تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كما أنَّ مِنْ حسن العزاء -أيضاً- أن علماء الشريعة -ولله الحمد والمنة- مُتوافرون عبر الأعصار والأمصار، يحي الخلف منهج السلف، وأمة الإسلام أمة معطاءة، زاخرة بالكفاءات، ثرية بالعطاءات، مليئة بالقدرات، ولن يخور العزم ويضعف العطاء -بحول الله- بفقد علم بارز، ففي الأمة -بحمد لله- من سيحمل مشعل الهداية، وراية العلم والدعوة، ويسد الثغرة، وينهض بالمسئولية العلمية والدعوية، وما علينا إلا أن نسمو بهممنا، وننهض بمهماتنا في نصرة دين الله، ونفع عباد الله .......

الحث على الدعوة وطلب العلم

فيا علماء الشريعة! نناشدكم الله أن تكونوا خير خلف لخير سلف، الله الله .. في استنهاض الهمم، انزلوا بثقلكم إلى ميدان التعليم والتوجيه، وابذلوا وسعكم في ملء ساحة الدعوة والنصح للأمة، فقد أخذ عليكم العهد والميثاق: لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ [آل عمران:187] وصونوا علمكم عن الدنايا، وترفعوا عن مواطن الريب، وتحلوا بسمت العلماء الربانيين.

واعلموا أن التقاعس في أداء هذه المهمة يجرئ العوام وأنصاف المتعلمين على الخوض في أمور الدين وهم ليسوا منها في ورد ولا صدر.

ويا طلاب العلم! ويا شباب الإسلام! الله الله .. في جمع ما تناثر من عقد المحبة والصفاء، والمودة والولاء، وانتظامه فيما بينكم في نسيج وحدوي متميز، تتماسك فيه أيدينا مع أيدي ولاتنا وكبار علمائنا، قطعاً لدابر الخلاف، وحسماً لأسباب النزاع والشقاق أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ [الشورى:13] وحذارِ من بوادر اليأس، وإطلالة التشاؤم التي قد تطفو على السطح في ميادين العلم والدعوة والحسبة والإصلاح، فإن هول الفواجع يقتضي كمال الرضا بقضاء الله وقدره، وعدم الاستسلام للجزع والتسخط، مع حسن التصرف في الأمور، وألا تغلب العواطف والانفعالات على العقل والتأصيل وحسن العمل والتدبير، فدين الإسلام دين علم وعمل، وليس خواطر وانفعالات.

فبالعلم تُضبط المسيرة، وتُهدى الأمة، ولا يأس من روح الله ولا قنوط من رحمة الله، والخير في هذه الأمة باقٍ إلى قيام الساعة، والله وحده هو المسئول أن يلهمنا رشدنا، وأن يغفر لمن مات من علمائنا، ويرفع درجاتهم في المهديين، وأن يوفق الأحياء لبيان الحق والدعوة إليه، وأن يرزقهم التسديد والتأييد، ويكتب لهم القبول ودوام النفع، وأن يخلف على الأمة الإسلامية خيراً، ويحفظها من شرور الغير، وهول الفواجع، فلله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، والحمد لله على قضائه وقدره، وهو وحده المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه، اللهم أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين .......

تقدير العلماء واحترامهم من تعظيم الدين

الحمد لله نواصينا بيده، ماضٍ فينا حكمه، عدلٌ فينا قضاؤه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الدائم عطاؤه، العظيمة آلاؤه، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، المتألق نوره وبهاؤه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه، ما ليلٌ سجى، وما صبح بدا، وسلم تسليماً أبدياً سرمداً.

أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله! وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ [البقرة:281] واعلموا أن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة.

أيها الإخوة في الله! إن تقدير مكانة العلماء أحياءً وأمواتاً إنما ينبع من تعظيم الشريعة التي احتفت بهم، والدين الذي كرمهم وحفل بهم: بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ [العنكبوت:49] ومن أعلى قدر الشريعة أعلى قدر حملتها، وهذا ما تميزت به بلاد الحرمين الشريفين حرسها الله، ففيها تعانق سلطان العلم مع سلطان الحكم، في نسيجٍ مترابط، وانسجامٍ متكامل، لم يشهد التاريخ المعاصر له مثيلاً، ففتحت الأمة قلوبها ولاءً لولاتها وعلمائها، وقام ولاة الأمر فيها بتشجيع علمائها وطلاب العلم فيها، مما يمثل شاهداً من شواهد الثوابت الراسخة التي قامت عليها منهجية هذه البلاد نصرها الله ما نصر الدين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير