الشيخ، وما كان هؤلاء يأتون في مجالس شيخنا إلا ليذكرهم بالله والدار الآخرة فرحمة الله عليه.
ولقد أحسن بعض طلبة العلم في وصف مجلس شيخنا فقال مشكوراً: ومن سعد بزيارة الشيخ في بيته (بعزيزية مكة) وقف على بقية من أخلاق السلف، التي كادت أن تندثر في زماننا إلا ما وقى الله، صوت متهدج بالعبرات،وموعظة تقطع نياط القلوب، وصدع بالحق لا يراعي فيها لومة لائم، لا يدعك تلتقط أنفاسك حتى يتناول كتاباً سلفياً فيقرأ ما يفتح الله به، فتخرج من عنده بغير القلب الذي دخلت به حقاً لقد كانت مجالس الشيخ على حد قول القائل (تعالى بنا نؤمن ساعة) ولا عجب بعد ذلك أن ترى منزل الشيخ رحمه الله قبلة لمن ينزل مكة، من أهل العلم والعمل والدعوة، كما هو موئل ذوي الحاجة والمسكنة، فرحم الله الشيخ رحمة واسعة).
وأحياناً إذا لم يكن الشيخ يقرأ في كتاب، يُذكِّره من يزوره من أهل العلم والدعاة بسيرة شيخه والذي تربى عليه ولازمه وهو العلامة سعد بن حمد بن عتيق، فيبدأ الشيخ محمد بن سعيد بالثناء العاطر على شيخه ويذكر نماذج من سيرته العلمية والدعوية وصدعه بالحق وزهده وورعه، ثم لا يتمالك شيخنا نفسه فيجهش بالبكاء على شيخه سعد بن عتيق، ويتأثر من في المجلس بهذه العبرات، والعجب أن شيخنا في مجلسه يبكي عند بعض الكلمات التي تقال له، والزائر قالها عرضاً، ويتعجب من بكائه فكأن الزائر يقول ما الذي يبكيه في هذه الكلمات، فمثلاً جئت لشيخنا في شهر رمضان في ليلة السابع والعشرين وقلت له: الناس في المسجد الحرام في هذه الليلة ربما بلغوا المليون أو أقل منه والزحام شديد فبكى الشيخ ثم قال: كل هؤلاء يزحمون في هذه الليلة يرجون رحمة الله ومغفرته، اللهم لا تخيب سعيهم واستجب دعائهم ثم بكى، فقلت في نفسي الشيخ في واد وأنا في واد آخر، فانظر إلي هذه الشفقة ومحبة الخير للناس في قلب هذا الشيخ الجليل.
وهذا ذكر لبعض الأمراء والعلماء الذين يأتون إلى مجالس الشيخ رحمه الله، وهم على ما يلي:
1 - صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير عبد الله بن عبد العزيز وقد سمع بسيرة الشيخ العطرة، فزاره في مكة المكرمة في منزله بحي العزيزية في شهر رمضان عام 1422هـ وكان مع ولي العهد عدد من الأمراء.
2 - الأمير عبد الرحمن بن عبد الله آل سعود، وكان بينه وبين الشيخ محبة كبيرة وقد بكى الأمير عندما علم بموت الشيخ.
3 - الأمير متعب بن عبد العزيز آل سعود وكان بينه وبين الشيخ محبة كبيرة وكان الأمير من أوائل من يزوره في عيد الفطر الشيخ محمد بن سعيد.
4 - الأمير ممدوح بن عبد العزيز وكان بينه وبين الشيخ محبة كبيرة.
5 - الأمير الصالح عبد الله بن فيصل الفرحان أمير القصيم سابقاً وكان من خاصة معارفه وأحبابه.
وأما (العلماء الذين حضروا مجالس الشيخ) فهم ما يلي:
1 - شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله. وكانت بينه وبين الشيخ محبة عظيمة وتربطهم علاقة منذ أكثر من خمسين عاماً، وكلما جاء الشيخ عبد العزيز بن باز إلى مكة، كان من أوائل من يزور الشيخ محمد بن سعيد، وكم بكى الشيخ عبد العزيز بن باز في مجالس شيخنا فرحمة الله عليهما.
2 - شيخنا العلامة فقيه الحنابلة وبقيتهم عبد الله بن عبد العزيز بن عقيل، وكان شيخنا محمد بن سعيد، يسألني عنه كلما رأيته فقد كان الشيخ يحبه كثيراً وينثلج صدره برؤية الشيخ عبد الله بن عقيل وشيخنا عبد الله بن عقيل، يحرص جداً على زيارة الشيخ محمد بن سعيد في مكة، وقد اجتمعا على المحبة في الله و افترقا على ذلك واذكر قصة مؤثرة تبين ذلك، جاء شيخنا عبد الله بن عقيل لزيارة الشيخ محمد بن سعيد في مكة في بيته الكائن في حي العزيزية وكنت أنا عند الشيخ محمد ولم أدخل عليه لشدة مرضه وتدهور صحته وعدم استطاعته على الكلام، بسبب وجود فتحة في حلقه وإذا أغلقت هذه الفتحة تكلم وهو صابر محتسب وهذا في آخر شهرين من وفاته، فلم استطع الدخول عليه، وأيضاً كان نائماً وعندما جاء الشيخ عبد الله بن عقيل استأذن أحد أولاد الشيخ، فقال ابن الشيخ يا شيخ الوالد متعب جداً، وهو أيضاً نائم وجزاك الله خيراً على هذه الزيارة، فقال الشيخ عبد الله سأدخل على الشيخ لأقرأ عليه بعض الآيات فقال له الابن تفضل يا شيخ فدخل الشيخ عبد الله وكنت معه، فنظر إلى الشيخ محمد وتأثر
¥