تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[وفاة شيخنا الحافظ أبو حفص الجزائري رحمه الله]

ـ[ابو البراء]ــــــــ[12 - 03 - 04, 07:54 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على من لا نبيّ بعده. أما بعد

فإن المستفصح لحقيقة الدنيا والمتأمل لحال الحياة مع أهلها تنبلج له عن أفراح خلطت بأتراح وتتفسخ عن ترنم مزج بنياح فالسعد فيها لا يدوم كما أن القلب عن مصائبها لا يصوم، فهي على الفجائع مبنية وقصاراها كدر أو منية إذاً هي وعاء حوادث وظرف كوارث تنقلب فيها الأيام وتنصرف منها الأحوال فأيامها تحلى وتمر وأقدراها تسوء وتسر محن الحقيرة ضروب ولسان العبر بها خطيب يتذوق فيها الحر الأيام وصروفها ويتجرع الأرزاء وصنوفها ويشاهد الأنفس ومآلها ويلاحظ الأجسام واضمحلالها فيعتبر بعواري ما أسرع ارتجاعها ومنائح ما أقل مقادير إمتاعها فالحازم من وطّن لأحداثها وأيقن بانتكاثها إذ موهوبها إلى استلاب ومعمورها إلى خراب كالآل والسراب فهي ليست بدار قرار والعبد منها على شفا جرف هار لأنها جسر على طريق وعدو ولكنها بثياب صديق فكم فيها من ثنية يخرج من خلالها على المرء النوائب وكم حمىً للعبد ترتع فيه المصائب فرزاياها تتطرف وتتحيف ومناياها تستدرج وتتخطف إذ الموت عرف لا نكر وعوان لا بكر وإن من أعظم المصائب المعاصرة ما فقرت به الجزائر بادية وحاضرة تلك الرزية الشاملة والقاصمة النازلة، هي وفاة شيخنا العلامة وموت المحقق الفهامة الحافظ لأحاديث رسول الله عليه الصلاة و السلام إبراهيم الرحماني نصار المدعو أبو حفص الحراشي ليل الأربعاء في المستشفى بعد ساعات من إصابته بالرصاص في رأسه أثناء عودته من المسجد * بعد أن صلى الظهر * إلى منزله في حي الحراش في شرق العاصمة فيا عظم ما دهمت به الأيام وفجع فيه الإسلام فالديانة لابسة الحداد مفجوعة الفؤاد فواهاً لحشاشة العلم أرصدها الردى غوائله ويا أسفاً على بقية الصدع جر عليها الدهر نسأل الله تعالى أن يتقبله من الشهداء

كلاكله لقد طرقت نائبة هذا الموت وأصابت فاجعة هذا الكرب قطب الآمال ومدارها وهاجمت سناء الهمم ومنارها وكسرت تاج الرياسة وسوارها ألا فلتعلم

المصيبة أنها نزلت على زهرة الاسلام في الجزائر واستضافها مبين الحلال والحرام وأنشبت أظفارها في نفس هاتك حجب الجهالة وكاشف زيف الضلالة بحجج رواسخ كالجبال الشوامخ لقد صدع تجاه الحادث الملم وشارك في الأمر المهم فيظهر إقدامه إذا كان في الإقدام خطر ويبرز وقوفه إذا لجأ الفرسان إلى المفر بعد أن تأخر عن البيان الجمع الغفير بل نطق بالباطل الورد الكثير لقد رهب الشرك صولته وخاف العدو جولته وذل النفاق وطأته فكان رحمه الله السبب في نزول الكثير من الجبال و ذهاب الفتنة العمياء فكان منقطع النظير وكالىء هذا الدين أنار يوم دجت الخطوب وثار يوم عن الهبوب

فوالهفاً على من هذه بعض صفاته مؤبداً ويا أسفاً عليه مردداً أسفاً على لجة المواهب كيف سجرت ولشمس المعارف كيف كورت ويا لهفاً على هضبة العلم والحلم كيف زلزلت وحدة الذكاء قوة والفهم كيف فلّلت ماذا خطفت يد الحمام واصمت به سهام الأيام يا أيها الحمام أي سماء للعلا فطرت؟! وأي نجم للمنى كدرت؟! وأي بحر من الأسى سجرت؟! وأي عين للبكاء فجرت؟!

لقد كان شيخنا أبي حفص رحمه الله البقية التي عند الخطوب يؤنس ببقائها وعند الظلمة يعشى إلى أضوائها ففجأة إختلسته المنية، وفجعت به الدنيا الدنية فمن شأنها أن تذهب بالأفاضل ومن صفاتها التخييم على الأماثل.

يا موت! زيارتك للشيخ نازلة فاجئة وقدومك حادثة فاجعة جعلت الأيام تصيب من الأمة صميماً وتسلبها علقاً كريماً وتخطف أنساً عظيماً ولكنك الحُمام والموت الزؤم جعلنا الله منك على حذر ووفقنا قبلك لخير العمل وأصوب النظر. لقد وصلني خبر تجرع الإمام الحُمام وتشتت النظام وانصداع شمل الكرام فكأنما طعن ناعيه في كبدي وظعن باكيه بذخيرة خلدي فتصاممت عنه مستريحاً إلى المنى ثم عاجلته بالسؤال لعله يرتاب فأوقد لوعتي وأكد روعتي في هذا النبأ الذي تسلط فشرد غمضي ونعى بعضي إلى بعضي وأطبق سمائي على أرضي وكيف لا يرفع عني الملام وهو خبر يقض المضاجع ويسيل المدامع ذلك أنه فضيع خطب وارد وشنيع رزء وافد فإن حزن منه محزون فالعذر واضح وإن صبر المصاب فالأجر راجح لأنه

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير