تاسعا: تأييد الشيخ محمد بن طراد وأسرته لدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب ومناصرتهم للدولة السعودية الاولى: حينما تمكنت الدولة السعودية الاولى من توطيد أركانها وتعزيز قوتها بدأت بدعوة البلدان لتأييدها ثم اخذت ترسل الحملات لكسب تأييد المناطق والبلدان وضمها تحت لوائها، وقد استغرقت الجهود التي بذلتها الدولة السعودية في سبيل ضم منطقة سدير قرابة ثمانية عشر عاماً في عهدي الامامين محمد بن سعود وابنه عبدالعزيز منذ عام 1170ه إلى 1188ه (التركي، منطقة سدير، ص 190). وفي عام 1171ه ونتيجة، فيما يبدو، لرسائل الشيخ محمد بن عبدالوهاب لأهالي الحوطة والجنوبية (من بلدان سدير) بعث أهالي البلدتين (ومن ضمنهم الشيخ محمد بن طراد وأسرته آل سيف) برسالتين إلى الشيخ محمد بن عبدالوهاب والامام محمد بن سعود يؤكدون فيهما على تأييدهم للدعوة ويبدون فيهما رغبتهم بالانضمام إلى الدولة السعودية (ابن غنام، روضة، ج1، ص 108؛ ابن بشر، عنوان المجد، ج2، ص76). وقد بدأ الشيخ محمد بن طراد الدوسري بالبروز على مسرح الاحداث في السنوات التي تلت هذه الحادثة وخصوصاً بعد عودته من رحلته العلمية للشام حيث اصبح معتمداً في بلدته حوطة سدير في الافتاء والتدريس. وكما هو حال العديد من الاسر الاخرى التي ايدت دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب والدولة السعودية، فقد عانت اسرة الشيخ محمد بن طراد آل سيف من هذا الموقف الشجاع الذي وقفته في تأييدها لدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب وللدولة السعودية فيما جرى من احداث بعد ذلك. وهذا ما سيتم تناوله في الجزء الذي يأتي.
عاشراً - اثر سقوط الدولة السعودية على منطقة نجد: في عام 1233ه حينما سقطت الدرعية على يد إبراهيم باشا عاش الناس في خوف وفتن لا يعلم بشدتها إلا الله، وقد ذكر ابن بشر ان تلك السنة: "كثر فيها الاختلاف والاضطراب ونهب الاموال، وقتل الرجال وتقدم اناس وتأخر آخرون، وذلك بحكمة الله سبحانه وتعالى". (بن بشر، عنوان المجد، ج1، ص425) ووصف الشيخ بن عيسى هذه السنة 1233ه بأنها كانت "كثيرة الاضطراب من نهب الاموال، وسفك الدماء، وقد ارخها محمد بن عمر الفاخري من المشارفة من الوهبة، وهو ساكن بلد حرمة فقال:
عام به الناس جالوا حسبما جالوا
ونال منا الاعادي فيه ما نالوا
قال الإخلاء: ارخه، فقلت لهم
ارخت، قالوا: بماذا؟ قلت "غربال"
وقد كانت لهذه الهجمة البربرية آثارها السيئة على نجد واهلها فهدمت اسوار البلدان وعاش الناس في رعب وكثر القيل والقال والسبابات عند إبراهيم باشا بين اهل نجد بعضهم في بعض، ولم يسلم من ذلك العلماء واعيان الاسر. وممن رمي عنده الشيخ سليمان آل عبدالله آل الشيخ فأمر الباشا بقتله وقتل ايضاً الشيخ علي بن حمد بن راشد العريني قاضي الخرج، والشيخ رشيد السردي قاض حوطة بني تميم، والشيخ عبدالله بن محمد بن سويلم، والشيخ عبدالله بن حمد بن كثير وغيرهم كثير رحمهم الله تعالى. وقتل ايضاً عدة رجال من اعيان اهل نجد (بن بشر، عنوان المجد، ج1، ص425).
وامتدت الآثار السيئة لهذه الحملة العسكرية لتشمل القضاء على كثير من الانجازات العلمية التي حفلت بها الفترة السابقة وتدمير ما كان موجوداً من خزانات الكتب، وانتقال نسخ كثيرة من المخطوطات الى خارج نجد، أو فقدانها، أو تلفها (العنقري، مآل المخطوطات، 1427ه). وقد وصف احد ادباء سدير حال اهل نجد في تلك الفترة في قصيدة منها:
غدا الناس اثلاثا: فثلث شريدة
يلاوي صليب البين عار وجائع
وثلث الى بطن الثرى دفن ميتاً
وثلث الى الارياف جال وناجع
وممن طالته آثار هذه الهجمة اسرة الشيخ بن طراد آل سيف الدين لم يبق منهم في ذلك الوقت سوى ابن اخ الشيخ محمد بن طراد الدوسري عبدالله بن سعيد الودعاني الدوسري الجد الجامع لآل سعيد اهل حوطة سدير الذي جلى عن بلده حوطة سدير واخفى هويته خوفاً من عساكر الترك الذين كانوا يلاحقون اسر العلماء الذين كانوا يؤيدون الدولة السعودية ودعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب وعاد بعد ان هدأت الامور وعادت الدولة السعودية الثانية (على يد الإمام تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود) فوجد املاك اسرته وعقاراتهم وكثير من وثائقهم قد نهبت فطالب بها فأعاد له البعض بعضاً من هذه الاملاك وانكره آخرون مما جعله يستعين ببعض من لهم علاقة به وبأسرته ويعرفونهم من
¥