تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لقد رأيت الشيخ منذ ثلاث سنين تقريبًا وقبل ذلك كنت أسمع عن الشيخ وأعلم ممن سبقوني أن كل علم في مدينتنا حلوان حفظها الله من قبل هذا المبارك؛ لأنه وإن كان قد انقطع إلى التصنيف والعبادة وغيرهما من لوازم الحياة إلا أنه كان يُدَرِّسُ قبل ذلك لرؤوس طلابها، وكان ينتصب للفتوى. فحدثني عضا لطلبة أنه كان يجمع الأسئلة التي تصدر من جميع طلبة العلم تقريبًا ثم يحملها إليه فينظر الشيخ فيها ثم يجيب عليها، وكان الكل عليه في ذلك عالة إذا استشكلت مسألة أو ساء فهم أو اضطرب أرسلوا إليه فسرعان ما يحل هذا الإشكال ويزول الاضطراب بيسير الكلام من شفتي هذا الحبر النادرة.

وحدثني الشيخ: خالد صقر حفظه الله قال: إننا إلى الآن نحيل المسائل علىالشيخ0

ولا أريد بهذا التقليلَ من قدر الدعاة في حلوان لا سيما شيخ الدعاة فيها: الشيخ الرباني شيخنا الشيخ: مصطفى بن محمد حفظه الله تعالى، فقد حمل لواء الدعوة إلى الله تعالى سنين عددًا، ونشأ جُلُّ الشباب في حجره وأنا منهم، لكنني أردت أن أنبه على فضل شيخنا جزاه الله عنا أهلَ حلوان خير الجزاء وجزاه خيرًا عن كل من انتفع بعلمه في داخل البلاد أو خارجها، أقول: فكان هذا دأب الشيخ في حلوان بما قدره الله له من التسبب في ذلك0 وكنت بعد هذا الكلام العظيم عن الشيخ أشتاق إلى رؤيته، بيد أن الأمر كان لا يتفق في كثير من الأحوال حتى أتاح الله عز وجل وقدر لي رؤيته لَمَّا نقل تجارته من مكانها القديم إلى سوق المساكن الاقتصادية وهذا السوق كان بجوار بيتي، فأخذني بعض إخواني إلى السوق لرؤية الشيخ، فلما رأيته أكبرته ووقعت هيبته في قلبي حتى أنني حقَّا لم أملأ عيني من النظر إلى وجهه؛ خشية أن يقع بصره على وأنا أنظر إليه، فانصرفت سريعًا إلى خارج السوق وراودت صورة الشيخ نفسي حتى أنني لم أنسها حين رؤيتها وإلى لحظة كتابة هذه الأسطر، ثم قدر الله تعالى لي أن أرى بعض تصانيف الشيخ لما كنت أدرس صحيح البخاري في مدرسة الشيخ الجليل: حسن أبي الأشبال في عابدين بمسجد أنصار السنة في شارع قَوَلَةَ، فبينما أنا أطوف على بائعي الكتب بعد خروجي من المسجد إذ وقعت عيني على كتاب أنار اسم الشيخ غلافه وهو كتاب: (إعلام الرجال والنساء بتحريم المكث في المسجد على الجنب والحائض و النفساء)، فسألت الكُتَبِيَّ عن ثمنه وأخذته وانصرفت وأنا جذلًا مسرورًا غاية السرور بهذا الكتاب وتصفحته في الحافلة وقبل الرجوع إلى البيت من فرط إعجابي به وشوقي إليه، فلما ذهبت إلى البيت قرأته بعناية فسرعان ما أخذتني الدهشة من قوة استدلال الشيخ وحسن تصنيفه وإيراده للأدلة وأدبه مع مخالفيه في الرد عليهم، وأبهرني حقًّا كلامه على الحديث المضعف وتقرير أنه يصلح للحجة، فإني أحب هذا العلم جدًّا وأشتهيه، وبالجملة فلقد أبهرني هذا الكتاب عامة وهذا البحث خاصة فأخذت بعدها أنعي على الناس حوله كيف يتركونه يمشي على الأرض؟! مَثَلُ هذا يُحْمَلُ على الأعناق وهو من منة الله تعالى على أهل حلوان لكن الخير لا يأتي طفرة وإنما العلم بالتعلم والحلم بالتحلم، ثم ذهبت بعد ذلك أبحث كل مبحث عن سيرة الشيخ ومواقفه وشغلت مجالسي بذكره، وما جلست غالبًا إلا مع من يعرفه وأمضي في صحبته مدة فجمعت من المعلومات الكثير والكثير ومن المواقف والملح عن الشيخ الأكثر حتى صرت كما قررت آنفًا مرجع الإخوة في الحديث عن الشيخ ولا أنسى إن نسيت هذا الصوت الجَهْوَري الذي أحسست به حقًّا يصوت في نفسي حينما رأيته في حانوته الذي أخذه في وسط السوق وكان ترك الأول وكنت أعمل في مكان بين يدي حانوت الشيخ على يساره فسمعت صوتا جهوريا يصوت في نفسي قائلًا: هذا حماد بن سلمة مرتين أو ثلاثا، ثم قال: هذا حماد الذي لم يكن يضيع وقته، ومنذ هذا الحين وقد تعرفت على الشيخ وعرفني وقويت العلاقة التي بيني وبينه، والحق أنني كنت آخذ منه في العلم إرشادات ما سمعتها من أحد قبله وكانت ملاحظتي إياه في أفعاله خير إرشاد لي كطالب علم صغير ولا غرو فالشيخ مدرسة ينهل الطلبة من أعماله وأقواله وحكمته وحكومته ما يصنع العلماء الرجال ويشحذ الهمم ويأتي على ما يختلج النفوس من باطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولا يستقر في القلب إن شاء الله تعالى وقدر بعد خلطة الشيخ إلا الخير "فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير