والأولى أن يصل البسملة بالحمد لله؛ لأنها آية منها، والأولى أن لا يقف على أنعمت عليهم؛ لأن هذا ليس بوقف ولا منتهى آية أيضا عند الشافعي رحمه الله.
و قال الشربيني في الإقناع 1/ 167:
و إن كان اللحن في غير الفاتحة كجر لام رسوله صحت صلاته و القدوة به حيث كان عاجزا عن التعلم أو جاهلا بالتحريم أو ناسيا، أما القادر العالم العامد فلا تصح صلاته و لا القدوة به للعالم بحاله
مذهب الحنابلة
وقال صاحب (كشاف القناع من كتب الحنابلة 1/ 337):
وفيها أي: الفاتحة (إحدى عشرة تشديدة) وذلك في: لله، ورب، والرحمن، والرحيم، والدين، وإياك، وإياك، والصراط، والذين، وفي الضالين ثنتان. وأما البسملة ففيها ثلاث تشديدات (فإن ترك ترتيبها) أي الفاتحة، بأن قدم بعض الآيات على بعض لم يعتد بها لأن ترتيبها شرط صحة قراءتها فإن من نكسها لا يسمى قارئا لها عرفا وقال في الشرح عن القاضي: وإن قدم آية منها في غير موضعها عمدا أبطلها. وإن كان غلطا رجع فأتمها (أو) ترك حرفا منها) أي الفاتحة، لم يعتد بها لأنه لم يقرأها، وإنما قرأ بعضها، (أو ترك (تشديدة) منها (لم يعتد بها) لأن التشديدة بمنزلة حرف، فإن الحرف المشدد قائم مقام حرفين، فإذا أخل بها فقد أخل بحرف قال في شرح الفروع: وهذا إذا فات محلها وبعد عنه بحيث يخل بالموالاة، أما لو كان قريبا منه فأعاد الكلمة أجزأه ذلك، لأنه يكون بمثابة من نطق بها على غير الصواب فيأتي بها على وجه الصواب. قال: وهذا كله يقتضي عدم بطلان صلاته، ومقتضى ذلك: أن يكون ترك التشديدة سهوا أو خطأ، أما لو تركها عمدا فقاعدة المذهب تقتضي بطلان صلاته إن انتقل عن محلها، كغيرها من الأركان، فأما ما دام في محلها، وهو حرفها لم تبطل صلاته. ا هـ
الإنصاف (من كتب الحنابلة2/ 272)
قوله (وتكره إمامة اللحان) يعني الذي لا يحيل المعنى، وهذا المذهب، وعليه الأصحاب، ونقل إسماعيل بن إسحاق الثقفي: لا يصلى خلفه. تنبيهان. أحدهما: قال في مجمع البحرين: وقول الشيخ " ويكره إمامة اللحان " أي الكثير اللحن، لا من يسبق لسانه باليسير فقد لا يخلو من ذلك إمام أو غيره. الثاني: أفادنا المصنف بقوله " وتكره إمامة اللحان " صحة إمامته مع الكراهة، وهو المذهب مطلقا والمشهور عند الأصحاب. وقال ابن منجا في شرحه: فإن تعمد ذلك، لم تصح صلاته؛ لأنه مستهزئ ومتعمد قال في الفروع: وهو ظاهر كلام ابن عقيل في الفصول قال: وكلامهم في تحريمه يحتمل وجهين أولهما: يحرم، وقال ابن عقيل في الفنون، في التلحين المغير للنظم: يكره، لقوله يحرم؛ لأنه أكثر من اللحن قال الشيخ تقي الدين: ولا بأس بقراءته عجزا قال في الفروع: ومراده غير المصلي. قوله (والفأفاء الذي يكرر الفاء (والتمتام) الذي يكرر التاء، ولا يفصح ببعض الحروف، تكره إمامتهم، وهو المذهب، وعليه الأصحاب، وحكي قول: لا تصح إمامتهم. حكاه ابن تميم قلت: قال في المبهج: والتمتام والفأفاء تصح إمامتهم بمثلهم، ولا تصح بمن هو أكمل منهم قلت: وهو بعيد. تنبيه: قوله (ومن لا يفصح ببعض الحروف) كالقاف والضاد، وتقدم قريبا إذا أبدل الضاد ظاء.
و قال ابن قدامة (الكافي 1/ 183):
من تصح إمامته بمثله و لا تصح بغيره و هم ثلاثة أنواع: الثاني: الأمي، و هو من لا يحسن الفاتحة أو يخل بترتيبها أو بحرف منها أو يبدله بغيره
***************
::: الخلاصة:::
يتضح مما سبق أن قراءة القرآن الكريم بالتجويد واجب وأن ترك ذلك للقادر على تعلمه حرام يأثم عليه، وذلك للأدلة الكثيرة التي صدرنا بها البحث.
وأما كلام العلماء الذين قالوا بعدم الوجوب فهو في الغالب يدور على مقاصد ثلاثة:
1 - أن المذموم هو المبالغة في التجويد والتمطيط والتشدق به، وهذا مذموم أيضا عند القائلين بالوجوب.
2 - أن المذموم هو الانشغال بمراعاة أحكام التجويد على حساب التدبر والتفهم للمعاني.
3 - أن المذموم هو الانشغال بجمع طرق الروايات على حساب العلوم الشرعية الأخرى
- ومما يدل على أن مقصودهم يدور على هذا المعنى أن ابن الجوزي رحمه الله برغم ذمه الشديد وتشنيعه على المنشغلين بهذا العلم كما سبق بيانه، قد طلب هو نفسه القراءات العشر في آخر حياته وهو ابن ثمانين سنة.
- وكذا برغم كلام شيخ الإسلام السابق آنفا فقد أفتى ببطلان صلاة من لحن في الفاتحة.
¥