[كلمات حائرة في رثاء الشخ العلامة بكر أبو زيد رحمه الله]
ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[07 - 02 - 08, 10:45 ص]ـ
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى سائر إخوانه من النبيين وعلى آله الطيبين وصحبه المقربين وتابعيهم المحسنين.
إنا لله وإنا إليه راجعون، لا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا بفراقك يا عالم أمتنا لمحزونون.
من الأنباء ما ينسيك كل هم وإنْ همومك تكاثرت، ويطغى فيك على كل مصاب، وإنِ المصائبُ عليك تواترت، لا لشيء إلا لأنه الأنكى جرحاً والأعمق أثراً والأكثر وجعاً والأشد وقعاً؛ ومن الأحزان ما يأبى أن يشاركه في القلب حزن آخر غيره، لا لعلة سوى عظمته وغلبته وفرط شدته، ومن المصائب ما لا يسعك أن تنساه وإن طال بك زمنك وفُسح لك في عمرك.
ومن تلكم الأنباء الفظيعة المزعجة والأخبار التي غيرها أخف منها وأهون: نبأ وفاة العلامة الإمام مفتي الأمة، الداعية السلفي الغيور، الفقيه الأصولي، المحدث التراجمي المؤرخ النسابة، الجامع المدقق المصنف، المحقق، الأديب الأريب، الفصيح البليغ الألمعي العبقري، بقية أدباء العلماء، بل بقية أدباء العربية، الكاتب الفطن الذكي صاحب القلم السيال الأنفع والاطلاع الأجمع الأوسع والذوق الأسلم الأرفع، مَن نحت كلامه في علمه وبلاغته من كلام بلغاء العرب وكبار أهل الأدب وكتب أئمة علماء الأمة المحققين من المتقدمين والمتأخرين، وأخص من أولئكم بالذكر الإمام ابن تيمية والإمام ابن القيم والإمام ابن رجب والمعلمي والشنقيطي وأحمد شاكر وأخاه محموداً ومحمد البشير الإبراهيمي ومحمد الخضر حسين، رحمهم الله وسائر علمائنا العاملين ورحمنا معهم برحمته، آمين.
وعوداً على هذا النبأ الأليم أقول:
قد يكثر الموت من حولك كثرة لم تكن تتوقعها، حتى تصير تتوقعه في كل حين، وقد يتكرر الموت أمامك ومن حولك وتتناثر أشلاء الناس في طريقك بين الحين والحين حتى لا يكاد يبقى للموت وأنبائه كبير أثر على قلبك، وقد تتوالى المصائب والنكبات عليك وعلى إخوانك وعلى أمتك حتى تظن أن وقعها عليك - إن عاودت - سيكون هيناً خفيفاً، على حد قول الشاعر:
رماني الدهر بالأرزاء حتى ... فؤادي في غشاء من نبال
فصرت إذا أصابتني سهام ... تكسرت النصال على النصال
ولكنَّ نبأً من جنس نبأ وفاة عالم المسلمين الإمام بكر بن عبدالله القضاعي كفيل بأن يكشف لك النقاب عن وهمك ويُعيد الصواب إلى ذهنك، ويضعك على الجادة في هذه القضية، فيملأ قلبك حزناً ونفسك حيرةً واضطراباً والله المستعان.
نعم، إن الأمر كذلك، لأن موت مثل هذا الرجل – وقلَّ أن تسمع بمثله – ليس من جنس الموت الذي عهدناه، إنه موت جانب عظيم من جوانب الأمة وسقوط ركن من أركانها، لولا ما خلفه من علم نافع، وإنه ضياع مدرسة تعد أرقى مدارس التحقيق والتصنيف في هذا العصر إلا أن يشاء الله، وإنه سكون قلم طالما تحرك للحق بالحق وطالما ثبت على الحق، وحسن تعبيره حتى قل نظيره بين أقلام العالَمين في هذه الأعصر التي يكاد أهلها أن يموتوا عياً ويسقطوا جهلاً، باستثناء من استثناه الله تعالى، ممن ندر ندرةً قارب أن يكون -بها- عدماً.
فما كان (بكر) هلكه هلك واحد ... ولكنه بنيان قوم تهدما
فكر نيّر ثاقب وبصيرة عجيبة وتدقيق نادر المثال وإتقان للمهمات وجرد للمطولات وإبداع في التنصيف واطلاع بعيد غاية البعد وغوص على لآلئ العلوم وجواهرها إلى حيث يقل الرفيق ويعز المساعد.
لا أدري ماذا أقول!
ألا ليتني شاعر مجيد فأطيل رثاءك، وليت مدامعي لا ينضب ماؤها فأديم بكاءك، وليتني تلميذك الملازم القادر على أن يسير على آثارك ويهتدي بأنوارك وينسج على منوالك ويكمل بعض ما هنالك، وليتني وليتني ---.
لا أدري ماذا أقول!
ولكن عزائي فيك أنك رسمت للأمة الطريق أو أعدت رسمه وإن لم يطل سيرك عليه، وعلمت جيلاً عظيماً وإن شق فراقك عليه، بل ستعلّم أجيالاً لاحقة، وهنيئاً لعالم يعلم الناس بعد موته! وأنك نصحت الأمة وأحسنت أداء الأمانة، ودعوت إلى الأصالة في كل شيء؛ وعزائي فيك أنك تركت علماً يصعب على كثير من أمثالنا دراسة بعضه وكشف بعض أسراره فضلاً عن الإتيان بمثل عشر معشاره.
نعم، لا أدري ماذا أقول!
اللهم فارحم هذا الإمام الهمام واخلف لنا خيراً منه وأْجرنا في مصيبتنا.
اللهم اجمعنا والإمام (بكر أبو زيد) مع أبي بكر وزيد وسائر العشرة المبشرة بالجنة، في الجنة، برحمتك يا أرحم الراحمين، وإنا لله وإنا إليه راجعون، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
ـ[العوضي]ــــــــ[07 - 02 - 08, 12:04 م]ـ
أحسنت أخي الكريم وأجدت فيما سطرت , ورحم الله العلامة بكر
ـ[يوسف بن عواد البردي]ــــــــ[22 - 01 - 09, 09:03 م]ـ
بارك الله فيك شيخ محمد .. ورحم الله العلامة بكر ابو زيد وأدخله فسيح جناته.
ـ[أبو عبدالله القضاعي]ــــــــ[24 - 01 - 09, 01:11 م]ـ
نقبتوا المواجع وأغرتم الجروح وأسلتم المدامع فلن ينسى يوم الثلاثاء 27/ 1/1429 لا أنساه ما حييت
وانظر إن شئت
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=892356