تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إذا ثبت هذا فأردفه بآخر وهو أن الدعوى ليست مقتصرة على نوع واحد، لكن من علم حديثًا فقد دعا ومن علم آية فقد دعا ومن حسن ظاهره فقد دعا ومن أفتى فقد دعا ومن أتى بغيره إلى المسجد فقد دعا، فأي نوع من أنواع هذه الدعوة تركه الشيخ؟! إن كان قد ترك نوعًا فقد فعل آخر وهكذا، فالشيخ يدعو على أية حال كما سبق تقريره ولوحظ من هذا التأصيل الفائت، فأي طعن يوجه إليه إذًا؟!! إن قصد أخونا تركه للدعوة المنبرية، قلنا له: ألم يؤلف كتبًا كما سبق في ترجمته؟ بل هو الآن منشغل بكتاب لعله يكون بمثابة العروس المجلية في هذا الزمان وهو كتاب (ترتيب مسند الإمام أحمد) أليست هذه دعوة؟ مع أنني أزيدك إن كنت لا تدري أن للشيخ مجلسًا شهريًا للفتاوى في مسجد الحق بحلوان خلف المعهد الأزهري ـوقد انقطع هذا الدرس لظروف!!! -لكن له الآن مجلس فتوى آخر في مسجد الصديق بحلوان وأيضًا كان له مجلس فقه بمدينة الموظفين كما سبق، أضف إلى ذلك المجالس الخاصة التي تكون على أثر دعوةً للشيخ من أحد طلابه في منزله لعقيقة أو وليمة أو غير ذلك، وفي دكانه يفزع إليه كل رؤوس الطلبة في حلوان تقريبًا وكنت أرى بنفسي السائلين وهم يدخلون واحدًا تلو الآخر في دكان الشيخ يستفتونه في مسائل الطلاق التي أحالها عليه الشيخ: مصطفى محمد شيخ حلوان حفظه الله تعالى، وقد حدثني الشيخ أنهم ربما أتوه في بيته للسؤال. وتقول زوجة الشيخ إلى الآن يأتي الشيخ محمد بن عبد المقصود للشيخ في البيت للزيارة والنقاش وقد مضى ذلك في ترجمة الشيخ، فهل هذه أيضًا ليست بدعوة؟! أم أن القوم لا يعرفون معنى كلمة (دعوة)؟!!.

و إلا فليدلني الألباء كيف خرج الآن وفيما مضى طلاب علم ينسبون للشيخ كما سبق في ترجمته أم أنهم نسبوا أنفسهم إليه بلا تعليم ولا تعلم ولا إرشاد؟!!

والدعاوي إن لم تقيموا عليها بينات أبناؤها أدعياء

إن ثبت ذلك فقد نقضت هذه الدعوى وهدم هذا المبنى وأزيد أيضًا قائلًا: أهمس إليك أخي القارئ بهذا السؤال الذي كررته كثيرًا هل أنت سلفي؟ إن قلت: نعم، قلت: فالسلف لم يكونوا يفكرون بمثل فكرك هذا، ولكنهم كانوا مختلفين تمامًا في معاملة الشيوخ، فاسمع بارك الله لك في سمعك إلى هذه الوصية: إنك وارد على الشيخ لا العكس فينبغي لك أن تعلم أنه ينبغي عليك أن تتشكل كما يعجب شيخك وتروض نفسك على طباعه، فإن أرادك أن تأخذ العلم واقفًا مثلًا أو لم يسمح لك بالقعود أو قال لك: امكث على باب بيتي في البرد القارص حتى أعطيك العلم في الصباح فبها ونعمت، المهم أن يحصل العلم والتربية، وهذا لا يكون إلا من قبل شيخك واستمع إلى أخبارهم يرحمك الله، هذا هو الإمام العلامة الكبير: عبيد الله بن عبد الله بن عتبة وكان قد وقف ببابه السيد العابد الكبير المعظم: زين العابدين بن النبي صلى الله عليه وسلم فتركه على بابه زمنًا طويلًا وقام يصلي فقيل له: أوقفت ابن بنت رسول الله على بابك كل هذا الزمان فقال: "اللهم غفرًا لا يدرك هذا الشأن إلا بالذل والنصب". وهذا ابن عباس رضي الله عنهما يقول: "كنت أعلم أن الرجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عنده آية من كتاب الله تعالى فآتيه فأجده نائمًا فأقيل على بابه تسفي عليَّ الريح رمالًا حتى يخرج فإذا رآني قال: لو أمرتني لأتيتك يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقول: أنت أحق".وهذا ابن خزيمة ذكر بعض شيوخه بمصر و هو أبو عبد الله البوشنجي وقال: "لولا أنه كان شديدًا في بث العلم لما خرجت من مصر وما منعه ذلك من الصلاة عليه لما توفي والثناء عليه فيما بين ذلك" ومن المواقف التي تذكر لابن خزيمة مع البوشنجى أنه صلى يوما على جنازة ثم توجه إلى راحلته فأمسك بن خزيمة بلجامها وغيره بالغرز وثالث بالغرز الثاني فلما استوى على الراحلة مضى ولم يكلم أحداً منهم. قلت: هكذا فليكن الأدب يا طلاب العلم مع الشيوخ، فإن الشيخ ينبغي أن يكون صنو أبيك وأمك، بل لعله أن يكون أفضل منهما بالنسبة لآخرتك، فهو الذي يدلك عليها والأبوان إنما يدلان غالبًا على الدنيا وشتان بين هذا وذاك، ولله در محمد بن هارون الدمشقي فقد قال معلماً0

لمحبرة تجالسنى نهارى أحب إلي من أنس الحبيب

ورزمة كاغد فىالبيت عندى أحب إلي من عدل الدقيق

ولطمة عالم في الخد منى ألذ لدي من شرب الرحيق

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير