تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وفي سنة 1410هـ/1990م انتقل إلى جامعة محمد الخامس بالرباط لتسجيل أطروحة العالمية العالية (الدكتوراه)، ثمَّ حوَّلها - بعد مُدَّةٍ من الزمان - إلى الجزائر فكانت أول رسالة دكتوراه دولة نوقشت بالجزائر العاصمة في كلية العلوم الإسلامية وذلك سنة 1417هـ/ 1997م.

ولا يزال إلى يوم الناس هذا مُدَرِّسا بهذه الكلية، مُسَخِّراً وقتَه وجُهدَه لنشر العلم ونفع الناس و الإجابة عن أسئلتهم، ولم تكن الكلية منبره العلمي والتربوي الوحيد في الدعوة إلى الله تعالى، بل كانت المساجد محطة علمية توافد عليها جموع طلبة العلم من كل الجهات، فأتم شرح روضة الناضر لابن قدامة المقدسي في علم الأصول بمسجد الهداية بالقبة (العاصمة) كما أتم شرحه على مبادئ الأصول لابن باديس بمسجد الفتح بباب الوادي (العاصمة)، ودرّس القواعد الفقهية بمسجد أحمد حفيظ ببلكور (العاصمة)، كما شرح رسائل لمشايخ الدعوة السلفية، وأجاب عن عدة أسئلة في مختلف العلوم والفنون وقد جمعت له في أشرطة وأقراص علمية. نسأله تعالى أن يُقَوِّيه على طاعته وأن يجعل ذلك في ميزان حسناته يوم لا ينفع مال و لا بنون إلاّ من أتى اللهَ بقلب سليم.

4. صفاته الخَلقية والخُلقية:

من نِعَمِ الله تعالى على الشيخ أن وَهَبَه بسطة في العلم والجسم، فقد رُزِق قوةً جسمية وكمال هيئة وحُسنَ سَمْتٍ وجَمال وجهٍ ومظهر، وأتاه الله تعالى هيبة ووقارا، يحترمه الموالف والمخالف، وهو قريب الشَّبَهِ في شكله و صورتِه وصَوتِه بالشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله، كما شهد بذلك من رآهما.

وكُلُّ من خالطه واقترب منه عَلِمَ أنه عَلَمٌ في الفضيلة وكرمِ الخِلال ودماثة الأخلاق، سَهْلُ الجانب، كريمُ النفس، واسع الإيثار، حَسَنُ الألفة والمعاشرة، متين الحرمة، عالي الهِمَّة، كثير التحمُّل واسع الصدر للمخالف على جانب كبير من التواضع، نحسبه كذلك والله حسيبه ولا نزكي على الله أحداً.

ومن أبرز المعالم في شخصية الشيخ حفظه الله تعالى:

أ- حُسن قصده وسلامة طويَّته ومحبته لنفع الناس عامة وطلبة العلم خاصة، فلا تخلو صلاة من الصلوات الخمس إلاّ ومعه طائفة من السائلين والمستفيدين يقف معهم الساعة والساعتين يجيبُ هذا ويوَجِّه ذاك وينصح الثالث، وهكذا مع هدوء الطبع وسداد الرأي وعدم التبرُّم.

وقد حدَّثنا يوماً عن طلبه للعلم بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية فكان مما قاله:"كنت إذا استفدتُ فائدة فرحت بها فرحاً عظيما وتمنيتُ لو استطعت أن أطير بها إلى الجزائر لأبلِّغها للناس ثم أرجع إلى المدينة".

فإذا كان المرء يحمل في نفسه هَمَّ الدعوة إلى الله وتبليغ الإسلام الصحيح إلى الناس، فإن علمه يثبت في صدره ولا يتفلت منه غالبا لنُبل مقصده وحسن نيَّته، خلافا لمن يحفظ للامتحانات أو لأغراض أخرى دنيوية، فإنَّ حفظه في الغالب يزول بزوال الغرض الذي حفظه من أجله.

ب- دفاعه عن العقيدة السلفية و ذبُّه عن حياض السنة بأسلوب حكيم وطريقة مثلى، عملا بقوله تعالى ? ادْعُ إِلَى سَبِيْلِ رَبِِّكَ بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالّتِي هِيَ أَحْسَنُ إنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالُمهْتَدِينَ? [النحل 125]، فهو لا يداهن في مسائل التوحيد ولا يتنازل عن قضايا العقيدة، ويعرض قولَه بأسلوب علمي حكيم واضح مجتنبا مذهب الفظاظة في القول مما لم يأذن به الشارع، لأنَّ طريقة السِّباب والشتم في المجادلة يُحسنها كل أحد ولا يسلكها إلا العاجز عن إقامة الحجة ومن ضاق عطنُه عن بيان المحجَّة، فالذي ينبغي على الداعية الحرص على هداية الناس وإيصال الحق إليهم بطريقة شرعية تقبلها القلوب ولا تنفر منها الطباع، وأما من حاد عن السبيل وطعن في نحر الدليل، ففي قوارع التنزيل والألفاظ الشرعية ما يزجره ويردعه، ولله درُّ العلامة المعلمي حيث قال:"وفي النكاية العلمية كفاية إن كانت النكاية مقصودة لذاتها".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير