تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هذا ومما يبِّن أثر موت العلماء على الأمة قاطبة ما نقله المفسرون في تفسير قول الله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} (41) [الرعد] · قال عبدالله بن عباس رضي الله عنهما خرابها بموت فقهائها وعلمائها وأهل الخير منها، وروي مثله عن غيره أيضاً·

ومما فجعت به الأمة الإسلامية وفاة شيخها وعالمها الذي عكف طوال السنين على الفتوى والتعليم والقضاء والذي كان غصة في حناجر أهل الفسق والأهواء وأهل الانحرافات فأخذ يؤلف الكتب التي ترد عليهم ويفضح مخططاتهم ويظهر نواياهم الخبيثة، إنه شيخنا وعالمنا الشيخ بكر بن عبدالله أبو زيد رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته· فقد أفنى عمره في خدمة هذا الدين، ونشره فله منا الدعاء فنسأل الله أن يجزل له المثوبة وأن ينزل على قبره الرحمة·

وفي الختام: لم يكن فقد الشيخ العلاَّمة بكر أبو زيد سهلاً على النفوس ولكن لا نقول إلا كما قال نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم عند وفاة ابنه فنقول: إن القلب ليحزن، وإن العين لتدمع وإنا لفراقك يا شيخ بكر لمحزونون ولا نقول إلا ما يرضي ربنا {قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ} (156) [البقرة] · وعزاؤنا في الشيخ أنه ترك لنا إرثاً علمياً ينتفع به حتى بعد وفاة الشيخ رحمه الله· أسأل الله تعالى أن يبارك في أبناء الشيخ وأن يعينهم على نشر علمه وإظهاره للناس أسأله تعالى أن يبارك لنا في علمائنا الأحياء وأن ينفع بهم وبعلمهم إنه سميع مجيب، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين·

وبرحيل فضيلة الشيخ الدكتور بكر بن عبدالله أبوزيد (رئيس مجمع الفقه الإسلامي الدولي، عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء السابق)، فقد العالم الإسلامي بل الأمة جمعاء علماً من أعلامها، كرّس جهده ووقته وعلمه، في خدمة الدعوة داعياً الى الله ومعلماً واماماً وخطيباً وباحثاً وقاضياً ومؤلفاً ومفتياً، ومنافحاً عن دين الله، وكاشفاً للأباطيل والأكاذيب، وداحضاً للشبهات، ومتصدياً للخرافات· وقد ترك العلامة الشيخ لنا علماً غزيراً ينتفع به يزيد عن الخمسين مؤلفاً·

وقد نشأ فضيلته نشأة كريمة في بيت صلاح وثراء وعراقة نسب، درس في الكتّاب ثم التحق بالمدرسة الابتدائية، وأكملها في مدينة الرياض حيث واصل جميع مراحل التعليم الابتدائي ثم المعهد العلمي ثم كلية الشريعة ثم المعهد العالي للقضاء، وكان بجانب دراسته النظامية يتلقى العلم عن عدد من المشايخ· فأخذ اللغة عن الشيخ صالح بن عبد الله بن مطلق القاضي المتقاعد في الرياض، وكان يحفظ من مقامات الحريري خمساً وعشرين مقامة بشرحها لأبي العباس الشربشي، وقد ضبطها عليه وأخذ علم الميقات، وحفظ منظومته المتداولة على ألسنة المشايخ·

وقد انتفع انتفاعاً بليغاً من رحلته إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ عام ثلاثة وثمانين وثلاث مئة وألف حيث أخذ علم الميقات أيضا عن بعض المشايخ· ولازم شيخه سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله -، وقرأ عليه عددا من الرسائل، ودرس عليه كتاب الحج من المنتقى في المسجد الحرام، ولازم شيخه الشيخ محمد الأمين الشنقيطي- رحمه الله - المتوفى سنة ثلاث وتسعين وثلاث مئة وألف من الهجرة عشر سنين دأب في المسجد النبوي، وفي دروسه في عصر رمضان، وفي منزله، وقرأ عليه بعض تفسيره "أضواء البيان"، والجزء الأول من "آداب البحث والمناظرة"، ومواضع من المذكرة في أصول الفقه، وعلم النسب من كتاب ابن عبد البر "القصد والأمم في أنساب العرب والعجم" ونبذا سواها·

وقد أثر فيه الشيخ - رحمه الله - تأثيرا بالغا حبب إليه النظر في لسان العرب، وأصول اللغة العربية حتى صار لها التأثير الظاهر عليه في اسلوبه وبيانه، وبالجملة فقد كان مختصا به، وتخرج على يديه، وكان مغرما بتحصيل الإجازات العلمية في كتب السنة، وله ثبت في هذا·

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير