تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

السائل فقال الشيخ وبمنتهى التواضع وعدم الاكتراث: ما شعرت بذلك، وقد دق هاتفي يوما فإذا الشيخ يقول لي كلفني فلان أن أخبرك بموعد وليمته فأنكرت الأرض من تحتي كيف يكلف هذا الطالب مثل الشيخ بهذا ولكن إن تعجب فعجب تواضع الشيخ المنقطع النظير في هذا الزمان فلله دره من قدوة ماثله0 وحدثني أخ قال: كان عندي أمر أهمني فأردت أن أسأل الشيخ فكأنني ذهلت من فرط تفكيري في هذا الأمر حتى أنني أرسلت إليه أن ائتني قال: فلم أشعر إلا والشيخ داخل عليَّ في دكاني وهو يقول لي: ماذا أردت؟ ألم ترسل إلي؟ قال: فاستحييت واعتذرت، وحدثني آخر وقد جاء من السوق متعجبًا قال: قد حدث أمر عظيم وأخذ يمدح الشيخ قائلًا: ما رأيت مثله، فقلت له: ما الأمر؟ قال: اشتريت من الشيخ أشياء كثيرة فأردت أن أنصرف فانقطع الكيس الذي أحمل فيه حاجتي فأراد الشيخ أن يحمل معي كيسًا من الأكياس ويوصلني إلى البيت وعمد إلى الكيس بالفعل وحمله وقال لي: هيا امض أوصلك فامتنعت حتى رددت الشيخ على إلحاح منه، ولقد كان الشيخ بيننا كأب حنون يعرف مشاكل كل واحد فينا يفكر فيها ويريد حلها وإبداء المساعدة، فلما رزقني الله تعالى بابنتي هاجر حدث لها شيء في سرتها فأخبرته فأرشدني إلى دواء ومضى يعلمني كيف أستعمله ويواسيني بالتخفيف عني من هذا الأمر قرابة الساعة ثم لما كان في اليوم التالي وجدت وأنا في دكان لبعض إخواني أن قد أتاني الشيخ على غير عادته ثم قال لي: يا سمير كيف حال ابنتك هاجر؟ فبشرته بخير مستحييًا، وكان جيرانه من التجار لا يبالون به كعادة الطغام، فكان بعضهم ربما آذاه بالغناء طوال النهار وبالصوت العالي الأجش ثم يغلق حانوته في آخر اليوم ويترك الكناسة بجوار محله ومحل الشيخ ولا يزيلها فلا يمنع ذلك الشيخ أن يخرج عندما ينتهي من عمل اليوم على سدة محله ويكنسها حتى يتعجب الناس من فعله ذلك ومن فعل جاره هذا! وربما حثه البعض على أن لا ينظف عند الغلام فيسكت وهو يديم الذكر وينظف عند الغلام أيضًا وعدل عن تجارة الحبوب إلى الاتجار في اللحم وكان يقول: إن الذبح الصحيح فرض على الكفاية وأكثر الموجود الآن لا يحسن يستوفي فقه الذبح عمليًا فأرجو أن أسد هذا الباب، قلت: ومن قبل كان قد أثار مسألة حرف الضاد وصلاة الفجر وقبلة المساجد فهذا الرجل رجل أمة يحمل همها كلها فجزاه الله عنا خيرا، فلما تاجر في اللحم حقد عليه بعض جيرانه من تجار اللحم وبينما هو يومًا جالس في حانوته جاء بعض الضباط ومعهم طبيب فأخذوا من عنده ذبيحة ضأن ثمنت بثماني مئة جنيه، فلما انصرفوا رفع جاره صوت المذياع بالغناء وأخذ يرقص ويغني، فقلنا له: ادع عليه يا شيخ، فقال: لا لا أنا لا افعل ذلك، فقال له أخ: لو أعطيتهم شيئا ردوا عليك الذبيحة، فقال الشيخ: لا أعطيهم شيئا، فقلت له: ألم يفت بعض العلماء أن هذا جائز، فقال: نعم وقد أفتى البعض الآخر بعدم الجواز وأنا سآخذ بهذا القول ولن أدفع شيئًا، قلت: فليتعلم طلاب العلم الذين يبحثون عن الرخص ويتركون العزائم حتى في مسائل الخلاف غير المعتبر، ولم يكن الشيخ على هذا الخلق معنا فحسب أو مع جيرانه ولو من غير الملتزمين فحسب بل كان مهتمًا ومغتمًا لأمر الأمة جميعها، فقد سأله أخ وأنا شاهد فقال له: أريد لحمًا كثيرًا لنوسع على الناس يا شيخ ـوكان قد اشترى لحمًا كثيرًا صدقة على الفقراءـ فتجهم وجه الشيخ وقال: كيف يفرح الناس بالعيد والعراق سيضرب، ثم قال بمنتهى الحسرة التي لم أرها في الشيخ من قبل: الناس نائمون، ثم قال: والله لولا أن الله جعله عيدًا ما اتخذناه عيدًا لأجل إخواننًا في العراق، قلت: فكيف بالذين يضحكون ويلعبون ولا كأن إخوانهم يمتحنون!!.

فحسبكم هذا التفاوت بيننا وكلُ إناء بالذي فيه ينضح

*أما عن هيبة الشيخ ومروءته وحشمته:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير