تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

? وسألت الشيخ عن حكم ما يسمونه (بان)، وهو مثل التبغ يستعمله الهنود مضغاً، فقال: أنا لا أقول إنه حرام لأنه لا يسكر، ولا أعرف إن كان يضر الصحة أو لا، ولكني أكرهه ولا أحبه لما فيه من إسراف وإضاعة المال فيما لا ينفع، ولو اشترى به خبزاً ولحماً كان خيراً له.

قلت: والمشايخ هناك بين محرم له وكاره ومبيح، بل ومستعمل! وشيخنا يكرهه ولا يتعاطاه.

? كان قراءتي على الشيخ في موسم الأعراس في الصيف، وما أكثر ما أزعجتنا أصوات الاحتفالات والأغاني والمعازف الصاخبة للأعراس (لا دين ولا ذوق)، ثم خلال القراءة دعاني الشيخ لعرس إحدى حفيداته في دودوهنيا، ولاحظت عدم وجود أي مخالفة شرعية، وعرس الرجال صامت دون معازف، ولما زُفَّت العروس في السيارة مع زوجها كان جميع النساء محجبات بالعباءة السوداء، والفضل يعود لشيخنا كبير الأسرة وشيخ البلد، فهو شديد التمسك بالدين، وأثّر على من حوله، حتى صار أهل القرية جميعهم من أهل الحديث بسببه، وتراه من حبهم له كالملك بين رعيته، وهو في المقابل كثير الخدمة لهم.

? قال شيخنا: أول شيء عملته لما خرجت من السجن بناء هذا الجامع، وكلفني وقتها 1800 روبية.

قلت: يعني جامع قريته دودوهنيا، وهو من طابقين، ويتصل به صحن خارجي، وموضأ، وهو مبني من الحجر، وخالٍ من الزخرفة، وكان مسجد القرية قبله من مبنياً من الطين.

? ورأيتُ أكثر من مرة بعض الناس يأتون للشيخ من أجل الرقية فيقرأ لهم على الماء.

? والشيخ شديد في مسألة الصحابة والرافضة، فسمعته أكثر من مرة يقول عن الرافضة: إنهم كفار، لأنهم يستغيثون بغير الله، ويعتقدون بتحريف القرآن، ولا ينبغي أن يزوجوا، وكتبهم بلا سند.

وحدثني الشيخ عبد الأول بن عبد القدوس المدني، قال: جمعتُ شيخنا عبد القيوم مع الشيخ الإصلاحي -من كبار علماء الجماعة الإسلامية، ورئيس تحرير إحدى المجلات المشتهرة- وكان متأثراً بدعوة الخميني، فلما جمعتهما في بيتي حصل بينهما نقاش طويل، وانبهر الشيخ الإصلاحي من شيخنا، وقال: ما كنت أزنه بهذا المستوى من العلم. وكان من كلامهما أن احتج شيخنا على إبطال دعوة الرافضة بأول آية من سورة البقرة ?ذلك الكتاب لا ريب فيه?، فقال: هؤلاء هل يقولون إن الكتاب لا ريب فيه كما في قال الله تعالى أم يقولون بتحريفه والزيادة والنقص؟

? قال لي الشيخ عبد الأول: إن الشيخ عبد القيوم كان يرأس المؤتمرات ويخطب دائما بالقرآن وتفسيره، ويهاب بعض العلماء من الجلوس بجانبه، لأنه قد يسأله أسئلة دقيقة في التفسير يُحرج من عدم الإجابة عليها.

? من الطرائف أن شيخنا أخذني معه في أحد الأعراس، وقدّمني لألقي خطبة النكاح، ويكون الإيجاب والقبول بين الزوج والولي على يدي، وكان الشيخ مختار المدني، والشيخ عبد الأول بن عبدالقدوس المدني، فبعد حصول ذلك تكلم الشيخ بالأردية وضحك الحضور، فتبين أنه طلب عشرين روبية للقاضي والشاهدين (نحو ريالين سعوديين، وهذا عرفٌ عندهم أن يُعطَوا مبلغاً، ولكن جعله الشيخ رمزياً جداً)، ثم طلب نقوداً لي، وقال: من أين كنتم ستأتون بعربي يعقد لكم النكاح؟!

? ذات ليلة وأنا أقرأ على شيخنا أمام بيته في ساحة القرية، مرّ ثلاثة رجال ليسلّموا على الشيخ قبل مغادرتهم القرية، وكانت معهم عصيّ القَصَب للحماية من اللصوص، فقام أحدهم -وهو مسنّ- باستعراض مهاراته القتالية بالعصا، فإذا هو محترف ما شاء الله! فسُرَّ منه شيخنا، وأعطاه مبلغاً من المال، وشجعه، وقال: المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف.

? كان شيخنا يجلسني معه على سريره وقت القراءة في برهني، فرأيته يضع قرب موضع رأسه عند النوم عدة تفاسير، ومما رأيت عنده: تفسير ابن كثير، وفتح المجيد شرح كتاب التوحيد، وقال لي: مكتبتي كبيرة جداً، وعندي كل التفاسير المطبوعة.

وقال: حصل في إحدى السنوات اضطرابات في قريتي، واحترقت أكثر مكتبتي، ومنها أوراقي في الرحمانية، وكان الحريق سنة 1995م تقريباً.

ورأيت شيخنا لا يترك القراءة، ويقرأ الأخبار في جريدة (سهارا) المحلية كل صباح.

ومن اهتمامه بالكتب أن طلب أن أجلب له نسخة من طبعة البخاري التي معي.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير