تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

? فَكَانَ فَضْلُ هَذِهِ المَشَارِيْعِ العِلْمِيَّةِ: لله تعالى أوَّلاً وآخِرَ، ثُمَّ لشِيْخِنَا رَحِمَهُ الله، حيث أوْلاهَا إشْرَافًا ومُتَابَعَةً. وقَدْ شَرُفَتْ أيْضًا مَكْتَبَةُ «دَارِ عَالَمِ الفَوَائِدِ»، للقِيَامِ بإصْدَارَاتِ وطِبَاعَةِ هَذِهِ المَشَارِيْعِ العِلْمِيَّةِ، ثُمَّ يَعُوْدُ الفَضْلُ أيْضًا للرَّجُلِ المُحْسِنِ المُوْسِرِ: سُلَيْمانَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ الرَّاجِحِيِّ حَفِظَهُ الله، الَّذِي قَامَ بتَمْويْلِ طِبَاعَةِ هَذِهِ المَشَارِيْعِ، فجَزَاهُ الله تَعَالى عَنِ العِلْمِ وأهْلِهِ خَيْرًا.

? فَهَذِهِ عُجَالَةٌ في سِيْرَةِ شَيْخِنَا رَحِمَهُ الله أرْسَلْتُ فِيْهَا عَنَانَ القَلَمِ، ودَوَّنْتُ فِيْهَا بَعْضُ الفِهَمِ، لَعَلَّ وعَسَى أنْ أنْشَطَ في تَحرِيْرِهَا وتَتْمِيْمِهَا، وتَحْبِيرِهَا وتَنْمِيْمِهَا إذْا شَاءَ الله تَعَالى، فَشُهْرَةُ ذِكْرِ شَيْخِنَا رَحِمَهُ الله تُغْنِي عَنِ الإطْنَابِ، وعُلُوْمُ فِكْرِهِ تَكْفِي عَنِ الإسْهَابِ، وبِهَذا جَرَى القَلَمُ بِما أرِيْدُ ودُوْنَ مَا أرِيْدُ، ولا يَكُوْنَ إلاَّ مَا شَاءَهُ الله، فَهُوَ الفَعَّالُ لمَا يُرِيْدُ ()!

كَمَا في هَذِهِ العُجَالَةِ اليَسِيْرَةِ فُتُوْحَاتُ أبْوَابٍ مُؤصَدَةٍ، وتَلْقِيْحُ أفْكَارٍ ممْتَدَّةٍ، تَدْفَعُ رُوَّامَ العِلْمِ لاسِيَّما طُلابَ الشَّيْخِ رَحِمَهُ الله إلى تَدْوِيْنِ تَرْجَمَتِهِ في سِيْرةٍ مَبْسُوْطَةٍ، آخِذَةً بِما للشَّيْخِ مِنْ فَوَائِدِ وفَرَائِدِ مَخْطُوْطَةٍ، كُلُّ ذَلِكَ على وَجْهِ التَّفْصِيْلِ والتَّكْمِيْلِ، والله مِنْ وَرَاءِ القَصْدِ!

* * *

? أمَّا وَفَاةُ ابنِ القَيِّمِ الصَّغِيْرِ، فَهَاكَهَا لاشِيَةَ فِيْهَا:

فَأقُوْلُ: إنَّا لله وإنَّا إلَيْهِ رَاجِعُوْنَ، مِنْ حَادِثَة تَفُتُّ العَضُدَ، وتُضَاعِفُ الكَمَدَ، وتُوْهِي القَلْبَ، وتُوهِنُ اللُبَّ ... يَوْمَ جَاءَ الأجَلُ بقَضَاءٍ وقَدَرٍ، وجَاءَتِ المَنِيَّةُ بقَضَاءِ الأمْرِ؛ حَيْثُ مَاتَ شَيْخُنَا رَحِمَهُ الله ظُهْرَ يَوْمِ الثُّلاثَاءِ، لثَلاثٍ بَقِيْنَ مِنْ شَهْرِ الله المُحَرَّمِ، لعَامِ ألْفٍ وأرْبَعْمائَةٍ وتِسْعٍ وعِشْرِيْنَ مِنَ الهِجْرَةِ، (27/ 1/1429).

عَنْ عُمُرٍ قَارَبَ الشَهْرَيْنِ وأرْبَعَةٍ وسِتِّيْنَ عَامًا قَضَاهَا في العِلْمِ والتَّعْلِيْمِ، والتَّألِيْفِ والتَّصْنِيْفِ؛ حَتَّى إذَا ضَعُفَتْ قُوَاهُ عَنْ دَرْكِ الآمَالِ، وعَجِزَ عَنْ مَعَارِكِ الزَّمَانِ والنِّزَالِ، إذْ ضَمَّتِ البَسِيْطَةُ إخْوَانَهُ، وحَجَبَ الجَدِيْدَانِ أقْرَانَهُ.

فعِنْدَهَا ألْقَى عَصَا العِلْمِ بفِنَاءِ الأرْضِ الفَسِيْحِ، ليُقِيْمَ تَحْتَ أكْنَافِهَا ليَسْتَرِيْحَ، وذَلِكَ بَعْدَ مُقَاوَمَةِ الأمْرَاضِ والأخْطَارِ، ومُدَافَعَةِ الابْتَلاءِ بالاصْطِبَارِ، ومُطَالَبَةِ الأجْرِ بتَمْحِيْصِ الأوْزَارِ، ومُشَارَفَةٍ للهَلاكِ غَيْرَ مَرَّةِ على البَوَارِ، فَكَانَ شِعَارُهُ كُلمَّا عَلا لهَا قَتَبًا، أو قَطَعَ مِنْهَا سَبَبًا: «لَقَدْ لَقِيْنَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا»، فرَحِمَهُ الله رَحْمةً وَاسِعَةً، آمِيْنَ!

* * *

? ولَيْتَكَ رَأيْتَ طَلابَهُ ومُحِبِّيْهِ، وإخْوَانَهُ ومُعَزِّيْهِ؛ وهُم يُشَيِّعُوْنَ جَنَازَتَهُ؟!

أم لَيْتَكَ اطَّلَعْتَ على تِلْكُمُ الجُمُوْعِ الغَفِيْرَةِ الكَثِيْرَةِ وهُم صُفُوْفٌ أمَامَهَا صُفُوْفِ، وجُمُوْعٌ خَلْفَهَا جُمُوْعٌ: كَيْ يُصَلَّوُا عَلَيْهِ في دُعَاءٍ، وليَقِفُوا بَيْنَ يَدَي الله أُمَنَاءَ وشُهَدَاءَ؟!

فعِنْدَهَا سَتَعْلَمُ قَانُوْنَ أهْلِ السُّنَّةِ وشِعَارَهُم عِنْدَ الجَنَائِزِ: بَيْنَنَا وبَيْنَكُمُ الجَنَائِزُ!

ومَا أحْسَنَ مَا قَالَهُ الجَزَرِيُّ:

أخِلاَّيَ إنْ شَطَّ الحَبَيْبُ ورَبْعُهُ وعَزَّ تَلاقِيْهِ ونَاءَتْ مَنَازِلُه

وفَاتَكُمْ أنْ تُبْصِرُوْهُ بعَيْنِكُمْ فَمَا فَاتَكُمْ بالعَيْنِ هَذِهِ شَمَائِلُه

? هَذَا آخِرُ مَا عَلَّقْتُهُ مِنْ هَذِهِ التَّرَاجِمِ المُوَفَّقَةِ، بِما جَادَتْ بِهِ القَرِيحَةُ المُغْلَقَةُ، وأنَا ألْتَمِسُ ممَّنْ سَلِمَتْ بَصِيْرَتُهُ، وطَابَتْ سَرِيْرَتُهُ، أنْ يَغُضَّ الطَّرْفَ عَمَّا يَرَى مِنَ الإخْلالِ والإجْحَافِ، وأنْ يَنْظُرَ إلَيْهَا بعَيْنِ الحِلْمِ والإنْصَافِ، فَإنِّي ما سَحَبْتُ ذَيْلَ هَذِهِ الكَرَائِمِ لتِيْكَ التَّراجِمِ إلاَّ مِنْ بَابِ التَّطَفُّلِ والهُجُوْمِ، إذْ لم أقِفْ لهُم على سَابِقِ خَبْرٍ مِنَ العُلُوْمِ، فَإنْ أحْسَنْتُ فَرَمْيَةٌ مِنْ غَيْرِ رَامٍ، وإنْ أخْطَأتُ فمَعْذِرَةٌ أطْلُبُهَا عِنْدَ الكِرَامِِ، والله الهَادِي إلى سَوَاءِ السَّبِيْلِ!

* * *

والحَمْدُ لله رَبِّ العَالَمِيْنَ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على رَسُوْلِه الأمِيْنِ

وكَتبَهُ مُعَزِّيًا مُصَابًا عَصْرَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ قُبَيْلَ المَغْرِبِ، للثَّالِثِ مِنْ رَبِيْعِ الأوَّلِ لعَامِ ألْفٍ وأرْبَعْمائَةٍ وتِسْعَةٍ وعِشْرِيْنَ مِنَ الهِجْرَةِ

وكَتبَهُ

الطَّائِفُ المَأنُوْسُ

(3/ 3/1429)

المصدر

http://www.islamlight.net/

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير