تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وفاة والد الشيخ علي جابر وهو في هذه السن المبكرة لم تجعله يتجه في الاتجاه المعاكس, فحفظ القرآن الكريم قبل سن البلوغ, وأتقن الحفظ, فلم يكن يخطئ فيه الا نادرا, وفي فترات متباعدة وقد قال لي ذات مرة في جلسة جانبية انه يراجع يوميا جزءين من القرآن غيباً, وزاد ذلك بحرصه على طلب العلم منذ صغره حتى انه تخرج في الجامعة ومن قبلها وبعدها في مرحلتي الماجستير والدكتوراه بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف الاولى, يقول الشيخ علي جابر عن ذلك" إن وجودي في المدينة المنورة ودراستي في دار الحديث والجامعة الاسلامية كان له أكبر الاثر في توجيهي الوجهة السليمة وختمت تلك الوجهة بانضمامي الى جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية التي عشت فيها فترة هي من أحسن فترات حياتي ".

ورغم مثابرة الشيخ علي جابر وجده واخلاصه في طلب العلم وبُعده عن الراحة والتقاعس, الا انه يعتبر نفسه لم يفعل شيئا ولم يكن له دور فيه سوى المتابعة, ويتحدث فضيلته عن ذلك بقوله " لا استطيع ان أدّعي لنفسي انني كنت بنفسي مجردا اقوم بهذا الدور ولكن اقول ان توفيق الله عز وجل هو الذي شجعني وحباني ومنحني هذه المسيرة التعليمية التي اختتمت بالحصول على الدكتوراه وان كانت لم تنته من حيث العلم وانما انتهت من حيث الناحية الرسمية في الدراسات العليا, ولمشايخنا الذين تتلمذنا عليهم في كلية الشريعة دور كبير في ان يتوجه الانسان بعد التخرج صوب الدراسات العليا, لان النفس اذا ألفت الراحة وتقاعست بعد الحصول على الاجازة العالية يصعب عليها بعد ذلك مواصلة الدراسات العليا ما لم يكن الطريق موصولا بعضه ببعض, وهذه نصيحة مشايخنا وقد قمنا بها حسب الاستطاعة وقدر الامكان ".

المغريات

وعندما نعود الى النشأة التي عاش فيها الشيخ علي جابر طفلاً ثم شاباً التي لم يتأثر فيها بالمغريات التي واجهت أقرانه يتحدث الشيخ علي جابر عن تلك المرحلة بقوله " بالنسبة للظرف الذي عشته فانا ما شعرت -بحمد الله- بفارق كبير بين مجتمع النشأة الذي عشته في الصغر وبين المجتمع الآخر الذي يأتي بعد ان يبلغ الانسان مرحلة مبكرة من العمر تأتيه ما يسمى بالمغريات والتحديات, فكما قلت ان من نعمة الله عليّ وتوفيقه لي أن أحاطني بنخبة من الاخوان الصالحين الذين يكبرونني قليلاً في السن من الذين عاشوا في المدينة المنورة ودرسوا في الجامعة الاسلامية, وكما قلت أن الانسان يمكن أن يتكيف مع المجتمع من خلال ما درس وتعلم اذ يستطيع تطبيقه في واقع حياته "، ويضيف قائلاً "بحمد الله الظرف الذي عشته في المدينة النبوية والالتقاء بهؤلاء الاخوة الذين وفقهم الله عز وجل لكي يحيطوا بي في تلك السن التي تمر على كل شاب من الشباب وهي ما تسمى فترة المراهقة وقد تتغير به هذه المرحلة احياناً اذا لم يوفق الى اناس يدلونه على الخير ويرشدونه اليه, ولكن بحمد الله وفقني الله عز وجل في تخطي هذه المرحلة على أحسن ما يكون ".

نصيحة

ولم ينس الشيخ علي جابر وصيته للشباب بحفظ القرآن الكريم وتدبر معانيه فكان ينصح ويجتهد في النصيحة سواء لمن حوله أو طلابه في الجامعة فيقول لهم " ما من شك أن حفظ كتاب الله تعالى هو نعمة من الله عز وجل, وهذه النعمة اختص الله بها عز وجل من شاء من عباده, وان الشاب المسلم متى وجد في نفسه قدرة على حفظ كتاب الله تعالى فإن عليه التوجه الى أحد المساجد التي تعنى بتدريس القرآن الكريم ونشره لأن ذلك سوف يعينه مستقبلاً في حياته العلمية والعملية ".

لكن الشيخ علي جابر يطالب العلماء والمفكرين الى أن يقوموا باحتضان الشباب والتغلغل في أعماق نفوسهم حتى يعرفوا ما عندهم من مشكلات فيعالجونها على ضوء ما رسمته الشريعة الاسلامية حيث يقول فضيلته " الصحوة الاسلامية الآن تمر بمرحلة طيبة لكنها في حاجة من العلماء والمفكرين الى احتضان هؤلاء الشباب ولا يبتعدون عنهم يحجزون أنفسهم فيما هم موكلون فيه من أعمال فإنهم ان لم يقوموا بهذه المهمة الجليلة فيخشى أن تكون العاقبة وخيمة والعياذ بالله) , وفي المقابل فإن الشيخ علي جابر يوجه حديثه للشباب بقوله: (يحسن بالشاب المسلم أن يذهب الى حلق العلماء في الحرمين الشريفين وفي غيرهما من المساجد وعليه أن يسأل العلماء الذين منحهم الله عز وجل الفقه والبصيرة في هذا الدين حتى يعيش عيشه منضبطة ومتمشية مع ما جاء في كتاب الله تعالى وفي سنة رسوله عليه الصلاة والسلام ".

القضاء

بعد حصول الشيخ على جابر على الماجستير رشح للقضاء في منطقة (ميسان) قرب الطائف الا انه اعتذر عن هذا المنصب ويوضح الشيخ علي جابر أسباب اعتذاره عن تولي منصب القضاء بقوله: ورد في حديث نبوي صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: (القضاة ثلاثة: قاضيان في النار وقاضٍ في الجنة) , والذي يتتبع أخبار القضاة في عصور الاسلام المزدهرة يجد ان اغلبهم كانوا يعينون من قبل ولاتهم بعد أن علم الوالي سعة علمه وكمال فقهه واحاطة ادراكه بالمسائل الشرعية وأهليته لتولي منصب القضاء, ومع ذلك فإن بعضاً من الأئمة والاعلام رفض تولي هذا المنصب لا لعجزه عن ممارسته وانما لما يعلمه علم اليقين ان حسابه عند الله عظيم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير