وذاع صيته وصار مناراً يقصده طلاب العلم لينهلوا منه فكرة وعلمه وسمته من كل جانب وصوب فله طلاب من البصرة والزبير والأردن وفلسطين ناهيك عن طلابه البغداديين. فدرس الكتب السنة وموطأ مالك ومسند العشرة من مسند أحمد وشيئاً من المسانيد الأخرى، وكان حريصاً على تدريس المصطلح، وكان لا يرتضى من كتب المصطلح غير كتابي (معرفة علوم الحديث) للحاكم، و (الكفاية) للخطيب البغدادي، حدثنا بعض أهل محلته أنه رحمه الله كان لا يدرس أحدا حتى يدرسه كتاب (التوحيد الذي هو حق الله على العبيد) للإمام محمد بن عبد الوهاب، وأسلوبه مع طلابه يتسم بالاهتمام البالغ مع اعتناء بالتلميذ وشيء من شدة كي يحفظ الطالب الدرس ويفهمه لم يكن الطلبة حسب قاصدين علمه بل والعلماء أيضاً يتشرفون بمعرفته ومجلسه ويستفتونه في مسائل الحديث فكان من أجل أصحابه: العلامة الشيخ نعمان الأعظمي، والعلامة الشيخ حمدي الأعظمي والعلامة الشيخ محمد بن حمد العسافي والعلامة عبد اللطيف ثنيان وغيرهم، وكان مفتي بغداد العلامة الفقيه الأصولي قاسم أفندي القيسي يسأله عن مسائل في الحديث، كما التقى الشيخ عبد الكريم الصاعقة بشيوخ الجزيرة وكبار علماء نجد والحجاز الكرام أمثال العلامة الشيخ عبد اللطيف ال الشيخ والعلامة الشيخ سليمان بن سحمان النجدي والعلامة الشيخ عبد الله بن بليهد والعلامة الشيسخ محمد بن ابراهيم ال الشيخ رحمهم الله اجمعين
وقدر الله تعالى أن يأتي إليها العلامة المحدث الفقيه السني الشيخ الجليل تقي الدين الهلالي رحمه الله واستقر في جامع الدهان قرب محلة الأعظمية برصافة بغداد، فالتف حوله شباب الموحدين وامتلأ مجلسه بالوعظ والدعوة ونشر السنة ودرس كتاب مشكاة المصابيح للتبريزي وزاد المعاد وغيرهما وكان الشيخ الصاعقة يحضر عنده الجمع والعيدين وهو من أعز أقرانه وإخوانه. صار هذا المسجد فيما بعد منطلقاً لشرارة السنة ونصرة دين الحق.
وفي هذا المسجد وقعت قصة حدثني بها غير واحد من تلامذة الشيخ عبد الكريم الصاعقة رحمه الله فإنه لما كان الشيخ محمود الصواف مؤسس جماعة الأخوان المسلمين رحمه الله تعالى، وكان داعية إلى الدين في زمن المد الشيوعي والقومي والاتجاهات السياسية الأخرى التي ما انفكت تنشتر في البلد. ولكنه رحمه الله أَمرَ من كان عنده ممن يدرس الحديث الشريف عند الصاعقة أن يتركوا دراسة الحديث ولا يتمسكوا بمفاهيم (السنة والبدعة والحق والضلال) إلى غير ذلك من الترهات التي ما أنزل الله بها من سلطان -كذا-، فبلغ الأمر الشيخ الصاعقة، وفي صلاة عيد حضرها الشيخ الصاعقة في مسجد الدهان ذهب الصواف رحمه الله كي يصافح الصاعقة ويسلِّم عليه فصاح به أسد السنة بزئيره الصاعق ((لا سلام الله عليك يا عدو الوحيين! أتمنع الناس من قراءة حديث
رسول اللهصلى الله عليه وسلم؟))، وقال ((له أني أهجرك في الله)).
دعوته:
لقد عاش عبد الكريم الصاعقة على الدعوة إلى الله، وقد حدثني أحد أبناء محلة المهدية أنه عندما كان صغيراً وكان يرتاد مسجد المهدية كان عندما يسجد لا يضع رجليه على الأرض قال: وقد انتبه الشيخ لذلك فما أن صلى وأتم الصلاة قام خطيباً في الناس شارحاً لصفة صلاة النبيصلى الله عليه وسلم مورداً الأحاديث الشريفة في ذلك،
كما أنه ربى أشبالاً صاروا أسود السنة ودعاة التوحيد كما تربى على ذلك، فراح يزرع أزهار النبوة ورياحين الأثر. فأكثرهم في عقد الستينات يدعون في القرى والأرياف في المساجد والأماكن العامة والمقاهي، يدعون للتوحيد وفهمه وبيان الشرك وأهله. فمنهم من لازمه وقرأ عليه
فكان منهم: خليفته في الرواية العلامة محدث بغداد أبو عبد الرحمن السيد صبحي البدري البغدادي الذي لازمه وأتم قراءة أكثر الكتب عليه.
وكذا العلامة الشيخ الفقيه التقي الورع الداعية إلى الله عدنان بن عبد المجيد الطائي قارئ التجريد
ومنهم: العلامة الأستاذ الدكتور الشيخ عزت بن خليل العزيزي الأردني، وهو
ذو علم وفضل وأدب. وهو الآن عضو جمعية الصالحين في تحفيظ القران، وخطيب جامع
أبي قورة
ومنهم: الشيخ الداعية الشهيد في سبيل الله عبد الخالق عثمان مؤسس جماعة
جند الرحمن في البصرة والذي قتله المجرمون ورموه من شقته رحمه الله تعالى.
¥