ـ[السحب الوابلة]ــــــــ[26 - 11 - 04, 03:46 م]ـ
أسأل الله أن يغفر له ويرحمه ويبدله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهله، وأن يجعل كتابه في عليين وأن يرفعه درجات في جنات النعيم.
وإليكم ترجمة للشيخ المحدث نقلتها لكم من الأخ أبي الخطاب العوضي من ملتقى أهل القرآن والذي نقلها من الملتقى العلمي
فضيلة الشيخ عبد القادر الأرناؤوط، نبذة موجزة عن حياتكم وبداية طلبكم للعلم منذ قدومكم إلى دمشق وحتى الآن.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فإني أنا العبد الفقير إلى الله تعالى العلي القدير عبد القادر الأرناؤوط، أصل ولادتي في كوسوفا، وجئت مع والدي إلى دمشق وأنا صغير السن، كان عمري ثلاث سنوات تقريبا فقط، وطبعا في السنة الأولى تعلمنا شيئا من اللغة العربية، ثم دخلت مدرسة ابتدائية، وكان هناك مدرسة اسمها: مدرسة الأدب الإسلامي، وكان مديرها الشيخ أمين الحنفي؛ توفي منذ زمن رحمه الله، ولكن درست فيها سنة واحدة، ثم نقلوني إلى مدرسة أخرى ابتدائية اسمها مدرسة الإسعاف الخيري، فدرست فيها إلى الصف الخامس، وكان في ذلك الوقت الذي يتخرج من الصف الخامس يأخذ شهادة ابتدائية كانوا يسمونها (سرتفيكا) باللغة الفرنسية، فأنا ما أخذت شهادات مدرسية ولا درست دراسة أكاديمية، وإنما أخذت هذه الشهادة الابتدائية فقط.
لكن في ذلك الوقت كان عندنا شيخ في المدرسة الابتدائية، رجل أصله من المغرب اسمه الشيخ صبحي العطار، كان يعلمنا القرآن الكريم وتجويده، ويعلمنا الفقه، فاستفاد منه كثير من الناس، وأنا في جملة من استفاد منه، رحمه الله.
بعد ذلك اشتغلت عند رجل كان أزهريا في الأصل؛ درس في الأزهر وتخرج من الأزهر، وجاء إلى الشام، أصله من التلّ: الشيخ سعيد الأحمر رحمه الله، فكان يشتغل ساعاتيا قريبا من الجامع الأُموي، بمنطقة اسمها المسكيّة، وكان كلها مكتبات، وفيها بعض دكاكين الساعتية، فوالدي رحمه الله لا يعرف اللغة العربية، لمّا رأى هذا الشيخ بعمامة بيضاء ولحية سوداء وجبة، وهو يشتغل ساعاتي، قال له: هل تشغل هذا الولد عندك؟ فقال له: من أين أنت؟ فقال: من كوسوفا، يعني في يوغوسلافيا. فقال له: قد جاءني رجل من حرستا وعرض عليّ خمس ليرات ذهبية عثمانية على أن أعلم ولده، وأبيت، ومع ذلك باعتبار أنك غريب وولدك غريب؛ دعه عندي، وإن شاء الله سأعلمه هذه الصنعة.
وهذا الرجل في الحقيقة جاء في اليوم الثاني من الذي أتيت إليه فيه إلى الدكان أولا أعطاني مصحفا من القرآن الكريم، وقال لي: اقرأ يا بنيّ شيء من القرآن، فقرأت، فقال لي: أنت أين قرأت القرآن؟ فقلت له: قرأت القرآن عند الشيخ صبحي العطار رحمه الله. قال: قراءتك جيدة، وتجويدك جيد والحمد لله! ثم سألني عن شيء من علم الصرف، فقال: هل قرأت شيئا في علم الصرف؟ فقلت: قرأت عند الشيخ سليمان غاوجي الألباني –وكان هذا الشيخ رحمه الله جارا لنا في تلك الأيام في منطقة اسمها الديوانية في دمشق. قال لي: اصرِف لي باب نَصَر. وكان الأتراك والألبان وغيرهم دائما يبدؤون بباب نصر؛ تفاؤلا بالنصر، فقلت: نَصر ينصُر نصرا فهو ناصر ذاك منصور لم ينصر لمّا ينصر لِيَنْصر اُنصر لا تنصُر نُصير نصّار ما أنصره أنصِر به. قال لي: ما شاء الله! إذا تعرف الصرف. ثم طلب مني أن أعرب جملة من كتاب للكفراوي في النحو، فأعربتها له، وسُرّ مني، وكان ذلك في يوم من رمضان، فقال لي: من يجب عليه الصيام، ومن لا يجب؟ كنت أحفظ بيتين من الشعر في الفقه من الشيخ صبحي العطار، فقلت له:
عوارضُ الصوم التي قد يُغتفرْ ... للمرء فيها الفطرُ تسعٌ تُستطرْ
حبَلٌ وإرضاعٌ وإكراهٌ سَفَرْ ... مرضٌ جهادٌ جُوعُهُ عَطَشٌ كِبَرْ
فطلب مني أن أبين له هذه الأمور التسعة ما هي؟ فبينتها له، فقال: يا بني أنت يجب أن تكون طالب علم.
فأخذني إلى الجامع الأُموي، وكانت هناك حلقات علمية، كالشيخ صالح فُرفور وتلامذته، فقال لأحد التلامذة، وهو الشيخ عبد الرزاق الحلبي: ضعوا هذا الشاب معكم في الحلقات العلمية، وبدأنا ودرست على هؤلاء المشايخ ..
¥