وبعد تخرجه من المدرسة، عمل في حيّ يهودي في القدس اسمه (محنا يهوده) حتى يكفل عيشه، لكنه لم يستمر في ذلك حيث لاحظ على نفسه أنه بدأ ينسى حفظه للقران،وكان والده يوصيه بأن يحرص على كتاب الله ولاينساه. فترك هذه المهنة ووظّف في تلك الفترة مؤذنا في المسجد الأقصى على مئذنة باب الأسباط الشمالية، وكان ذلك في عام 1941 م.
وفي نفس هذا العام في شهر رمضان حضر الى المسجد الأقصى الشيخ منصور الشامي الدمنهوري والشيخ محمود محمود هاشم من مصر للقراءة فيه في شهر رمضان، فالتقى بهما الشيخ سعيد فوجهوه وشجعوه بأن يذهب الى مصر لتعلم القران و القراءات.
رحلته الى مصر لتعلّم القران والقراءات:
بعد ذلك سافر الشيخ سعيد الى مصر، حيث مرّ في طريقه على عدّة مدن، بدأت من القدس الى الخليل الى غزة الى خان يونس و كان ذلك بالباصات، ومن خان يونس أراد أن يركب القطار للسفر لمصر لكنه كان لا يحمل جوازا للسفر، ولذلك أنزل الشيخ سعيد من القطار على حدود رفح، وفي منطقة رفح تعرف الشيخ على شخص مصري ضرير له خبرة بالطريق، فسافر معه الشيخ سعيد الى القاهرة مشيا على الأقدام من رفح الى القنطرة وتقدر المسافةب142 كم.
وكانت الرحلة بالمشي على السكة الحديدية للقطار … وفي أثناء الرحلة قبل العريش وعند نقطة تسمى نقطة الشيخ زويّد جاء القطار على هذه السكة فهرب الشيخ سعيد وصاحبه الى جوانب السكة فوقعا وأصيب الشيخ سعيد ببعض الاصابات البسيطة ومرض على اثر ذلك أيضا، فعند وصولهما للعريش مكثا أسبوعا في مسجدها حتى استرد عافيته واكملا بعد ذلك رحلتهما الى القنطرة. حيث وصلا لها في خلال أربعة عشر يوما،ثم ركبا العبارة لعبور البحر، وبعد هذا السفر الشاق وصلا الى القاهرة. وكان ذلك عام 1942 م.
ثم دخل الشيخ سعيد الأزهر وسكن رواق الشام، وكان شيخ الرواق الشيخ عيسى منّون -رحمه الله - حيث خصص للشيخ سعيد ستين قرشا في الشهر ورغيفين خبز وسكنا في السكن الداخلي للطلاب، وفي تلك الفترة سأل الشيخ سعيد عن مشايخ يعلمون القراءات فأرشد الى شيخ في شبرا القاهرة في مسجد الخازندار، وهو الشيخ محمد بن عبد النبي بن عبد اللطيف الرّهاوي.
وكان الشيخ سعيد يحضر حلقات العلم من الصباح الى الظهر في الأزهر، وبعد العصر يذهب الى الشيخ الرهاوي ليقرأ عليه الى بعد المغرب، وبعد ذلك يرجع الى رواق الشام في الأزهر. ودرس الشيخ سعيد في حلقات الأزهر متون العربية والفقه والحديث مثل الألفية والآجرومية وغير ذلك من العلوم الشرعية.
ومكث الشيخ سعيد في مصر أربع سنوات من عام1942 م الى1947م، حيث قرأ على شيخه الرهاوي القراءات العشر الكبرى من طريق طيبة النشر لابن الجزري حفظا وشرحا وأجازه بذلك.وأجازه بعد ذلك في القاءات العشر الصغرى
وفي فترة وجوده في مصر لم يلتق بغير شيخه الرهاوي من شيوخ القراءات، لكنه بعد ختمه عند شيخه التقى وتعرف على الشيخ عامر بن السيد عثمان، والشيخ عثمان سليمان مراد لكنه لم يقرأ عليهما.
رحلته الى بيروت:
بعد ذلك رجع الشيخ سعيد الى بلدته عنبتا بفلسطين، لكنه لم يطب له المقام فيها، فرحل الى القدس فلم تتيسر له وظيفة فيها، فخرج منها الى عمان ومن عمان الى دمشق.
وفي دمشق عمل الشيخ سعيد قارئا للقرآن. ومن المشايخ الذين قابلهم في دمشق، القارئ الجامع محمد بن أحمد السطل اليافاوي، والشيخ داوود النابلسي، والشيخ محمد علي الحلبي الذي قرأ على الشيخ محمد الحلواني من طريق الشاطبية والدرة.
ومكث الشيخ سعيد قي دمشق شهرين فقط، حيث رحل بعدها الى بيروت، وهناك التقى وتعرف الى الشيخ توفيق خالد مفتي لبنان في زمنه. وكان الشيخ توفيق - رحمه الله - قد أكرم الشيخ سعيد كثيرا، ووظفه في بيروت في أحد المساجد مؤذنا واماما وقارئا للسورة في يوم الجمعة ومدرسا للقرآن الكريم.
وكان الشيخ سعيد صاحب صوت جميل، وكان يذهب صباح كل جمعة للافطار عند الشيخ توفيق هو والشيخ المقرئ محمد صلاح الدين كبّارة من طرابلس والشيخ عبدالرؤوف الكبّة، حيث يقرؤون عنده القرآن من السابعة الى الثامنة، ثمّ يفطرون.
وفي فترة اقامته في بيروت في عام 1948 م تزوّج زواجه الأوّل، ثمّ في عام 1957 م تزوّج للمرّة الثانية. وله من الأولاد أربعة ذكور و ثلاث اناث.
وفي فترة وجوده في لبنان التقى بشيخه الرّهاوي، وقرأ عليه قراءة الامام نافع من طريق الشاطبية، على ما جاء في منظومتي الشيخ المتولّي والشيخ الضّبّاع وأجازه بها. وكان الشيخ سعيد يودّ أن يقرأ على شيخه الرّهاوي الأربعة الشّواذ لكن الظروف لم تتيسر له.
وبقي الشيخ سعيد في بيروت ثمانية وعشرين عاما أي من سنة 1947 م الى 1975 م. بعد ذلك رحل الشيخ الى عمان، ووظّف في وزارة الأوقاف مفتشا على دور القرآن الكريم بعمان، وبعد ذلك انتقل الى مدينة الزرقاء، وعيّن اماما لمسجد عبدالله بن أم مكتوم في منطقة الرّصيفة من عام 1975 م الى1997 م.
وبدأ الشيخ سعيد عمله في مسجده بانشاء دار القرآن الكريم، وبدأ يعلم القرآن ويحفظه لطلابه.
تلاميذ الشيخ سعيد:
أخذ القراءات والتجويد عنه خلق كثير من أبرزهم الشيخ الدكتور حاتم بن عبدالرحيم بن جلال التميمي حيث قرأ عليه العشر الكبرى من طيبة النشر وأجازه بها في عام 1993م وهو الان في الخليل يقرئ ويعلم القرآن. وغيره من التلاميذ الذين قرؤوا قراءات منفردة او رواية واحدة وحفظوا القرآن عليه.
مؤلفاته:
فللشيخ منظومة تعرف باسم "حلية القراء في فن التجويد والأداء" شرحها أحد تلاميذه وأسماها بزينة الأداء وهي مطبوعة بدار الفرقان في عمان.
وفاته:
كانت في صباح يوم الخميس 29 - ربيعالاول-1419 - هـ الموافق 23 - 7 - 1998 - م.
رحمه الله رحمة واسعة
¥