انتقل له في باب البدعة، فإن وجده صاحب سنة وعمل شم قلبه، فإن وجده عنده قوة في الدين، دخل عليه من باب الخلو حتى يخرجه عن طريق الصالحين، فإن وجد معه فتوراً، جاءه من باب الكسل والقصور والأماني، حتى يخرجه عن الصراط المستقيم، فإن وجده مقتصداً لا جافياً ولا غالياً، جاءه من باب الشهوة والاسترسال مع المحرمات، حتى يرده إلى الباب الأول، فان وجد معه تقوى وحقيقتها فعل الواجبات وترك المحرمات، صادره من الباب السادس، ولا يفلته فيسلط عليه الناس يؤذونه بأنواع الأذيات، وينفرهم ولا يقبلون دعوته، ولكن إذا وصل الإنسان إلى هذه الدرجة، فيحمد الله الذي جعله من أهلها وأكرمه بها ورفعه فيها، فإن هذا المقام أعلى مقام وليس فوقه أعلى منه إلا مقام النبوة. هذا معنى كلامه رحمه الله تعالى، وليس هو بحروفه. ويشهد له قوله تعالى: «الم* أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا أمنا وهم لا يفتنون* ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين» وقوله عليه الصلاة والسلام: «أشد الناس بلاءً الأنبياء ثم بعدهم الأمثل فالأمثل ... » إلى أخر الحديث.
(قف): أخي الناس أحوالهم لا تخفى فقد شتموا رب العالمين، وهو الذي يخلقهم ويرزقهم ويميتهم ويحييهم ويدبر جميع أمورهم، فقالوا: ثالث ثلاثة، وقالوا، فقير ونحن أغنياء، وقالوا له زوجة وله ولد، وقولوا ليس هنا رب بل فروج تدفع وارض تبلغ، وصبر عليهم وهو القادر القاهر الفعال لما يريد، وقد شتموا رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، فقالوا ساحر وقولوا كذاب وقالوا كاهن وقالوا صابي وقالوا مجنون، إلى غير ذالك من أنواع الأذايا التي آذوه بها كما لا يخفى، آذوا رسله الأولين وعباده الصالحين منذ قُتل ولد آدم إلى يومنا هذا، ولن تزال الأشرار تؤذي الأخيار إلى يوم الدين؛ لأن الدور ثلاثاً، دار أخلصت للطيبين، ودار أخلصت للخبيثين، ودار امتزج فيها الخبيث والطيب، وبسبب هذا الامتزاج يحصل الابتلاء والامتحان على الطيب من الخبيث، وثق بالله لقد وقعوا في عرضك عندي، حتى من ظمن ما قالوا: أن قاضي جيزان عبد الله ابن حميد تسلط على حوش فيه عشائي ومباني لأُناس ضعاف يتامى، قد كان والدهم شراه في وقت رخاء المثمنات والمجاعات في السابق، بأربعين ريال فرانسه، واليوم يساوي أربعة ألاف، فأخذه عليهم بأربعين ريال فرانسه قيمته الاولة فقط فدفعت عنك وعن عرضك بما علمه وسمعه رب العالمين، وارجوا ثواب ذالك عنده تعالى.
فإذا كانت هذه حالة الناس مع الرب ورسله وأولياه، فكيف بالضعيف المسكين العاجز عبدالله بن سعدي العبدلي الغامدي، قل مَذقُوه حَرقُوه وقَطعوه لولا لطف رب العالمين، كيف لا وقد قال تعالى: «وكذالك جعلنا لكل نبي عدواً شياطين الأنس والجن * يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً * ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون* ولتصفي إليه أفئدة الذين لايؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون» وقوله تعالى: «وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون» «وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين».
(قف) «حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا* جاءهم نصرنا فنجي من نشاء * ولا يرد باسنا عن القوم المجرمين» «أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم * مستهم البأساء والضراء * وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب».
إلى هنا انتهى القلم بما كتب، وقد ضربت صفحاً عن الأكثر مما أدليتم به، والذي أجبت عنه لم استقصي له في الجواب، عملاً بقوله تعالى: «عرَّف بعضه وأعرض عن بعض».
والمرجوا من فضيلتكم مراجعة الكتب والرسائل المنوه عنها في السابق، وتأملها بتؤده وإمعان نظر وحضور قلب، لأن الغالب على القاضي شغل القلب من مقاساة العمل، وتشويش الخصوم.
عافانا الله جميعاً من النار وأذاقنا نعيم الجنة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وصلى الله وسلم على محمد وعلى اله وصحبه أجمعين، حرر في 13 شوال 1369هـ عبدالله بن سعدي الغامدي العبدلي)
ـ[رياض السعيد]ــــــــ[21 - 06 - 07, 10:29 ص]ـ
لأن افتخر أهل نجد بقيام علماء آل الشيخ وآل عتيق وأهل القصيم بآل سليم لقيامهم بالدعوة للتوحيد ..... فليفخر أهل الجنوب بشيخنا عبدالله بن سعدي الغامدي
ـ[السنافي]ــــــــ[21 - 06 - 07, 10:34 ص]ـ
أخي بعيداً عن المفاخرات .. فهذه وثيقة تأريخية مهمة.
جزاك الله خيراً
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[21 - 06 - 07, 11:37 ص]ـ
جزى الله الشيخ الفاضل رياض السعيد على نشره لهذه الرسالة المهمة والنادرة عن شيخنا عبدالله العبدلي الغامدي رحمه الله.
وقد سمعت من الشيخ رحمه الله في عدد من مجالسه أطرافا من مثل هذه الأخبار، فكنت أتمنى أن توثق عنه.
وللشيخ رحمه الله حكايات ومواقف متعددة في الدعوة إلى الله تعالى،فرحمه الله وغفر له ورفع درجته في المهديين.
وللفائدة فقد سبق أن نشرت له بعض رسال على هذه الروابط
رسالة (الأخطاء الأساسية في فتح الباري) للشيخ عبدالله العبدلي الغامدي رحمه الله ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=138920#post138920)
رسالة في الولاء والبراء للشيخ عبدالله العبدلي الغامدي رحمه الله ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=141315#post141315)
ماافتقر تقي قط ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=311268#post311268)
¥