تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

تعالى ألا أترك هذه الحقبة من حياة الشيخ تمر كالهباء المنثور ولكن ينبغي أن نتعلم منها أشياء، من أهمها: أولا: معرفة الشيخ وقدره وأنه منّة من الله علينا أهل حلوان حيث يعيش بيننا. ثانيًا: منزلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والذي اعتبرها البعض الآن تفريقا وفتنة ولا تنبغي حيث إن الخرق متسعًا وينبغي اعتباره فانتهكت حرمات الله تعالى وتفشت البدع ولا زال الخرق متسعًا ويتسع ولا حول ولا قوة إلا بالله!!! ثالثا:أن الأمر بيد الله تعالى يصرفه كيف شاء فكن على الجادة ولا يضرك كثرة المخالفين0

(ثناء زوجة الشيخ عليه)

إن من البدهي عند كل ذي لب رام ترجمة لعالم أن يسأل زوجته ذلك لأنها من أوثق المراجع حيث هي تعرف كثيرًا مما خفي على غيرها؛ ذلك لأنه لا يستطيع تخبئة شيء من عبادته وسلوكه وتقواه عنها إلا بالعناء المعنّي والتي واللتيّا، من أجل ذلك كان هذا الباب بالنسبة لي من المفاخر تحصيلا وتدوينًا ونشرًا لتحصل الأسوة به وليعرف قدر الشيخ حفظه الله، وقد أدلت هذه الزوجة الفاضلة المثالية هذا البيان عن الشيخ لزوجتي، فتفضلت وقالت: التزم الشيخ وهو ابن ست عشرة سنة وكان قد تورع جدًا منذ نعومة أظفاره في الالتزام فنظر إلى أمر المعاصي وأنكرها وهجرها جملة وتفصيلًا وتحمل أشياء كثيرة وشديدة على النفس جدًا من جراء ذلك، ومن ذلك أنه كان يركب الأتوبيس فتفكر فيه فوجد أن المتبرجات والمدخنين وغيرهم من أصحاب المعاصي التي يظهرونها تجمعوا في هذه الحافلة فصارت الحافلة مكان معصية ومع أنه يسوغ له الترخص في ركوبها؛ إذ أنها تقصر المسافة وتقي الجسد من عناء السير الطويل وتنجز المصالح الكثيرة إلى غير ذلك من فوائد، لكنه مع علمه بفوائدها أخذ على نفسه ألا يركبها غضبًا لله تعالى ومنابذةً وهجرًا لأصحاب المعاصي، قالت أم يحيى زوجة الشيخ: فكان يمشي على قدميه ليقضي مصالح نفسه وكان يقصر الطريق على نفسه بالذكر، فقال لها: كنت أقول عليٌ أن أسبح ألفًا وأنا ذاهب، وكذا وأنا عائد وأصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ألفًا، قال: فكنت لا أحس بنصب المشي يقصر ذلك ويذهبه ذكر الله تعالى، قلت: فإن قيل: عطل مصالح نفسه ولا يقول بذلك أحد فإن في مثل هذه المواصلات فوائد لا يستغني الناس عنها غالبًا، قلت: كن سلفيًا تشفى من وساوسك فإن السوق أيضًا لا تقل فوائده عن هذه المواصلات بل هي أعظم بكثير، فإنه الطعام والشراب والذي به قوام الأبدان ومع ذلك كان أهل التراجم يثنون على بعض السلف عند الترجمة لهم فيقولون: ما دخل السوق قط أو لم ير في السوق قط فلله در الشيخ من سلفي مطبق وعابد منذ نعومة أظفاره نفعنا الله بصحبته. قالت أم يحيى: وقال لي: إنه عاهد ربه ألا يكذب وكانت ترى منه في ذلك عجبًا، قالت: فربما أصنع له الطعام الشهي اللذيذ فأقول له: ما رأيك فيه؟ فيقول: متوسط فأعجب من قوله هذا حتى فوجئت بعهده هذا مع الله والشيخ منذ نعومة أظفاره لم يكذب في أدنى شيء، قلت: ويجوز للشيخ أن يترخص بشيء من التعريض في ذلك كأن يقول: هذا أفضل طعام يقصد اليوم أو يقول: ما أكلت مثله يعني في نفس اليوم إلى غير ذلك من تعريضات سائغة مباحة، لكنه أورع من ذلك وإذا كان قد عاهد الله على ألا يكذب فلا للكذب ولو كان مباحا غفر الله للشيخ وحفظ عليه عهده ونفعنا ببركته آمين.

*وأما عن عبادة الشيخ: فتقول أم يحيى: تزوجت الشيخ منذ ثلاث وعشرين سنة ما رأيته ترك نافلة قط ولا ترك قيام الليل أبدًا وكان يشتد في رمضان جدًا حتى أنه صلى بنا في البيت أول ليلة في رمضان فركع بعدما أطال القيام جدًا فأطال الركوع أيضًا حتى ظننت أنني سأصاب بالدوار وسجد فأطال حتى كاد الدم من طول سجوده أن ينقذف من أنفي وأطال حتى أنه قرأ في هاتين الركعتين بثلاثة أجزاء، وقالت: لي معه ثلاث وعشرون سنة ما فاتته صلاة الفجر قط إلا مرة واحدة استيقظ فيها وهو يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله فاستيقظت على حوقلته وكانت الساعة السابعة وقد خرج معه بعض الناس في رحلة العمرة فلما جاؤا حدثوا عنه عجبًا، قالوا: كان ربما لا ينام وكان في غاية الشدة في العبادة حتى أنهم قالوا لي: كيف يقدر الشيخ على هذه العبادة ربما نام أقل من ثلاث ساعات ثم ينبعث للقيام والذكر والصلاة وقراءة القرآن وكان يقول لنا: هل جئتم لتناموا؟!! ثم قالت: والشيخ يقرأ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير