تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أضف إلى ذلك أن رد استحباب السبحة إلى البدعية من أجل أنها عادة يهودية أو هي من هديهم ليس بظاهر بل هو إلى الخطأ ربما يكون أقرب؛ لأنه كما تقرر في علم الأصول أن شرع من قبلنا شرع لنا إلا إذا كان في شرعنا ما يخالفه ويأباه وينفر منه، فأين يا ترى في شرعنا ما ينهى عن السبحة بل قد جاءت أحاديث كثيرة تشير إلى التسبيح على الحصى، وهي وإن كان فيها ضعف إلا أنها بمجموعها تدل على أن لها أصلًا، وكان الحديث الضعيف عند الإمام أحمد أولى من أقوال الرجال، وساق النووي في المجموع الإجماع على أن الحديث الضعيف يعمل به في فضائل الأعمال، وإن كان السخاوي قد خرق هذا الإجماع بقول ابن العربي المالكي، ثم إذا أضيفت هذه الآثار وإقرارات العلماء المذكورة آنفًا إلى هذه الأحاديث يستوي الأمر ويعلم أن السبحة ليست ببدعة. وأقول: لو اعتبرنا أن هذا الأمر فيه أخذ ورد وخلاف بين أهل العلم فلا يحق لأخ شم رائحة العلم أن يذم الشيخ بها أو أن يختلف معه من أجلها فهذه مسألة خلافية يا أولي النهي والحجا!!

قالوا عن الشيخ: لا يسلم على أحد!

قلت: وهذه في الحقيقة قولة صدرت من رجل عظيم القدر في قلبي جدًّا إلى الآن، وليس هو ممن يلقي الكلام على عواهنه إلا أنه للسان ذلات ولكل جواد كبوة والنقص في أصل الطبيعة كامن.

ولقد بلغني أنه اعتذر للشيخ وصار يعظمه وقد كان كذلك من قبل ولله الحمد والمنة، لكن لا يمنع هذا من مناقشة هذه القولة أيضًا؛ حتى لا نترك شيئًا إلا ناقشناه ورددناه عن الشيخ بحول الله عز وجل، فأقول: إن قوله لا يسلم على أحد قولة عامة لا قيد لها ولا خطام؛ ذلك لأنه لا يشهد كل أحوال الناس إلا الله عز وجل ثم إن قائل هذه المقالة لم يسأل الشيخ عن سبب عدم إلقاء السلام، والمعلوم أن الإنسان العاقل لا يفعل شيئًا إلا بحكمة فكيف بعالم جليل مثل الشيخ، فكان في هذا الأمر تقصير شديد وتسرع في إلقاء الحكم على الشيخ، وأقول وبمنتهى الثقة والحزم ثقة من خبر الشيخ ولازمه وتعرف على شخصيته، فأقول والله المستعان:

أولًا: يمنع الشيخ من السلام على الناس غضبه لله تعالى فهو لا يسلم على سبابي الدين ولا العصاة معصية ظاهرة ولا على الذين لا يصلون وهذا من باب الغضب لله الموافق للسنة الصحيحة، فلقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم على بعض أصحابه ثوبًا من حرير فغضب ولم يكلمه حتى ذهب وأحرقه، وكذا هجر كعب بن مالك وصاحبيه في القصة المعروفة وهجر إحدي زوجاته لما سبت صفية رضي الله عنهم جميعًا إلى غير ذلك من أدلة ربما لا تعجب البعض! ويقولون: هكذا يتفرق الناس فيقال لهم: فليتفرق الناس وليرضى رب الناس فعسى الله أن يجمعهم من بعد فرقة ببركة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويدلني الألباء منكم لو جمعنا الناس بعد فرقة وهم عصاة فيكون لتجميعهم أثر، لا والله بل تفرقتهم يومها أولى، ثم يقال: وهل هذا الأسلوب يفرق؟ لا والله لقد رأينا فوائد عظيمة عادت على المسلمين من أجل هذا الهجر في الله تعالى وقد تقدم في عجز الرسالة الأولى كيف اعتدلت قبلة مسجد غابت منحرفة سنين ببركة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والهجر في الله تعالى، ومن لم يجعل الله له نورًا فماله من نور (وتلاحظ المصلحة والمفسدة في الهجر، فليس كل عاص يهجر بادي الرأي، فللهجر آداب ينبغي أن تتعلم، لكن لا نقول بترك الهجر كلية فإن فيه فوائد وإصلاحات لا تكون إلا به والله الموفق للصواب).

ثانيًا: لو قيل: ربما لا يسلم على الإخوة أيضًا، فيقال: هذا تعميم غير مُرْضي، وأنا حجة على قائل هذه القالة، فربما انحرف الشيخ عن طريقه حتى يأتي ويسلم عليَّ وبيده مصافحة، وحدثني بعض الإخوة أن الشيخ ترك طريقًا وعبر الآخر ليسلم عليه ثم عاد إلى الطريق نفسه مرة أخرى، ولا ينسى قائل هذا القول أن السلام سنة ورده فريضة، وهذا اعتبار هام بمعرفته يعلم أن الشيخ ربما انشغل بالذكر عن غيره من كل شئ حتى السلام لا سيما والشيخ ربما أغمض عينيه وهو في الشارع أحيانًا، وحينئذ لا ينكر عليه بتاتًا والله المستعان.

قالوا عن الشيخ: لا ينظر لأحد.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير