تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لننظر قليلاً فيما كان عليه هذا العالم الشيخ بكر أبو زيد فإن له سيرة عطرة فقد عين قاضياً بالمدينة المنورة وأم في المسجد النبوي نحواً من خمس سنين ودرس في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم نحواً من عشر سنوات، وتلقى العلم على الشيخ محمد الأمين الشنقيطي وهو مَنْ هو؟ صاحب أضواء البيان، تلقى العلم منه عشر سنوات كما درس على الشيخ ابن باز مدة في المدينة النبوية· وهكذا إلى أن عاد للرياض وكيلاً في وزارة العدل إلى أن عيِّن عضواً في دار الإفتاء بالرياض إلى أن ألم به المرض في رأسه وأجرى فيه عملية جراحية ولم يزل يعاني منه حتى لقي الله -رحمه الله-· وهكذا رجال الأمة في كافة المجالات والأنشطة التي فيها عز للدين تجدهم يسارعون فيها ويبذلون جهوداً مضاعفة ولا يدخرون شيئاً من الجهد إلا ويبذلونه في دين الله عزَّ وجلَّ·

ومما يستفاد منه في رحيل العلماء أن الموت لا يمتنع من أي إنسان مهما كان· فإذا مات العلماء وقبلهم الأنبياء ومات الملوك والرؤساء فمن سيبقى من البشر لا يموت؟ لا أحد {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ (30) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ} (31) [الزمر] · اللهم اغفر لنا ولمشايخنا ولكافة المسلمين وأخلف للمسلمين خيراً بعد وفاة علمائهم· وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين·

بينما يؤكد الشيخ حمود بن محسن الدعجاني الداعية المعروف وعضو الجمعية الفقهية السعودية أن فقد العلماء مصيبة وذلك لأن العلم يقبض لقبض هؤلاء العلماء فيقول: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله و صحبه فإن الله تعالى قد رفع شأن العلم والعلماء قال تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} (11) [المجادلة]، وقد جاءت كلمة درجات نكرة لبيان عظم هذه المنزلة وأنه لا يعلم قدرها إلا الله تعالى، وأيضاً يقول تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} (28) [فاطر] · أي أن العلماء يخشون ربهم الخشية الكاملة لما يعلمون من أسمائه وصفاته وما يجب في حقه سبحانه وما ينزه عنه سبحانه· وإذا كان أهل العلم بهذه المنزلة العالية والمكانة الرفيعة، فالواجب على كل مسلم الأخذ عنهم والاستفادة منهم قبل موتهم امتثالاً لقوله تعالى: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} (7) [الأنبياء] · لأن العلم يقبض بقبض العلماء وكما أخبر عليه الصلاة والسلام ولا شك أن موتهم مصيبة عظيمة وثلمة لا تسد في الإسلام وقبل أيام رحل العلاَّمة الشيخ بكر أبو زيد نسأل الله تعالى أن يعلي قدره ويرفع منزلته ويسكنه فسيح جناته ويبارك فيمن بقي من علمائنا وينفع بهم الإسلام والمسلمين·

العلماء مصابيح الدجى

ويرى الشيخ محمد بن علي الأحمري أستاذ العلوم الشرعية بثانوية ابن باز بمدينة الرياض عظيم فقد العلماء على الأمة فيقول: العلماء مصابيح الدجى ونجوم بهم يقتدى هم ربان سفن النجاة، والعلماء المخلصون الربانيون هم الأمان من عذاب الله عزَّ وجلَّ وهم حماة الدين وناشرو الفضيلة يقمعون أصحاب الهوى والضلالات ويرشدون الحيارى وينيرون الدروب للسالكين، بهم تصفو الحياة، وتزكو النفوس·

وبموتهم وفقدهم تكمن المصيبة وتعظم الرزية وتخرب الدنيا ومن ذلك ما رواه الشيخان البخاري ومسلم في صحيحيهما عن عبدالله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا"

قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في فتح الباري: "فدل هذا على أن ذهاب العلم يكون بذهاب العلماء· وقيل لسعيد بن جبير: ما علامة هلاك الناس قال إذا هلك علماؤهم، ونقل عن علي وابن مسعود وغيرهما قولهم: موت العالم ثلمة في الإسلام لا يسدها شيء ما اختلف الليل والنهار·

وإن من المحزن والمؤلم - نسأل الله ألا يكون استدراجاً - موت العلماء فإنا نلاحظ الاختلاف بين الناس من موت عالم لآخر، وقال سفيان بن عيينة: وأي عقوبة أشد على أهل الجهل أن يذهب أهل العلم؟

الأرض تحيا إذا ما عاش عالمها

ومتى يمت عالم منها يمت طرف

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير