تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يضم الملف مجموعة كبيرة من المراسلات بين الوزارات البريطانية الثلاث، الخارجية والمستعمرات والدفاع، مع السفراء وغيرهم من الممثلين والديبلوماسيين البريطانيين في منطقة الشرق الأوسط وآسيا وأوروبا محورها الحاج أمين ونشاطه السياسي وتحركاته. وتغطي الوثائق فترة عام كامل من كانون الأول (ديسمبر) 1940 إلى كانون الأول (ديسمبر) 1941، وهي الفترة التي شهدت اندلاع الحرب العالمية الثانية.

وانطلاقاً من أهمية الموضوع بالنسبة الى تاريخ الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية بالذات بادرت "الحياة" للاطلاع على الملف وحصلت من أرشيف وزارة الخارجية البريطانية في حي كيو جنوب غربي لندن على نسخة مصورة منه، ودققت في الوثائق والمعلومات الواردة فيه، وأجرت اتصالا مع مسؤولين في وزارة الخارجية للحصول على توضيحات منهم، خصوصاً عن سبب السرية التي شُمل بها الملف لمدة تزيد عن ستين عاماً، في حين تكشف الحكومة البريطانية عن ملفاتها السرية عادة بعد انقضاء ثلاثين عاماً عليها. كما طلبت من الأكاديمي الفلسطيني المعروف الدكتور موسى البديري أستاذ التاريخ والعلوم السياسية في جامعة بير زيت إعطاء رأيه في المعلومات التي تضمنتها الوثائق وأهميتها التاريخية.

وتجدر الإشارة إلى أن الحكومة البريطانية حاولت إلقاء القبض على الحاج أمين عام 1938، بسبب معارضته مقترحاتها لتسوية الصراع في فلسطين والتي أطلق عليها إسم "الكتاب الأبيض" الذي صدر على أثر ثورة عام 1936 ضد الانتداب البريطاني في فلسطين في محاولة لتهدئة غضب الفلسطينيين. وجرت مطاردة الزعيم الفلسطيني في فلسطين، حيث قيل انه اختبأ لمدة طويلة داخل الحرم القدسي الشريف قبل أن يتمكن من الهرب من فلسطين بزي امرأة بواسطة سيارة تابعة لديبلوماسي عراقي، ووصل إلى دمشق التي كانت خاضعة للسيطرة الفرنسية. كان ذلك قبل اندلاع الحرب، ولم تتوقف محاولات بريطانيا لمطاردة الحاج أمين حتى في دمشق، مما اضطره إلى الهرب في عام 1940 إلى العراق، بعد تعيين رشيد عالي الكيلاني رئيسا للوزراء. لكن ما لبث الكيلاني أن دبر انقلاباً عسكرياً بمساعدة الجيش ضد العائلة المالكة التي لجأت إلى طهران وتسلم الكيلاني الحكم في العراق، فاضطرت بريطانيا التي كانت تخشى من ميول الكيلاني تجاه ألمانيا للتدخل عسكرياً في أيار (مايو) 1941 وأفشلت الانقلاب وأعادت العائلة المالكة إلى بغداد، فهرب الكيلاني إلى تركيا، أما الحاج أمين فاختفت آثاره، ويعتقد أنه فر إلى إيران، فواصلت بريطانيا مطاردته.

وفي ما يأتي عرضاً لمعظم الوثائق التي تضمنها الملف والتي تغطي هذه الفترة:

تتناول مجموعة الوثائق المنشورة في هذه الحلقة من الملف السري الذي أفرجت عنه وزارة الخارجية البريطانية المرحلة الأخيرة من المطاردة التي قامت بها بريطانيا العظمى ضد الزعيم الفلسطيني مفتي القدس السابق الحاج أمين الحسيني في بداية الحرب العالمية الثانية، وتكشف كيف أنها بدأت تسير في هذه المرحلة بشكل محموم.

وكشفت الوثائق التي نشرت في الحلقة الأولى بكل وضوح أن المفتي لم يكن يميل كليا إلى ألمانيا ودول المحور بدليل أنه كان يفكر بإرسال مقاتلين فلسطينيين إلى ليبيا لمساعدة السنوسيين في معركتهم للتحرر من الاحتلال الإيطالي، في حين عارضت بريطانيا هذا الأمر بشدة وراحت تروّج الإشاعات عن تلقي المفتي للدعم المالي من الإيطاليين. بل كشفت وثائق الحلقة الماضية عن تلقي الحاج أمين تقارير من غير عاصمة عربية تشير إلى أن الاعتقاد السائد لديها هو أن بريطانيا ستنتصر في الحرب.

لذلك فإن الملف المفرج عنه يكشف أن الحاج أمين دُفع دفعاً نحو ألمانيا النازية، لأن الوثائق الجديدة توضح النية البريطانية الخبيثة المبيتة ضده والتفكير في اعتقاله ومحاكمته أو نفيه إلى قبرص أو جزر سايشل أو جزر أندمان، مما يعتقد أنه لعب دوراً بارزاً في قرار المفتي بالفرار إلى ألمانيا طلبا للنجاة، بعد أن أغلقت كل السبل في وجهه. بل أن وثائق هذه الحلقة تشير إلى أن ألمانيا النازية فقدت اهتمامها بالحاج أمين، مما يعزز الاعتقاد بأن مجيئه إلى برلين جاء بدافع الهرب من المطاردة البريطانية وليس بدافع رغبة ألمانية ملحة إلى ذلك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير