[ترجمة الزاهد محمد المشيقح غفر الله له]
ـ[دحيم الفضل]ــــــــ[25 - 07 - 07, 01:19 ص]ـ
يقول الله تعالى في محكم التنزيل: {أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} قال ابن عباس خرابها بموت علمائها وفقهائها وأهل الخير منها، وبالأمس نعت بريدة وودعت العبدالصالح الشيخ محمد بن عبدالعزيز المشيقح عن عمر تجاوز المائة سنة قضاها في العبادة والذكر والصلاة، ومثل هذا الزاهد تتوق النفوس إلى معرفة سيرته بل يدفعها فضول محمود إلى التشوق والتتبع إلى معرفة أخباره وأحواله.
فكانت ولادته في عام 1326 هـ وكان وحيد أمه ولما حملت به رأت في المنام أن عليها عقداً من الذهب فعبرت الرؤية بالولد الصالح مع طول عمره، وبالفعل كان عابداً أواهاً منيباً زاهداً في حطام الدنيا ومتع الله بعمره على عمل صالح، تعلم القراءة والكتابة على يد جده لأمه الشيخ محمد بن عبدالعزيز الصقعبي، ثم قرأ العلوم الشرعية على الشيخين عبدالله وعمر ابني محمد بن سليم والشيخ العبادي والشيخ ابن حميد والشيخ الخريصي- رحمهم الله-. وأصبح إماماً لمسجد المشيقح منذ عام 1391 هـ.
وكان برنامجه اليومي يبدأ قبل الفجر حيث يحيي ليله بالصلاة والتهجد والانطراح بين يدي الله إلى أن يحين الفجر فيصلي ويجلس في المسجد حتى تبزغ الشمس وترتفع فيعود إلى بيته فيتوضأ وينام حتى التاسعة والنصف، ثم يقوم ويتوضأ، ويصلي ويقرأ القرآن إلى أن يؤذن للظهر، وبعد الصلاة له درس يومي مع بعض الطلبة، وبعد العصر له مجلس يومي في بيته يقرأ عليه القرآن، وكتاب البداية والنهاية لابن كثير، ثم يتوافد عليه الزوار والمحبون، وقبيل المغرب يكمل حزبه من القرآن إلى أن تحين الصلاة، وبعد المغرب يجلس في منزله لاستقبال أهله وأولاده ومحارمه، وبعد صلاة العشاء يفتح باب مجلسه العلمي للقراءة في السيرة النبوية.
وهذا المجلس العلمي في منزل المشيقح له أصل حيث أسسه الوجيه عبدالعزيز بن حمود المشيقح، وذلك بعد وفاة قاضي بريدة الشيخ محمد بن عبدالله بن سليم عام 1326 هـ حيث اهتم بشأنه ابناه عبدالله وعمر فقرر مجلس القراءة بعد العشاء في منزله فتحضر السرج والأتاريك قبل الكهرباء والقهوة والشاي والماء البارد في الصيف للقراء.
ويحضر الناس لاستماع الدرس، وهذا المجلس مخصص لكبار الطلبة، وفي عام 1391 هـ انتقل المجلس إلى منزل ابنه حمود العبدالعزيز، وبعد وفاته انتقل الدرس إلى المترجم له الشيخ محمد منذ عام 1409 هـ إلى عام 1427 هـ.
كان- رحمه الله يأمر أهله بإشعال البخور في صلاة العشاء كل ليلة اثنين وجمعة، ثم يقرأ على جماعة المسجد في كتاب صفوة الصفوة لابن الجوزي.
كان يصوم التطوع والأيام البيض من كل شهر، ويحج كل سنة ويعتمر في السنة ثلاث مرات، ويختم القرآن في كل ثلاثة أيام، وفي رمضان يختم في التراويح ليلة خمس وعشرين، وهذه الختمة معروفة في مسجد المشيقح منذ أكثر من 70 سنة، يتخلل برنامجه اليومي زيارة المرضى والصلاة على الجنائز واتباعها، كان يصلي الجمعة في مسجد الخريصي ويحمل في جيبه الريالات يوزعها على فقراء المسجد ويحمل في جيبه الحلوى يوزعها على الكبير والصغير، ومن يسلم عليه يدعو له (بحسن الخاتمة) يقول الشيخ نواف الرعوجي مدير التوعية والتوجيه بالهيئة سلمت عليه في احد الأيام وقلت له الله يدخلك ووالديك الجنة فاغرورقت عيناه بالدموع وأشاح بوجهه عني وهو يبكي.
أصيب- رحمه الله- بجلطة قبل وفاته بسنة وكان في ذلك اليوم صائماً تطوعاً لله، وقد ختم القرآن في حينها، ففقد كل شيء إلا الفكر فكان يردد القرآن في كل لحظة وتوفي يوم الأحد 13 - 3 - 1428 هـ وصلي عليه في جامع محمد بن عبدالوهاب ودفن في مقبرة الموطأ ببريدة.
ومن أبرز تلامذته (الشيخ علي المشيقح إمام جامع السادة، وحفيده الشيخ عبدالعزيز إمام مسجد المشيقح، والشيخ مشيقح المشيقح، والشيخ صالح الحمادا والشيخ عبدالرحمن الركف والشيخ سيف الوقيت والشيخ عبدالله بن صالح العييري والشيخ سليمان الخضير).