تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والسلام.

وكم أتمنى – وإن كنت في شك من تحقق هذه الأمنية – أن يكون قد التقط تسجيل للشيخ محمد بن سعيد يضم مقاطع من تلاوته لتكون شاهداً حياً على حسن التلاوة للقرآن في هذه البقاع.

والذي دفع بي إلى ضعف الأمل في تحقيق هذه الأمنية ما علمته من بعض أقاربه من أنه – رحمه الله – كان يمتنع عن تسجيل تلاوته للقرآن تواضعاً وابتعاداً عن الإطراء والرياء.

أدركت الشيخ محمد بن سعيد في الستينات الهجرية وعرفته وهو يؤم الناس لصلاة التراويح في مسجد (المعيقلية) أحد أحياء الرياض القديمة. ثم أدركته مرة أخرى وهو يؤم الناس في رمضان لصلاة التراويح والقيام في حي آخر من أحياء الرياض يدعى (الحِنْبِلي) ويعرف المسجد الذي يؤمه بمسجد (الشيخ علي بن داود) فكان عدد من سكان الرياض وضواحيها ممن تستهويهم تلاوة ذلك الشيخ الجيدة ينطلقون أفراداً وجماعات إلى ذلك المسجد طمعاً في أن يعينوا أنفسهم من خلال تلاوته للقرآن على التدبر والخشوع، فكان يحبر التلاوة تحبيراً، ويُفَصِّلُ الآيات بإجادة منقطعة النظير دون تعسف أو تكلف، وكان يطيل الصلاة ويأخذ بالحد الأعلى المشروع في صلاة التراويح حيث يصلي عشرين ركعة يقرأ فيها نحواً من جزء كامل من القرآن في العشر الأولى والوسطى من الشهر أما في العشر الأخيرة من رمضان فإنه يضاعف القراءة ويطيل التهجد، وكان من خلفه من المصلين مسرورين بتلك الإطالة ويسعدون بالسماع لصوته الجميل دون تذمر أو ملل.

فيالحظوة المؤمن – وأرجو الله أن يكون كذلك – عندما يغادر هذه الحياة غير آبه بما فيها من متاع ولا آسف على فراقها حينما يموت، كل شيء بموته حتى الشمس والقمر والبحر والنهر والليل والنهار، حيث ينفصل ذلك المؤمن عن جسده المتعب بآلام الحياة وآمالها وأمانيها المصدومة ليواجه الوعد الحق (كل نفس بما كسبت رهينة) (يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية).

نشأ الفقيد في بيت كريم من بيوتات الرياض في أسرة تميل إلى العلم والخير .. أسرة لم تتأخر عن البذل في سبيل حب هذا الوطن وقيادته فكان منهم منذ القدم العالم والمجاهد والتاجر ولا زالوا.

وكان مولد فقيدنا في أوائل السنة التي قدر لسيد هذه البلاد وباني مجدها وجامع شملها الملك عبد العزيز أن يشهد مصرع ألد خصومه مواجهة وأكثرهم إثارة للجدل الأمير عبد العزيز بن متعب بن رشيد أمير حائل آنذاك في موقعة تدعى (روضة مهنا) وكان ذلك عام 1324هـ. فيكون عمر الفقيد – رحمه الله – عندما وافته المنية قد تجاوز المائة عام أو نقص دونها‍‍

كان والده الشيخ أحمد بن سعيد أحد الرجال المشهود لهم بالصلاح والتقى والشجاعة. فقد شارك في العديد من الغزوات في أوائل حياة عبد العزيز، غير أنه وبتأثير صحبة ماجد من أبناء الأسرة السعودية الكريمة وهو الأمير محمد بن عبد العزيز بن سعود بن فيصل. فّضَّلَ أن يترك حياة الترحال والجندية وأن ينصرف إلى المزيد من طلب العلم واكتساب فضائل الأعمال والعكوف على استظهار القرآن الكريم، فكان أحمد بن سعيد، أبرز رجل في مدينة الرياض، ربطت بينه وبين الأمير صداقة حميمة وتوجهات روحية كريمة، واشتهر الشيخ أحمد بن سعيد والد الفقيد بحسن الأداء لتلاوة وحفظ القرآن. فتأثر به العديد من أهل بيته وغيرهم وكان ممن تأثر به عدد من أبنائه وفي مقدمتهم الشيخ محمد.

وفي هذا السياق ارتفع ذكر الشيخ محمد وَعُدَّ واحداً من طلبة العلم وحفاظ القرآن. فقرأ على كبار العلماء وانتفع بهم أيما انتفاع فقرأ على أكبر علماء الرياض آنذاك الشيخ سعد بن حمد بن عتيق، وعلى الشيخ محمد بن عبد اللطيف. وعلى الشيخ حمد بن فارس وغيرهم، وكان يختار لحسن صوته وجودة قراءته لتلاوة الكتب المطولة لكي يقرأ منها جهراً في حلق المساجد بين يدي كبار علماء الرياض.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير