تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكانت (هيئة الأحوال الشخصية لمسلمي الهند)، المنبر الثاني الفعال الأقوى الذي تحرك منه الشيخ القاسمي تحت توجيه ورعاية الشيخ الرحماني؛ حيث أسست عام 1972م (1392ه) بتفكير من فضيلة الشيخ منة الله الرحماني ودعوة من فضيلة الشيخ المقرئ محمد طيب- رحمه الله- المتوفى1403ه- 1983م رئيس جامعة ديوبند سابقاً، ورئيس الهيئة الأول، وبعمل استراتيجي وتخطيط فكري وتحضير عملي من قبل الشيخ القاسمي. ولقدظل هو حقا منذئذ ليوم وفاته العقل المفكر في الهيئة من وراء جميع المواجهات التي كانت الهيئة تجابه بها التحديات التي كانت تعترض طريقها في سبيل الكفاح من أجل الدفاع عن القوانين الإسلامية التي تأتي ضمن الأحوال الشخصية للمسلمين، والأحكام الأخرى التي يشكل الاحتفاظ بها احتفاظا بالهوية، عندما انتخبوه رئيسا للهيئة بعد وفاة رئيسها الثاني سماحة الشيخ السيد أبي الحسن علي الحسني الندوي المتوفى يوم الجمعة 22 - رمضان 1420ه الموافق 1 كانون الأول-ديسمبر 1999م.

ورغم أن انتخابه رئيساً للهيئة كان عندما اصطلحت عليه الأمراض وجعلته يتأكّل داخليا وينهار خارجيا؛ ولكنه ظل راكضاً في سبيل الدفاع عن القضايا الإسلامية بمواهبه العلمية وكفاءته القيادية التي كان فذا فيها حقا، واستطاع أن يقنع الطبقة المثقفة المفكرة في البلاد، ولاسيما غير المسلمة، بعدالة القضايا الإسلامية وفعالية الهيئة، وسمو القوانين الإسلامية عامة والقوانين المتعلقة بالأحوال الشخصية خاصة.

وتتنوع خدمات وإنجازات الشيخ القاسمي للأمة الإسلامية والطائفة الإسلامية الهندية حسب تنوع مؤهلاته العلمية والفكرية والقيادية؛ فقد أسس عام 1992م (1412ه) منظمة باسم "المجلس الملي لعموم الهند" الذي هدف من خلاله إلى طرح قضايا الشعب المسلم الهندي أمام الرأي العام السياسي الاجتماعي الإعلامي الهندي بقوة أكثر وثقة أكبر وتنسيق أقوى، لتكسب تعاطفاً لائقاً وتواطؤا ذا مفعول مطلوب. واستطاع المجلس خلال عمره القصير ورغم إمكانياته الضئيلة التحرك الفاعل في شتى مجالات خدمة الشعب المسلم في ناحية اختصاصاته التي رسمها له مؤسسه العالم الذكي والقائد الألمعي الشيخ القاسمي، واعتمد في جميع أعماله خيار التضامن والنعومة والتفاهم مع قادة الأغلبية، إيماناً منه - في ضوء التجارب التي عاشها المسلمون الهنود أكثر من نصف قرن منذ الاستقلال - أن الصدام والاشتباك والصدور عن منطلقات رد الفعل لا يخدم مصالح الإسلام والمسلمين في هذه البلاد ذات الأغلبية غير المسلمة التي توجد فيها تيارات تدعو للتعامل مع الأقليات بالعنف وتفسر الهندوسية تفسيراً مؤسسا على العدوان الذي ليس هو في الأصل من طبيعتها.

ولبحث القضايا المستجدة وحل المسائل الطارئة بشكل جماعي أسس الشيخ القاسمي عام 1989م (1409ه) مجمع الفقه الإسلامي بالهند، الذي لم يكتف بالنظر في القضايا التي يفزرها كل يوم التقدم العلمي والاكتشافات الحديثة، وإنما عمد إلى الجيل الجديد من علماء المدارس والجامعات الإسلامية الأهلية بالهند، الذين لم يتعودوا إلا النظر في الكتب الدراسية المعدودة والحواشي المحدودة، والإخلاد في الأغلب إلى الدعة ضمن اجترار المعلومات التقليدية البالية التي لا تدفع إلى التفكير في شأن المتغيرات التي تواكب ركب الحياة السيار ومسيرتها السريعة الدائمة، فوضعه - هذا الجيل من العلماء - على درب الدراسة والبحث، ورغّب إليه عناء التحقيق والاجتهاد، وأشرب في قلبه حب الكتابة والتأليف والنظر والنقاش في تطورات الحياة في ضوء الشرع الإسلامي؛ فصار يركض على جادة البحث والتأليف، فأصبح المجمع بذلك جامعة تخرج ولا يزال فيها بحاثون يعنون بالإفتاء والاجتهاد في القضايا التي يطرحها العصر.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير