تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وساهمت شرطة المديرية ورجال من القطاعات الإدارية بالمديرية في تنظيم المرور والسيطرة على الفوضوية الناجمة من شدة الزحام لدى الصلاة عليه ولدى تشييع الجثمان إلى المقبرة ولدى وضعه في القبر وتوريته.

لقد كان الشيخ السيد أسعد المدني رحمه الله عالما وداعية ومصلحًا ممتازًا وإلى جانب ذلك كان قائدًا محنكا فارع القدم مدافعًا قويًّا عن علمانية البلاد التي تضمن المساواة في الحقوق والواجبات الوطنية بين الأقلية والأكثرية أي بين جميع الطوائف في البلاد. كان يتمتع من بين القادة المسلمين المعاصرين لدى الحكام والزعماء الهندوس الممسكين بزمام الحكم في البلاد، بنفوذ لم يكن نصيبَ أيّ من القادة المسلمين اليوم. فكان له ثقل كبير، وكانت كلمته مسموعة، وكان نداؤه محفيًّا به لدى الحكام وقادة البلاد؛ فكان لذلك خير سند للمسلمين في هذه الأيام العصيبة التي كَهْرَبَ الطائفيون من الهندوس البلادَ كلَّها بالكراهية ضد الشعب المسلم، والتي خسرت فيها الأمة المسلمة الهندية القادةَ الذين كانوا من الطراز الأول ممن شهدوا حربَ تحرير الهند وساهموا فيها.

لكون الشيخ المدني رحمه الله متّكئًا على علمانيّة الدستور في كل من المواقف، كان ناطقًا مؤهلاً باسم الشعب المسلم لدى الزعماء الهندوس، ولكونه يكسب ودّ عدد وجيه من الزعماء العلمانيين من غير المسلمين، كان يكسب في كثير من المواقف نجاحًا لم يكسبه غيره من القادة المسلمين المستندين إلى مجرد الحماس والعاطفيّة فيما يتعلق باستعادة الحقوق، وتحقيق المطالب، والمطالبة بالمساواة في الحقوق، ومكافحة الاضطرابات الطائفيّة، وإدانة المفجرين لها، ومساعدة المتضررين منها، وما إلى ذلك.

ولذلك كان يقود – كلما تمسّ الحاجةُ – مسيراتِ احتجاجات وحركات ذات العدد الذي لايحصى في دهلي وفي غير دهلي. وكان يضغط بذلك على الحكومة والزعماء المعنيين ضعطاً مثمرًا، ويحقق المطالب المنشودة للمسلمين.

وبوفاته رحمه الله يشعر المسلمون حقًّا بخسارة لاتُعَوَّض، ولاسيّما فيما يتعلق بالدفاع عن قضايا الشعب المسلم الهندي والمطالبة بحقوقهم التي هُضِمَت أو أُعْطِيت منقوصة أو مخدوشة، وأيضًا فيما يتعلق بالوقوف بقوة وضغط بالغين بجانب القضايا الإسلامية في كل مكان. فقد كان يتمتع بحكمة عملية وتعقّل قياديّ ينقصان غيرَه من القادة المسلمين الهنود المعاصرين. ومن هنا لايوجد بينهم من يشقّ غباره أو يدانيه في القيادة الناجحة بالمجموع.

على حين إنّه لم يكن مجردَ قائد سياسيّ، وإنما كان أصلاً عالماً داعيةً مربّيًا مصلحًا، وشيخًا له عدد واسع من المريدين في أرجاء البلاد. وكان قوّامًا صوّامًا، مواظبًا على صلاة الليل والناس نيام، وكان يعتكف العشر الأواخر من رمضان دونما انقطاع، فكان يعتكف معه في جامع دارالعلوم/ ديوبند مئات من الناس كانوا يتوافدون إلى ديوبند خصيصًا لذلك.

وكان له حبّ متجذّر في قلوب الشعب المسلم الهندي ولاسيما في المنطقة الغربية الواسعة من ولاية أترابراديش، فكانت الجماهير تفرش له القلوب والعيون. وكان هذا الحبّ مزدوجًا؛ حيث كانوا يحبون والده العظيم الشيخ الكبير المجاهد السيد حسين أحمد المدني رحمه الله ومن بعده أحبّوا نجله الأكبر الشيخ السيد أسعد المدني كما يحبون جميع أفراد أسرته.

وكان له نفوذ كبير في المدارس والجامعات الإسلامية الأهلية في شبه القارة الهنديّة؛ ومن هنا حزنت عليه حزنًا جمًّا لم تحزن مثله على عالم وداعية مات في العصر الأخير. لأنّه كان دائم التواصل معها يعايش قضاياها، ويحلّ مُعَقَّداتها، ويطالب الحكومة دائمًا بعدم المساس بها، وينادي ضد الطائفيين من الهندوس الذين يهتفون ضدّها ويشوّهون سمعتها، ويصفونها بأنها مقر للإرهابية و محضن لتفريخ الإرهابيين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير