تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهذه لعمري ممدحة لا مثلبة ومنقبة لا منقصة وقائل هذه عجيب!! وماذا يريد من وجه الشيخ؟ وهل من شروط الإفتاء أن ينظر المفتي لسائله؟ وربما قيل: ينبغي أن يكون قد غسل وجهه قبلها وتعطر وسرح شعر لحيته ورأسه واكتحل وبل شفتيه بريقه حتى لا تبدو قبيحة المنظر حيث الوجه الحسن يعود على السائل بالراحة النفسية فلا يفزع عند السؤال ويعي الإجابة جيدًا!!!!!!! يا قومنا اتقوا الله وافطموا النفس عن ثدي الهوى، فوالله وتالله وبالله لهذا الهراء وهذه الهزرمة من جراء هوائكم وترك العنان للنفس ترتع أينما شاءت ومتى شاءت وكيف شاءت. ألا فليعلم هذا المتعنت صاحب هذا القول أن غض البصر عن كل شيء لا حاجة لك به منفعة لقلبك ولمًّا لما تفرق منه، وفي هذا يقول الإمام الغزالي رحمه الله ما فحواه: ينبغي ترك فضول الكلام والنظر والطعام والشراب والنكاح. قلت: وليس غض البصر عن المحرمات بحسب، بل يستحب عن المباحات أيضًا التي هي من الفضول وليست من الأصول؛ وهذا بن مسعود رضى الله عنه يجلس معه رجال يوما كما في الحلية فينظر أحدهم إلى سقف بيت بن مسعود ويشير إلى عش طائر فقال له بن مسعود والله ما رأيته إلا الآن وما نظرت إليه قط0 ولذلك يشاهد الناس أن الأعمى غالبا يكون أرق قلبًا وأعظم فهمًا وحفظًا ممن سواه؛ وذلك لأن العين منفذ على القلب لو تشتتت تشتت القلب بتشتتها وهذه دقيقة تربوية سلوكية ينبغي على السالك معرفتها قبل إنكارها والله الموفق.

قالوا عن الشيخ: لا يضحك و فيه حدة شديدة نفرتنا.

قلت: وهذه أيضًا كالسابقة لها، فهل ينبغي للعالم أن يحفظ كَمًّا من الألغاز والملح حتى إذا ما أتاه السائل أضحكه قبل الإجابة عليه أم ماذا؟! إن قلة الضحك من الحزم والتقوى وليعلم هذا المعترض أن من السلف من أقسم ألا يضحك حتى يعلم من أهل الجنة هو أم لا، مثل مسعود بن خراش، فسل أبا بكر كيف كان بكاؤك يجبك كنت إذا صليت لا تعرف صلاتي من البكاء وسل عمر رضي الله عنه كيف كان بكاؤك؟ يجبك: خط البكاء في وجهي خطين أسودين من كثرة البكاء، سل عثمان وعلياًَ، لقد قال أهل التراجم: إن الإمام النووي كان عديم الضحك واللعب حازم الرأي.

أَلا فأثبت أيها المعترض العرش ثم انقش ولتقرأ عن سلفك ثم لتنكر ما بدا لك ولله در ابن مسعود رضي الله عنه حين قال: "عليك بمن مات فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة" ثم ينبغي أن يعلم أن هذه القالة هي محض افتراء على الشيخ و إلا فقد جالسنا الشيخ كثيرًا وما علمنا عنه أنه لا يضحك، بل هو ضحوك بسوم لكن عندما يسمع عجبًا لا غمط فيه ولا سب ولا تجاوز لحد من حدود الله تعالى، بل وربما علا صوته بالضحك، وهذا أمر معلوم يسأل عنه القريبون من الشيخ، ولله الحمد والمنة.

قالوا عن الشيخ: منعزل عن الأخوة غير مختلط بهم.

قلت: تلك شكاة ظاهر عنك عارها ولا إله إلا الله، لقد بلغت العقول إلى مثل هذا حتى أنها صارت ترى الحق باطلًا والباطل حقًا، لقد رغب النبي صلى الله عليه وسلم في العزلة كما في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رجل: أي الناس أفضل يا رسول الله؟ قال: "مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله" قال: ثم من؟ قال: "رجل منعزل في شعب من الشعاب يعبد ربه" رواه البخاري ومسلم وهذا سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه يعتزل في شعب له يرعى غنمًا فيأتيه ولده قائلًا: إن الناس يختلفون على الملك وأنت ههنا؟!! فضرب سعد في صدر ولده وقال له: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي" رواه مسلم- والغني يعني القنوع كما في الترغيب- قلت: وهذا سعيد بن المسيب كان لا يخرج من بيته إلا إلى المسجد أو إلى بيت ابنته لزيارتها فقط، وهذا الإمام أحمد يقول ولده عبد الله عنه مادحًا: وكان أصبر الناس على الوحدة. فانظر كيف ساقها مساق المدح، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى تفضيل العزلة مطلقًا، وذهب البعض الآخر إلى تفضيل الخلطة مطلقًا، وفصل شيخ الإسلام ابن تيمية في هذه المسألة تفصيلًا حسنًا قال: "إذا كان الشيء مما يؤمر فيه المرء بالخلطة كالجماعة والجمعة والجنائز وغير ذلك استحبت له الخلطة وما كان غير ذلك فلا بأس" أ. هـ كلامه بمعناه. قلت: فما أسعد زماننا بقوم أتوا في المسألة بقول رابع ألا وهو: إن من لا يختلط بالناس يذم مطلقًا ويذكر بالسوء وينابذ؟!!!!! وهذا لعمري ما علمت

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير