تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أرجو مساعدتي فى جمع أقوال أهل العلم فى علة الإتيان بلفظة"ظلاّم" صيغة مبالغة [و ما ربك بظلاّم للعبيد]

ـ[أبو إسحاق السلفى]ــــــــ[29 - 07 - 09, 09:40 م]ـ

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

أخوكم يبحث الآن عن أقوال أهل العلم فى مسألة الإتيان بلفظة"ظلاّم" و هي من صيغ المبالغة فى أكثر من موضع (5) في كتاب الله تعالى و أرجو من إخواني جميعاً مساعدتي فى هذا الأمر.

و هذا ما وجدته حتى الان من أقوال أهل العلم:

[1]

ذكر العلامة الشنقيطي رحمه الله تعالى فى "أضواء البيان" عند موضع سورة "فصلت" ما يلي:

وفي هذه الآيات سؤال معروف، وهو أن لفظة {ظَلَّامٍ} فيها صيغة مبالغة، ومعلوم أن نفي المبالغة، لا يستلزم نفي الفعل من أصله.

فقولك مثلا: زيد ليس بقتال للرجال لا ينفي إلا مبالغته في قتلهم، فلا ينافي أنه ربما قتل بعض الرجال.

ومعلوم أن المراد بنفي المبالغة، في الآيات المذكورة هو نفي الظلم من أصله.

والجواب عن هذا الإشكال من أربعة أوجه:

الأول: أن نفي صيغة المبالغة في الآيات المذكورة، قد بينت آيات كثيرة، أن المراد به نفي الظلم من أصله.

ونفي صيغة المبالغة، إذا دلت أدلة منفصلة على أن يراد به نفي أصل الفعل، فلا إشكال لقيام الدليل على المراد.

والآيات الدالة على ذلك كثيرة معروفة، كقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً} [النساء:40] , وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ الناسَ شَيْئاً وَلَكِنَّ الناسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [يونس:44] , وقوله تعالى: {وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً} [الكهف:49] , وقوله تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً} [الأنبياء:47] , إلى غير ذلك من الآيات كما قدمنا إيضاحه في سورة الكهف والأنبياء.

الوجه الثاني: أن الله جل وعلا نفي ظلمه للعبيد، والعبيد في غاية الكثرة.

والظلم المنفي عنهم تستلزم كثرتهم كثرته، فناسب ذلك الإتيان بصيغة المبالغة للدلالة على كثرة المنفي التابعة لكثرة العبيد، المنفي عنهم الظلم، إذ لو وقع على كل عبد ظلم ولو قليلا، كان مجموع ذلك الظلم في غاية الكثرة، كما ترى.

وبذلك تعلم اتجاه التعبير بصيغة المبالغة، وأن المراد بذلك نفي أصل الظلم، عن كل عبد من أولئك العبيد، الذين هم في غاية الكثرة، سبحانه وتعالى عن أن يظلم أحدا شيئا، كما بينته الآيات القرآنية المذكورة.

وفي الحديث: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي" الحديث.

الوجه الثالث: أن المسوغ لصيغة المبالغة، أن عذابه تعالى بالغ من العظم والشدة، أنه لولا استحقاق المعذبين لذلك العذاب بكفرهم، ومعاصيهم لكان معذبهم به ظلاما بليغ الظلم متفاقمه، سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا.

وهذا الوجه والذي قبله أشار لهما الزمخشري في سورة الأنفال.

الوجه الرابع: ما ذكره بعض علماء العربية وبعض المفسرين، من أن المراد بالنفي في قوله: {وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} نفي نسبة الظلم إليه، لأن صيغة فعال تستعمل مرادا بها النسبة فتغني عن ياء النسب كما أشار له في الخلاصة بقوله:

ومع فاعل وفعَّال فعِلْ ... في نسب أغنى عَنِ اليا فقبِلْ

ومعنى البيت المذكور، أن الصيغ الثلاثة المذكورة فيه التي هي فاعل كظالم وفعال كظالم، وفعل كفرح، كل منها قد تستعمل مرادا بها النسبة، فيستغنى بها عن ياء النسب، ومثاله في فاعل قول الخطيئة في هجوه الزبرقان بن بدر التميمي:

دع المكارم لا ترحل لبغيتها ... واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي

فالمراد بقوله الطاعم الكاسي النسبة، أي ذو طعام وكسوة، وقول الآخر وهو من شواهد سيبويه:

وغررتني وزعمت أنك ... لابن في الصيف تامر

أي ذو لبن وذو تمر، وقول نابغة ذبيان:

كليني لهم يا أميمة ناصب ... وليل أقاسيه بطيء الكواكبي

فقوله: ناصب أي ذو نصب، ومثاله في فعال قول امرىء القيس:

وليس بذي رمح فيطعنني به ... وليس بذي سيف وليس بنبال

فقوله: وليس بنبال أي ليس بذي نبل، ويدل عليه قوله قبله:

وليس بذي رمح وليس بذي سيف

وقال الأشموني بعد الاستشهاد بالبيت المذكور: قال المصنف يعني ابن مالك: وعلى هذا حمل المحققون قوله تعالى: {وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} أي بذي ظلم ا هـ.

وما عزاه لابن مالك جزم به غير واحد من النحويين والمفسرين، ومثاله في فعل قول الراجز وهو من شواهد سيبويه:

ليس بليلى ولكني نهر لا أدلج الليل ولكن أبتكر

فقوله نهر بمعنى نهاري، وقد قدمنا إيضاحه معنى الظلم بشواهده العربية، في مواضع متعددة من هذا الكتاب المبارك، والعلم عند الله تعالى.

[2]

و ذكر الزمخشري فى "الكشاف" عند موضع سورة الأنفال ما يلي:

"لَيْسَ بِظَلَّامٍ لّلْعَبِيدِ " لأن تعذيب الكفار من العدل كإثابة المؤمنين. وقيل: ظلام للتكثير لأجل العبيد أو لأن العذاب من العظم بحيث لولا الاستحقاق لكان المعذب بمثله ظلاماً بليغ الظلم متفاقمه.

[3]

و ذكر ابن عاشور رحمه الله تعالى فى "التحرير و التنوير" ما يلي:

ونفي ظَلاَّم بصيغة المبالغة لا يفيد إثبات ظلم غير قوي؛ لأنّ الصيغ لا مفاهيم لها، وجرت عادة العلماء أن يجيبوا بأنّ المبالغة منصرفة إلى النفي كما جاء ذلك كثيراً في مثل هذا، ويزاد هنا الجواب باحتمال أنّ الكثرة باعتبار تعلّق الظلم المنفي، لو قدر ثبوته، بالعبيد الكثيرين، فعبّر بالمبالغة عن كثرة إعداد الظلم باعتبار تعدّد أفراد معموله.

[4]

و ذكر الشوكاني رحمه الله تعالى فى "الفتح القدير" عند موضوع سورة "آل عمران" ما يلي:

أن الله ليس بظلام للعبيد والتعبير بذلك عن نفي الظلم مع أن تعذيبهم بغير ذنب ليس بظلم عند أهل السنة فضلا عن كونه ظلما بالغا لبيان تنزهه عن ذلك ونفي ظلام المشعر بالكثرة يفيد ثبوت أصل الظلم وأجيب عن ذلك بأن الذي توعد بأن يفعله بهم لو كان ظلما لكان عظيما فنفاه على حد عظمه لو كان ثابتا

هذا الذي وجدته حتى الان فهل من أقوال آخرى إخواني الأكارم؟

و رجاء شرح تعليل الشوكاني هذا لأن عبارته أغمضت عليّ:

بأن الذي توعد بأن يفعله بهم لو كان ظلما لكان عظيما فنفاه على حد عظمه لو كان ثابتا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير