تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن أرادَ الوقوفَ على ترجمتهِ، فلْيُراجعْ كِتابَ " الوسيطِ في تراجم ِ أدباءِ شنقيطَ "، وهو مطبوعٌ مُتداولٌ.

ومن عجائبِ ما يُذكرُ عن والدهِ، ما حدّثني بهِ شيخي مُحمّدٌ نقلاً عن شيخِنا الإمام ِ: مُحمّدٍ العُثيمين ِ – برّدَ الله مضجعهُ – أنَّ والدهُ كانَ يحفظُ كتابَ " البدايةِ والنهايةِ " للإمام ِ ابن ِ كثير ٍ – رحمهُ اللهُ – كاملاً، وقد كرّرَ شيخُنا نقلَ هذا الكلام ِ غيرَ مرّةً، وأخبرني الشيخُ أنَّ والدهُ كانَ من كِبارِ الضابطينِ لعلمِ التأريخ ِ والنّسبِ، وذكرَ شيئاً من ذلكَ أيضاً العلاّمةُ: بكرُ بنُ عبدِ اللهِ أبو زيدٍ – شفاهُ اللهُ ومتّعهُ بالعافيةِ -، في كتابهِ " طبقاتُ النسّابينَ " وغيرهُ.

ومن فضائلهِ – أعني والدهُ - جلَدهُ وصبرهُ، فقد أوتيَ صبراً عظيماً على ما ابتلاهُ اللهُ بهِ من الأمراض ِ وتقلّبِ الأحوال ِ، وبقدر ِ ما كانَ يعظمُ بهِ البلاءُ ويشتدُّ عليهِ الكربُ، كانَ يزدادُ في الثباتِ صبراً واحتساباً، من ذلكَ أنّهُ كانَ لا يكرهُ البنج والمخدّرَ في الجراحةِ، فحصلَ عليهِ حادثٌ اقتضى جراحة ً فامتنعَ من قبول ِ البنج ِ، وأجريتْ لهُ العمليّة ُ وخيطتْ جلدة ُ رأسهُ وهو في كامل ِ وعيهِ، ولم يزدْ على أنْ كانَ يذكرُ اللهَ تعالى، ولهُ في هذا أخبارٌ عجيبة ٌ، ذكرها شيخُنا في دروسِهِ ومحاضراتهِ، وأتى على شيءٍ منها العلاّمةُ: مُحمّدٌ المجذوبُ – رحمهُ اللهُ – في كتابهِ " علماءُ ومفكّرونَ عرفتهم "، في جزءهِ الثالثِ، فلْيُراجعْهُ من أرادَ الوقوفَ على ذلكَ.

وُلدَ شيخُنا في المدينةِ النبويّةِ سنةَ 1381 هـ، كما حدّثني بذلكَ، ودرسَ فيها دراستهُ النظاميّةَ، وأكملَ الدراسةَ المتوسّطةَ والثانويّةَ في معاهدِ الجامعةِ الإسلاميّةِ التابعةِ لها، ثمَّ أكملَ دراستهُ الجامعيّة َ في الجامعةِ الإسلاميّةِ، في كلّيةِ الشريعةِ، وتخرّجَ منها، ثُمَّ عُيّنَ بها معيداً، وحضّرَ رسالتهُ الماجستيرَ فيها، وكانَ عنوانُ رسالتهِ " القدحُ في البيّنةِ في القضاءِ "، ولم تطبعْ بعدُ، ثُمَّ حضّرَ رسالتهُ في الدكتوراه، وكانَ ينوي ابتداءً أن تكونَ في تحقيق ِ جزءٍ من كتابِ الإمام ِ ابن ِ عبدِ البرِّ – رحمهُ اللهُ – " الاستذكارُ "، ثمَّ عدلَ بعدَ مشورةٍ لبعض ِ مشايخهِ إلى أن تكونَ رسالتهُ في الجراحةِ وأحكامِها، فاختارَ ذلكَ الموضوعَ، وكانتْ أطروحتهُ بعنوان ِ " أحكامُ الجراحةِ الطبيّةِ والآثارُ المُترتبة ُ عليها "، وقد أجيزتْ بمرتبةِ الشرفِ الأولى، مع التوصيةِ بالطبع ِ، وطبعتْ مراراً، وأخذَ شيخُنا عليها جائزة َ المدينةِ المنوّرةِ للبحثِ العلميِّ.

هذهُ نبذة ٌ يسيرةٌ عن مولدِ الشيخ ِ ودراستهِ وشهاداتِهِ.

أمّا عن علمهِ وفضلهِ وديانتهِ، فهذا أمرٌ علمهُ جميعُ من عرفَ الشيخَ أو بلغهُ خبرهُ، واستقرَّ في نفوسهم، لما سمعوهُ من علمهِ ووقفوا عليهِ من فضلهِ وآثار ِ صلاحهِ، فالشيخُ لهُ منظرٌ يُنبئُ عن مخبرهِ، فلا يراهُ أحدٌ إلا ويذكرُ اللهَ تعالى، فوجههُ وضيءٌ، طلقُ المُحيّا، مبتسمُ الثغر ِ، ناتئُ الجبهةِ وبها أثرٌ للسجودِ، وأسنانهُ بها فلجة ٌ زيّنتْ طلعتهُ، وسيما الصلاح ِ وآثارُ الهُدى تتقاطرُ من حال ِ الشيخ ِ وهديهِ وسمتهِ.

حينَ الحديثِ عن علمهِ ووفرتهِ، فإنَّ الأمرَ لا يحتاجُ إلى كبير ِ برهان ٍ أو تأكيدٍ، فمن سمِعَ دروسَ الشيخ ِ أو محاضراتِهِ، علِمَ حقّاً غزارة َ محفوظهِ، ودقّة َ فهمهِ، وكثرة َ اطّلاعهِ، وسعة َ مواردهِ، فقد درسَ الشيخُ الفقهَ والحديثَ والتفسيرَ على والدهِ مِراراً، ومن جملةِ ما قرأهُ: الكتبَ الستّة َ وتفسيرَ القرءان ِ مِراراً، إضافة ً إلى عشراتِ المتون ِ في الفقهِ وأصولهِ وأصول ِ الحديثِ والعقيدةِ وغيرِها، ولهُ دِراية ٌ عجيبة ٌ بمذاهبِ الفقهاءِ وأقوالِهم، فهو يستحضرُ كِتابَ " بدايةِ المُجتهدِ ونهايةِ المُقتصدِ " لابن ِ رُشدٍ الحفيدِ، ولا تكادُ تمرُّ مسألة ٌ إلا ويذكرُ فيها أقوالَ أهل ِ العلم ِ ومذاهبَهم وأدلّتهم، ثُمَّ لا يكتفي بذلكَ فحسب، وإنّما يُرصّعُ البحثَ بالترجيح ِ والموازنةِ بينَ الأقوال ِ، بطريقةٍ تدلُّ على فقه النفس ِ، وشيخُنا وإنْ كانَ على طريقةِ المالكيّةِ في التقرير ِ والتفريع ِ، إلا أنّهُ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير