انتقل بعدها إلى الجزائر، أي: في سنة 1932م فأخذ عن:
7 ـ الشيخ عبد الله الدراجي (ت: 1938م): كان موظفا في الحضور، وهي وظيفة سرد البخاري مرة كل سنة في المسجد، لازم الشيخ دروسه من سنة 1934 إلى سنة 1937م، وعنه أخذ الخلاصة الألفية لابن مالك كاملة في مسجد سيدي امحمد الشريف بالقصبة، كما حضر دروسه الفقهية وخاصة شرح الرسالة لابن أبي زيد القيرواني.
8 ـ الشيخ نور الدين عبد القادر البسكري: خريج المدرسة الثعالبية بالعاصمة، حضر عليه دروسه في النحو، والصرف، والمنطق، والعروض، وكتب الأدب والتاريخ، كمقدمة ابن خلدون، وذلك من سنة 1932م إلى سنة 1937م، فأجازه الشيخ بشهادة ما تزال في حوزته.
ومن بين الكتب التي كان يعتمدها هذا الشيخ: متن ابن عاشر في الفقه، قطر الندى لابن هشام في النحو، النحو الواضح وبعض الكتب العصرية في علوم اللغة الأخرى، وشرح المعلقات للزوزني، ومقدمة ابن خلدون، وتاريخ الجزائر لعثمان الكعاك، وكتاب إيساغوجي في المنطق ...
9 ـ الشيخ بن دالي محمود المعروف بالشيخ كحول: الإمام الأوَل بالجامع الأعظم في الجزائر العاصمة وقتئذٍ. حضر الشيخ محمد شارف دروسه في شرح متن القطر لابن هشام بطريقة الإملاء حفظا.
إلى جانب كل هذا، كان الشيخ حريصا على حضور الدروس الإصلاحية التي كان يلقيها أعضاء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في نادي الترقي، فحضر كثيرا من دروس الشيخ عبد الحميد بن باديس، ومحمد البشير الإبراهيمي، والطيب العقبي. وقد أبدى الشيخ إعجابه الشديد بتلك الدروس، وطريقتها، ومواضيعها، وبلاغة أصحابها وفصاحتهم.
5 ـ صفاته وأخلاقه:
كل من عاشر الشيخ وتعرّف عليه يستشف منه خصالا حميدة و أخلاقا كريمة، نجملها فيما يلي:
1 ـ الهمة العالية والشغف الكبير في تحصيل العلم وتبليغه.
2 ـ الذكاء والفطنة وسرعة البديهة.
3 ـ الحِلم والتواضع، بحيث صارت إذا ذكرت فلابدّ أن تقرن مع اسمه، مع الزهد والورع الذي يذكرك بسلفنا الصالح، إضافة إلى الإخلاص وصدق السريرة ورقة القلب.
4 ـ السعي في قضاء حوائج الناس، فأحب العباد إلى الله أنفعهم لخلقه.
6 ـ علاقته ببعض أقرانه:
تميّزت علاقة الشيخ بأقرانه وأترابه من أهل العلم بالتقدير المتبادل والثناء المتقارض، شأن أهل الفضل في تعاملهم، فكانت علاقته مع الشيخ أحمد حماني والشيخ علي المغربي والشيخ محمد بن عبد القادر رحو، والشيخ أحمد سحنون رحمهم الله تعالى، طيبة للغاية، و ربما شاوروه في بعض ما يرد عليهم من الأسئلة، وكان يجيبهم ويدلي لهم برأيه ويبين لهم ما عنده من علم في تلك المسائل.
وقد شارك مع الشيخ حماني في بعض الحصص التلفزيونية، كما أثنى عليه الشيخ حماني في اجتماع عام مع الأئمة، وشهد له بمقدرته الفقهية.
7 ـ محطات من حياته:
* جمع الشيخ بين نشاطي العلم والتعليم في آن واحد، فكان يحضر مجالس العلم عند شيوخه، ثم يكرر على بعض أقرانه، فكان تلميذا وأستاذ في الوقت نفسه.
* كان الشيخ محمد شارف يحضر دروس الشيخ مَحمد وكال المعسكري الأزهري في شرح الأجرومية، مع طلبة يكبرونه
سنا و تقدما في التحصيل، وفي أحد المجالس امتحن الشيخ تلامذته، فطلب منهم إعراب هذه الجملة: (الإعراب هو تغيير
أواخر الكلم لاختلاف العوامل الداخلة عليها غالبا)، فأخذ الطلبة الكبار في إعرابها، ولما وصلوا إلى كلمة "غالبا" أعربها
بعضهم بأنها تمييز، والبعض الآخر بأنها حال، ولم يرتض الشيخ إجابتهم، فاستأذن الشيخ محمد شارف أستاذه و كان في
بداية الطلب لعلم النحو، فأذن له، فبيّن بأنّ الكلمة منصوبة على نزع الخافض، وأن التقدير (في الغالب)، ففرح شيخه بذلك
ولاحظ عليه سمات النبوغ، فعمل على صقلها وبعثها.
* في سنة 1936 تحصل الشيخ على رتبة الإمامة، بعد أن أجرى امتحانا كتابيا، ثم شفويا، ولم يتمكن من وظيفة الإمامة لعدم شغور المناصب، كما ذكر لنا.
* ومن جملة الأسباب التي منعت الشيخ من الالتحاق بوظيفة الإمامة، أن الاستعمار الفرنسي فرض التجنيد الإجباري أثناء الحرب العالمية الثانية، فوقع كثير من الشباب تحت الأسر الألماني بفرنسا، وكان حظ الشيخ أن وقع أسيرا معهم فأودع المحتشدات هناك، حيث بقي تحت الأسر من سنة 1939م إلى سنة 1944م، ثم تحت سلطة ومراقبة الاستعمار الفرنسي خلال سنة 1945م.
¥