تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[العلامة المفكر أبو عبد الله بكر أبو زيد، كتبه يحيى الثمالي]

ـ[عبدالله العلاف]ــــــــ[22 - 03 - 08, 07:14 م]ـ

العلامة المفكر أبو عبد الله بكر بن عبد الله أبو زيد

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه ... وبعد،،،

فمعرفتي بشيخنا العلامة المفكر الفقيه المتفنن الورع الزاهد، أبي عبد الله بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله تعالى من صيف عام 1411 هـ، فقد كنت إماماً للمسجد المجاور لبيته، بحي الفيصلية بمدينة الطائف، ومن ذلك الوقت كنت ألتقي بالشيخ في فترة صيف كل عام، كل يوم غالباً، ولا أقطع الاتصال به هاتفياً وقت وجوده خلال العام بمدينة الرياض، حتى أقعده المرض.

وقد استفدت من الشيخ فوائد جمة لا أحصيها في: الطلب والتحصيل، وضرورة التأصيل، وإدمان النظر في المطولات، ومراجعة المحفوظات، وغير ذلك من الفوائد والفرائد الشوارد، التي يصعب حصرها وتفصيلها، وخاصة فيما يتعلق بعلوم شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله، وما يتعلق بمقاصد الشريعة، وأسرارها، وحكمة التشريع، فقد كان الشيخ أستاذاً ماهراً في هذا الباب، وله عناية بكتابات الشاطبي في هذا المجال.

وفائدة أخرى مهمة في نظري يستفيدها من يجالس العلماء العاملين، ألا وهي التحلي بالأدب، والسمت الحسن، والحرص على الوقت، ومطالعة سير الشيخ، من حيث الورع والزهد وخلافه: من الفوائد التربوية التي قل من يحصلها في هذا الزمن نظراً لقلة من يتأسى به، ويقتدى بفعاله.

وإنني وأنا أسطر هذه الكلمات عن شيخنا المفضال أجد القلم عاجزاً، عن ذكر عشر معشار ما أعلمه عن الشيخ، لكنني أذكر عن الشيخ أموراً تدل على ما ورائها فأقول:

أولاً: علمه، وحبه لأهل العلم، فالشيخ عالم موسوعي، وقد رأيت ورأى غيري من ذلك عجباً، فالشيخ محبٌّ للعلم والبحث والمطارحات العلمية، فلا يقع في يده كتاب إلا قرأه، ولا يسمع بخبر كتاب له شأن إلا سعى في تحصيله، بل وأخبرني أن بعض المكاتب بمدينة الرياض ترسل له كل إصدار جديد، ومع شدة حرصه على الاطلاع وجرد المطولات، كان يقيد كل فائدة شاردة على أغلفة الكتب، حتى إنه أخبرني أن بعض مؤلفاته تألفت هي بنفسها من خلال جمعها من أغلفة تلك الكتب بعد قراءة دامت ربما لثلاثين عاماً، وأكثر.

وأما عن حبه لأهل العلم فقد كان مجلاً لكل عالم سلفي موسوعي، وكان يلهج دائماً بذكر شيخين فاضلين: أولهم: شيخه الكبير أوحد زمانه، الشيخ محمد الأمين الشنقيطي صاحب أضواء البيان، فقد لازمه كما أخبرني عشر سنين بالمدينة النبوية، وكان يذكره كثيراً ويثني عليه وأنه ما رأى مثله في سائر الصفات والأحوال، ودائماً يذكر ورعه وزهده وربما اغرورقت عيناه بالدموع إذا ذكره ويترحم عليه، وكان له ملازمة خاصة له حتى قال لي: لقد قرأت على الشيخ مؤلف ابن عبد البر، في الأنساب، ولم يقرأه على الشيخ بالمدينة أحد غيري، والثاني شيخه الشيخ عبد العزيز بن باز، فقد كان يجله ويثني عليه كثيراً، وقد قال لي مرة، لقد كنت أقرأ على الشيخ صحيح البخاري بالحرم المكي أيام الموسم عام 1385هـ، ولم يكن معي غيري، يذكر هذا في زهد الناس في العلم ومجالسة الأشياخ من زمن بعيد.

وقد تأثر الشيخ بزهد هذين الشيخين فلم يكن يحدث نفسه بالدنيا، بل دائماً كان يقول لي: كيف نقدم على الله عز وجل، وكثيراً ما كان يذكر الموت ونزوله بالإنسان، وأن الأمر أعجل من أن يقبل العبد على الدنيا، وكان يردد كثيراً (وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين) وشاهد ذلك أن الشيخ ولِّي مناصب دينية متعددة وبعضها مصيدة للدنيا، فلو أراد الدنيا لجاءته سعيا، يعلم هذا من زاره في بيته ورأى بعينه، فلم تكن الدنيا تثير فيه أي اهتمام، وكل هذا ببركة مجالسة أهل العلم الزاهدين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير