تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

" وقد عيّن للنظر في ذلك لجنة من أعاظم علماء المشرقيات في أوربا، وكتب بذلك خطاً ملوكياً لبعض أعضائها، وستنظر اللجنة المذكورة ذلك الموضوع إلى آخر يناير سنة 1888م، فأيّ كتاب حكمت بأفضليته على الجميع، فصاحبه الجائزة المبينة في الأمر الملوكي، وهذه ترجمته ملخصاً:

" ولما كان جلّّ رغبتي منحصراً في نشر ما اشتملت عليه لغات الأمم الشرقية وتواريخها من المعارف، لما لها من الأهمية العظمى في تاريخ التمدن الإسلامي، وكان ذلك غير معروف تمام المعرفة، اعتمدت الإعلان بأني سأمنح من يؤلف أحسن تأليف في حالة تمدن العرب قبل الإسلام بألف وسبع مائة وسبع وثمانين فرنقاً، ونيشاناً ذهبياً قيمته ألف وأربع مئة وثلاثون فرنا تقريباً، وتكون صورتي منقوشة على إحدى صفحتيه وعلى الثانية اسم المؤلف الذي أخذ الجائزة واسم تأليفه المجزى عليه، وقد كانت العلماء الآتية أسماؤهم في تشكيل لجنة من أنفسهم للبحث فيما يقدم لها من التأليف في هذه الخصوص، وهم: والكونت لندبرج مع كونه عضواً في اللجنة المذكورة فهو كاتب أسرارها، وإذا طرأ على أحد الأعضاء ما يوجب تخلفه كأن أراد هو أن يؤلف كتاباً في هذا الموضوع، أو فجأة مانع آخر، فاللجنة تختار من تشاء بدله، وعليها أن تقدم لي قبل انتهاء سنة ألف وثمان مئة وثماني وثمانين بما رأته في المؤلفات المقدمة لها مع عرض اسم المؤلف الذي يمتاز بالجائزة" ([18]).

حرّر في قصر استكهلم في شهر يناير ك2 سنة 1886 موافقة 1302هـ.

تنبيه من اللجنة:

على المؤلف أن يستند في استخرجاته على الأشعار القديمة، وما تضمنه من ذلك الأحاديث النبوية والسير والتواريخ الصحيحة، والعهد القديم، وعليه أيضاً أن يقدم مؤلفه مطبوعاً أو غير مطبوع لقنصل دولة السويد والنرويج في البلد الذي هو به، ويطلب منه إرساله إلى الكونت كرلو لندبرج بالعنوان المحرر أدناه.

فيا رجال الأدب، وعلماء العرب، نبهوا أقلامكم من الرقود، وانشروا لهذا الأثر مطويّ البنود، وكيف، وأنتم أبطال المعارف، تتقاعسون؟ وفي ذلك فليتنافس المتنافسون " ([19]).

قال الأستاذ الأثري:

" وحين تلقى الألوسي الشاب هذه الدعوة، وتأملها، أعجبه المطلب المقترح غاية الإعجاب، ونقر منه وتر عصبيته للعرب لكنه تردد في باديء الأمر في التصديّ لتأليف الكتاب، لأمر واحد قام في ذهنه، هو ملاحظة أن يظن به الطمع في جائزة الكتاب، وما في نفسه الكبيرة غير الترفع والزهد، غير أن خلصائه كما يقول صرفوه عن تخيل هذا الخاطر، وشوَّقوه إلى وضع هذا الكتاب، لأن إعلاء شأن العرب لا يمنعه مانع، ولا يقوم في تركه سبب، فانصاع لرأيهم، وعكف على تأليف كتابه: (بلوغ الأرب في أحوال العرب) خلال المدة المحددة في كتاب التكليف، مراعياً الشروط السابقة مع زيادات لم تكن بالحسبان، حتى استوى له في أقصر مدة ثلاث مجلدات، فرغ من تسويدها في غُرة جمادى الآخرة سنة 1304هـ، وقدَّم الكتاب إلى اللجنة المذكورة ومعه هذه الرسالة ([20]):

بسم الله خير الأسماء

" إن ما طلبه الملك المعظَّم بين الملوك، والسالك في تدبير أمر رعيته أحسن سلوك، السابقُ في ميدان المعالي جوادُ همته، والفاتكُ بالسمهريات العوالي ماضي عزيمته، الذي اقتص من عوادي الأيًّام ما جنته على الكمال من العطب، وافتضَّ بسوادِ الأقلام أبكار الأفكار من غواني الأدب، وهو أن يؤلفَ له كتاب، ببديع خطاب، يشتملُ على جميل أحوال العرب، وبيانِ ما كانوا عليه قبل أن يكشف نورُ بدرِ الإسلام عنهم الغيهب، فقد اتبعت ما رسم وانتهيت إلى ما قصدَ ويمم حيث لم أجد لي عذراً في الوقوف دون غرضه، ولا ما يسهّل على الإخلال بكلِّ ما رامه ولا ببعضه، لما أنّ وليّ أمرِنا ـ أيَّد الله تعالى دولتَه، وأعلى في الخافقين صيته، وسطوته ـ قد أحسنَ متاع العلم وأعزَّ أهله، وما زال مأوى لهم وله، إن أظلمَ شِقٌ منه كان لهم فيه سراجاً، أو طُمِسَ منارٌ له وجدناه إليه منهاجاً؛ أو قعد غيره عنه قام بأعبائه، مراميا عن حوزته من أمامه وورائه، متقيّلاً آثار أسلافه الغرّ الأطايب، الذين خصّهم الله تعالى بأرفع المراتب، وانتضاهم من سلالة النجباء، والنجائب، فاستوجب مرعى ذممه، ووكيد عصمه، أن يفيضَ معروفُه على كلِّ سائل، ويصب نائله لجميع الساحات والمحافل، فبادرت في الحال، لإنجاز ذلك المطلوب البديع المنوال، فحرّرت ما حررّت،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير