطور فإذا:

كَشِيشُ أَفْعَى أجمَعَتْ لِعَضِّ

فَهِى تَحُكُّ بَعْضَها بِبَعْضِ

وهذا كله جزء من الحرب التى أشرت إليها قبل، وسميتها: ((حرب إسقاط الرموز)).

فلما رأيتُ الأمر كذلك عزمت على تصنيف كتاب يردُّ الحق إلى نصابه، أدفع به الظلم الواقع على الشيخ الجليل، واضعا نصب عينى حديث النبى صلى الله عليه وسلم: " انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، قيل كيف أنصره ظالما؟ قال: تحجزه عن

الظلم، فإن ذلك نصره ".

أخرجه البخارى والترمذى وأحمد من حديث أنس رضى الله عنه وسميت هذا الكتاب: ((الثمر الدانى فىالذب عن الألبانى)).

وقسمته إلى أربعة أقسام:

الأول: طليعة الثمر الدانى، وهو القسم الخاص بترجمة الشيخ، وكنت تلقيتها منه سماعًا، وقد تم هذا القسم بحمد الله تعالى.

الثانى: فهو محاكمةٌ بين الشيخ وخصومه فى علوم الحديث أصولاً وتخريجاً

الثالث: فهو محاكمة بين الشيخ وخصومه فى مسائل الفقه وأصوله.

الرابع: فهو ما وقع من الأغلاط فى كتب الشيخ فى التخريج والتعليل والتصحيف وما وقع لى مما لم يقف عليه الشيخ، ولم أستوعب لأن هذا ما وقع لى أثناء استفادتى من كتب الشيخ، فكنت أقف على الشىء بعد الشىء وكنت أراجع نفسى لعلمى بدقة الشيخ فى عمله، فكنت أتهم نفسى، وأعيد المراجعة، حتى إذا تأكدت أنه غلط دونته، وسأطلع الشيخ حفظه الله على هذا الجزء قبل طبعه، ليرى رأيه فيه.

وكان من أمرى أننى وضعت مقدمة لهذا الجزء الرابع، ذكرت فيها ما وقع لى من أوهام كبار العلماء فى كتبهم، وكان قصدى من هذا أن أقول: لم ينجُ أحد من الوهم مهما كان كبيرا فذا نسيج وحده، فيأيها الطاعنُ على الشيخ الألبانى لأنه أخطأ فى مسائل، دونك هؤلاء الفحول، قد وقع منهم ما ترى، فيلزمك الطعن فيهم، فإن اعتذرت عنهم بجوابٍ، فجوابنا فى الاعتذار عن الشيخ هو عين جوابك.

وما كان هدفى قطُّ أن أجمع زلات العلماء – حاشا لله – وما تعمدت

ذلك قطٌّ، بل هى أوهام جمعتها في أثناء بحثى وكنت أدونها عندى لأستفيدها إن جائت مناسبة لها، ولم يخطر ببالى أن أجمعها فى كتابٍ.

و إذا كان الخطأ من سمات بنى آدم، فأنا أولى به من كل من سميته فى كتابى هذا، ولا أبرئ نفسى من العثرة والذلة، ولكنى اجتهدت فى تحرى الحقِّ، ودرجت فى كل تعقباتى على ذكر عبارة ((رضى الله عنك)) إشارة إلى من تعقبته، لأعطى الناشئة مثلا فى التأدب مع العلماء، فإذا أخطأ الواحد منهم فقد أصاب أجراً واحداً، و? ما على المحسنين من سبيل ?، فكيف يلام من أصاب أجراً؟!

وهناك أمر آخر مهم نبهت عليه قبل ذلك فى كتابى ((بذل الإحسان بتقريب سنن النسائى أبى عبد الرحمن)) رددت به فرية لبعض الناس الذين ينكرون تعقب العلماء فى غلطاتهم ويعدونها غيبةً محرمةً.

وأرى من تمام الفائدة أن أذكر ما قلتُه هناك (2/ 6 – 9):

((ولو كان تبيين الخطأ من الصواب، يعد لونًا من الاغتياب، فلا نعلم أحداً من الناس إلا جانفه، وارتكبه وقارفه، وإنما هذا مذهب لبعض الخاملين، فهو بالرد قمينٌ، فإن مناقشة العلماء من السالفين أو المعاصرين فى بعض ما ذهبوا إليه ليس حطًّا عليهم، فضلاَّ عن أن يكون غيبةً محرمةً، وكيف يكون تعقبنا لكبراء شيوخنا وأئمتنا، وعلماء سلفنا طعنا عليهم وبهم ذكرنا، وبشعاعِ ضيائهم تبصرنا، وباقتفاء واضح رسومهم تميزنا، وبسلوك سبيلهم عن الهمج تحيزنا، بل من أنعم النظر وأعمل الفكر، وجد أن بيان ما أهملوا، وتسديد ما أغفلوا هو غاية الإحسان إليهم، فإن هؤلاء الأئمة يوم وضعوا الكتب، أو تكلموا فى العلم، إنما كانوا يريدون بيان وجه الحق، فإذا أخطأ الواحد منهم،كان هذا نقيض ما أحب وقصد، فالتنبيه على خطئه من

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير