هنا لا بد من التنبيه على أن الفاعل في النحو هو الفاعل الاصطلاحي، مع أنه قد لا يكون فاعلا في الحقيقة؛ وكذا شأن المفعول به.
فمثلا: لو قلت: "مرض زيد" أو "مات زيد" فـ "زيد" فاعل عند النحاة مع أنه لم يفعل شيئا بل إنما حلّ به من غير اختياره.
وكذا: "لم يقم زيد" فـ "زيد" فاعل في الإعراب، مع أن الفعل نُفي عنه.
وفي المفعول به، تقول: "ما ضربتُ زيدا" فتعرب "زيدا" مفعولا به مع أنه لم يُفعل به شيء، وكذا "بنيت الجدار" فتعرب الجدار مفعولا به مع أنه لم يكن له وجود قبل البناء حتى يُفعل به شيء.
وقس على هذا، ودع عنك تعنّت بعض النحاة ...
ثمّ إن في إعراب "الجدار" في المثال السابق، مفعولا مطلقا، خطأ. وذلك أن المفعول المطلق هو عين الفعل الذي تلبّس به العبد، وليس شيئا حسّيّا منفصلا عنه. ولذا الأصل في المفعول المطلق، المصدر الذي هو اسم للحدث، أي هو عين الفعل لكن من غير ذكر الزمن، كما قال ابن مالك:
المصدر اسم ما سوى الزمان من ... مدلولي الفعل كأمْن من أمِن
فمثلا قولك: "ضربته ضربا شديدا" و "ضربته ضربتين" و "ضربته بعضَ الضرب" تجد أن المفاعيل المطلقة ليست أشياء منفصلة (جواهر) بل هي عين الفعل الذي تلبس بها العبد، مع بيان وصفه أو عدده ...
أما "الجدار" فليس هو عين فعلك الذي قامت به جوارحك، بل هو ذات مستقل (جوهر) منفصل عنك. وإنما فعلك الذي تتصف به هو "البناء"، والجدار شيء منفصل ناتج عن فعلك وليس هو إياه.
وكذا يقال في "السماوات" فليست هي عين فعل الله، بل ناتجة عنه. و أما فعل الله "الخلق" فهو صفة له قامت به سبحانه. وليست هي السماوات. كما أن عيسى عليه السلام ناتج عن كلمة الله "كن" وليس هو عين كلمة الله التي هي صفةٌ لله، كما تزعمه النصارى تعالى الله عما يقولون!
اللهم إلا على قول الأشاعرة الذين لم يُثبتوا لله صفة فعلية "الخلق" تقوم بذاته. بل جعلوا الخلق هو عين المخلوق ... وذلك بناء على نفيهم للصفات الفعلية الاختيارية ... تعالى الله عن تعطيلهم!
والله أعلم.
ـ[ابو بكر عطون]ــــــــ[29 - 07 - 09, 03:26 م]ـ
جزاك الله خيرا وفتح عليك فتوح العارفين
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[29 - 07 - 09, 04:40 م]ـ
للفائدة:
http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=34259
ـ[أبوعمار السوري]ــــــــ[31 - 07 - 09, 02:39 ص]ـ
مشكور مرور الإخوة جميعاً
وفيما يخصّ سؤال الأخ محمد الحسين فأنا أظنّ أنّ الأستاذ ياسر قد أجاب عنه أعلاه بشكل مستفيض
وفيما يخصّ ما قاله الأخ أبو بكر فأظنّ أنّ ما طرحه لا علاقة له بالقضيّة المطروحة أصلاً في هذا الموضوع، فما طرحه عن جواز إعراب الله مفعولاً به أو عدم جواز ذلك هو موضوع آخر لا صلةَ له بهذا الموضوع