وما اغتراري بأهل الأرض لو مدحوا * وفي السماوات ذكري لستُ أدريهِ
إيَّاكموا أنْ تُعيدوا مثلها أبداً * فاستقبل النُّصحَ مِنِّي حيثُ أُمليهِ
فجزاه الله خيراً على خُلقه الرَّفيع وأدبهِ العالي، ووفَّقه الله إلى المعالي.
(11) وفاته -رحمه الله-:
قال الشاعر:
متى يمتْ عالمٌ منها يمتْ طرفْ * و إنْ أبى عاد في أكنافها التَّلفْ
الأرض تحيا إذا ما عاش عالمُها * كالأرض تحيا إذا ما الغَيْثُ حلَّ بِها
[ذكره الشّيخ عبد السّلام -رحمه الله- في شريط ’’من هم العلماء؟ ‘‘ الوجه الأوّل.]
تُوفيّ الشّيخ عبد السّلام بن برجس -رحمه الله- مساء يوم الجمعة 12 صفر 1425هـ، وهذا في حادث سيارةٍ إثر ارتطامه بأحد الجمال السائبة في طريق عودته إلى الرياض قادماً إليها من الإحساء؛ حيث كان قد ألقى فيها محاضرة، وقد شهد من قام بمحاولة إسعافه أن آخر كلامهِ كان (لا إله إلا الله) فرحمه الله رحمةً واسعةً. وكان عُمره حين وفاته -رحمه الله- (38) سنة، وإلى هذا أشار الشّيخ علي الحلبي -سدّده الله- في مرثيّته بقوله:
تِلكم عقودٌ أربعٌ لم تكتملْ ... عدد السنين إلى ملا أكفانهِ
وصليت عليه صلاة الجنازة في مسجد الإمام تركي (الديرة سابقاً) بعد عصر يوم السّبت وكان إمام الصّلاة شيخه سماحة الشّيخ المفتي العام عبد العزيز آل الشّيخ -حفظه الله-. وقد دُفن بمقبرة العود بالرياض، وحضرَ جنازته الجمُّ الغفير من النّاس، وعلى رأسهم العلماء وطلبة العلم. وأقام كذلك الشّيخ أحمد بن يحيى النّجمي -حفظه الله- صلاة الغائب عليه بعد صلاة العشاء لما للشّيخ عبد السلام -رحمه الله- من المكانةٍ والمنزلةٍ عند الشّيخ النّجمي -حفظه الله-.
وقد اجتمع للشّيخ -رحمه الله- أكثر من علامةٍ من علاماتِ حُسن الخاتمة -ولله الحمد والمنِّة- ويكفي أنّه مات على الإسلام والسّنّة، قال الإمام عون بن عبد الله -رحمه الله-: "من مات على الإسلام والسّنّة؛ فله بشيرٌ بكلِّ خيرٍ"، وقال الإمام الفضيل بن عياض -رحمه الله-: "طوبى لمن مات على الإسلام والسّنّة". نحسبه كذلك والله حسيبه ولا نُزكِّي على الله أحداً.
(12) ثناء أهل العلم عليه وبعض ما قيل عنه بعد وفاته -رحمه الله-:
قال الشَّاعر:
وإذا الكريم مَضى وولَّى عُمره ... كَفل الثَّناءُ له بعُمرٍ ثانِ
والشَّيخ عبد السّلام -رحمه الله- من كبار طلبة العلم المُبرِّزين في هذا العصر، فلا عجب أن يُثني عليه كبار أهل العلم وطلبته، فكما قيل: "لا يَعرِفُ الفضل لأهل الفضل إلا ذوو الفضل"، بل لا أَعرف سلفياًّ إلاَّ وهو يُثني عليه، وعلى عِلمه خيراً.
قال الأخ الفاضل هاني الحارثي -وفَّقه الله-: "والشَّيخ عبد السّلام معروفٌ لدى علماء هذه البلاد المباركة ومشايخها، يشهد لهذا كثرة العلماء والمشايخ الذين حضروا للصَّلاة عليه، ولقد سمعتُ عدداً من المشايخ والفضلاء يقول: "لقد فاق علم الشَّيخ عبد السّلام سِنَّه."، ولقد قيل: "لو عُمِّر لكان آيةً"، ولقد رأيت الكثير من العلماء وطلاّب العلم متأثِّرين من فَقْدِه، فلقد كان مدافعاً عن السّنّة، منافحاً عنها بنفسه وقلمه وماله"، وذكر كذلك أن الشيخ فقيه الزمان محمّد بن صالح العثيمين -رحمه الله- كان يُجلِّه كثيراً، فرحمهما الله جميعاً وغفرَ لهُما ولنا معهما، آمين.
وكذلك الشَّيخ العلاّمة أحمد بن يحيي النّجميّ -حفظه الله- مِمَّن يُثني عليه خيراً، وما كان منه حين بلغَه خبرَ وفاةِ الشَّيخ -رحمه الله- إلاّ أن أقام صلاةَ الغائبِ عليه؛ وهذا -ولا ريب- دليلٌ واضحٌ وصريحٌ على المكانة الرَّفيعة، والمنزلة العالية، التي كان يتبوؤُّها -رحمه الله- لدى الشَّيخ أحمد النّجمي -حفظه الله-؛ كيف لا وهو أحدُ تلاميذه؟، بل كان آخر شيخٍ يقرأ عليه الشّيخ عبد السّلام قبل وفاتِه -رحمه الله-.
¥