(الأسلوب الأدبي): راض نفسه في الكتابة والتحرير على أسلوب أدبي بليغ، وسط بين الإجمال المخل والإطناب الممل، وينتقي كلمات غريبة ناطقة، وعبارات حافلة معبرة، وإشارات دقيقة بليغة، كأنه يريد بها أن ينبه القارئ على متابعة الموضوع متابعة تامة، وإلا يفوت عليه كثير من نكته وفوائده.
(التأثير): أكثر كتاباته تعالج مواضيع الساعة، مع قوّة الاستدلال والأسلوب البديع، النابع من القلب، فتؤثر في القلوب تأثيرا عجيبا، فيفرح بها من هو على الجادة، وتقضّ غيرهم في مضاجعهم.
نبذة عن صفاته وآدابه:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين)] متفق عليه من حديث معاوية رضي الله عنه [.
أراد الله عز وجل خيرا لهذا العالم الجليل، فجعله فقيها في عقيدته ودينه، عاملا بما يعلم، صلبا في الحق، متواضعا بسيطا في أموره، لم يفتح على نفسه باب المحاضرات العامة، والدروس الخاصة، فاستفاد من وقته وجهده استفادة كبيرة.
* من تواضعه أنه لم تثنه الوظائف والرتب عن مزاحمة العلماء بالركب، وكذلك لم يستنكف عن الاستفادة ممن هو دونه في السن والعلم والفضل – كما هو ظاهر من مؤلفاته ورسائله – قال الشاعر:
تواضع إذا ما نلت في الناس رفعة فإن رفيع القوم من يتواضع
* وكان - رحمه الله- ناصحا أمينا لطلبة العلم، الذين هم على جادة الكتاب والسنة، وكان يفرح بإنتاجهم العلمي، ويشجعهم على الاستمرار في المزيد منه، ولهذا أرى أن أغلب طلبة العلم في مجال التأليف والتصنيف، والبحث والتحقيق في العالم الإسلامي، كانوا على صلة به من طريق أو أخرى.
* وها أنا كاتب هذه السطور – ولا أعد نفسي حتى من صغار طلبة العلم – شجعني – رحمه الله – بعد ما اطلع على بعض مؤلفاتي وتحقيقاتي، على الاستمرار في إبراز معالم الكتاب والسنة التي ردمت تحت أكداس مكدّسة من التأويل والتحريف والشبهات والشهوات.
ومن تشجيعه - رحمه الله - لي أنه كتب مقدمة نفيسة على كتابي (دعوة شيخ الإسلام ابن تيميه وأثرها في الحركات الإسلامية المعاصرة) حينما قدمه إليه فضيلة الشيخ عبدالحميد الرحمائي في الرياض. وكذلك أشاد بذكر بعض كتاباتي وتحقيقاتي في عديد من مؤلفاته، ووضع خطابي الموجه إليه، بمناسبة صدور كتابه النافع المفيد: (تحريف النصوص من مآخذ أهل الأهواء في الاستدلال) في الطبعة الثانية له مع كتابه (جامع الردود) (244 – 247).
ولا أعتبر كل ذلك منه إلا تشجيعا لأمثالي من القاصرين المتطفلين على مائدة الطلب.
وقس على هذا: كم يكون تشجيعه لكبار طلبة العلم، وتعاونه مع العلماء؟
فرحمه الله رحمة واسعة، وجزاه عن العلم وأهله خير الجزاء!
وفاته:
عاش – رحمه الله تعالى - حياة حافلة بالأعمال العلمية والوظائف الرسمية، ولم تمنعه المناصب من الاشتغال بالعلم، والحرص على ملازمة العلماء، والتأدب بآدابهم، فجعله هذا التواضع الجم، والخلق الرفيع في الطلب في مصاف كبار العلماء، فحمى جناب التوحيد، ودعا إلى الاعتصام بالكتاب والسنة، وكتب في القضايا الفقهية المعاصرة، وردّ على أهل البدع والأهواء، ودافع عن الأخلاق والفضائل، وكل ذلك بدافع من الغيرة على ثوابت المجتمع المسلم المحافظ على عقيدته ودينه.
وهكذا أفاد - رحمه الله - طلبة العلم والعلماء على السواء طول حياته بكتاباته النافعة، وفتح فيها آفاقا جديدة أمامهم لتبيين المسائل، وتوفير الدلائل، وإحقاق الحق، وإبطال الباطل، حتى جاءه الأجل المحتوم إثر مرض عانى منه طويلا، فتوفى – رحمه الله – (تاركا وراءه أولاده وأحفاده وجما غفيرا من محبيه) في يوم الثلاثاء (27 من محرم الحرام 1429 هـ) عن عمر يناهز ثلاثا وستين سنة، وصلى عليه عقب صلاة العشاء، في مسجده بجوار بيته، بحي العقيق في الرياض.
إنا لله وإنا إليه راجعون!
اللهم اغفر له وراحمه وعافه واعف عنه!
من أقواله الجامعة:
" فنحن - ولله الحمد – على أمر جامع في الاعتقاد على ضوء الكتاب وسنة النبي عليه الصلاة والسلام، فلا بد من لازم ذلك بالذب عن الاعتقاد، ونفي أي دخيل عليه، سيراً على منهاج النبوة، وردعاً لـ " خفراء العدو "، واستصلاحاً لهم ... ليبقى الاعتقاد على ميراث النبوة نقياً صافياً ". (الرد على المخالف ضمن الردود: 78 – 79).
" ولن يصرف العلماء العاملين المسلحين بالعلم وصدق اليقين، ما يلاقونه في عامة العوالم، من التعسف والإرهاق، والمطاردة، والإرهاب والإجراءات التعسفية ... فإن هذا لن يزيد القلوب المطمئنة بالإيمان إلا سكينة، وأريحية، ولن يؤثر على الحق إلا انتشاراً وقوة: (أفنضرب عنكم الذكر صفحاً أن كنتم قوماً مسرفين)] الزخرف: 5 [" (الرد على المخالف: 94 – 95).
" من الأمانة الرجوع إلى الحق، وهو كمال لا تحرص عليه إلا نفوس ذللت لها سبل المكارم تذليلاً، ومن الأمانة أن تنقد الآراء ولا تغمض فيما تراه باطلاً، وإن كان بينك وبين صاحبها صلة الصداقة، أو القربى." (تحريف النصوص: 122)
" وجميل بمن سمع الحق: أن يقيم الوزن بالقسط فيتبعه بوضوح وجلاء، فالاعتقاد لا يحتمل المجاملة ولا المتاجرة، ولا نثر ماء الوجه وإهدار صيانته.
فليصل العبد قلبه بربه.
وليقطع أسباب مثل تلك المحبة الجامحة به إلى الهلكة.
وليبحث: ليعلم.
وليكتب: ليفيد.
ولينقد: لنصرة الحق والحقيقة المستقيمة على الطريقة بمثل ما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم – وأصحابه - رضي الله عنهم -." (براءة أهل السنة: 301 – 302).
ومن دعائه - رحمه الله - في مقدمة كتابه: (تصحيح الدعاء) ص 11 حيث قال:
" نفعني الله به ومن شاء من عباده، وأسأله – سبحانه – أن يسدد لساني وقلمي بالصواب فيما أقوله وأكتبه، وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم.
" اللهم يا ولي الإسلام وأهله ثبتني على الإسلام حتى ألقاك عليه "
[يرحم الله عبدا قال آمينا]
¥