تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويذكر المؤلف في موضع ثالث من كتابه (ص 258) محاولة رشيد رضا ورفاقه من مدرسة محمد عبده نشرَ مذهبهم، بتقليد الإرساليات البروتستانتية، حين دَعَوْا إلى المُؤْتَمَر الديني في القاهرة سنة 1327 هـ (1909 م) فلم يتيَّسر لهم الاجتماع، ثُمَّ ألَّفُوا (جمعية الدعوة والإرشاد) للتبشير بمذهبهم الجديد سنة 1329 هـ. ثم يعقّب على ذلك بقوله: "وقد سَهُل على هؤلاء المبتدعين تقليدُ البروتستانت، ولم يَسهُل عليهم تقليدُ أئمَّة المذاهب الأربعة، كما أنهم سهل عليهم تقليد إخوانِ الشياطين مثل محمَّد عبده وجَمال الدين، ولم يسهل عليهم تقليد أئمة الأمة المحمدية بأسرها منذ أكثر من ألف سنة".

من ذلك يتبيَّن أنَّ مآخذ النبهاني على هذه الجماعة تنحصر في أمرين:

أولهما: هو دعوى الاجتهاد المطلق مع عدم الكفاية من الناحية العلمية، ومع فساد الاستعداد من الناحية الرُّوحية، وسوء السيرة من الناحية الخلقية والسلوكية.

وثانيهما: هو أنهم مع تَرَفُّعِهم عن الاقتداء بالأئمة الأعلام من فقهاء المسلمين، يقتدون بالبروتستانت في تنقيح الإسلام، وبالمجامع المقدسة المسيحية في اتخاذ قرارات، تعمل على تطوير الإسلام أو تحسينه حسب زعمهم، بالزيادة والنقص.

وقد تتبع النبهانيُّ زعماءَ هذه المدرسة: الأفغاني ومحمد عبده ورشيد رضا، في قصيدته "الرائية الصغرى، في ذم البدعة ومدح السُّنَّة الغَرَّا"، وهي قصيدة طويلة تبلغ 553 بيتًا، فخصَّ كلَّ فرد منهم بفصل منها.

يقول في سوء سيرة كلِّ المنتمين إلى هذه الجماعة:

تَرَاهُمْ إِبَاحِيِّينَ أَوْ هُمْ نَظِيرُهُمْ إِذَا كُنْتَ عَنْ أَسْرَارِهِمْ تَكْشِفُ السِّتْرَا

وَكُلُّ امْرِئٍ لا يَسْتَحِي فِي جِدَالِهِ مِنَ الْكِذْبِ وَالتَّلْفِيقِ مَهْمَا أَتَى نُكْرَا

فَمَنْ قَالَ صَلُّوا قَالَ قَائِلُهُمْ لَهُ يَجُوزُ لَنَا فِي الْبَيْتِ نَجْمَعُهَا قَصْرَا

وَإِنْ قِيلَ لا تَشْرَبْ يَقُولُ شَرِبْتُهَا بِقَصْدِ الشِّفَا أَوْ قَالَ لَيْسَ اسْمُهَا خَمْرَا

فَيَجْهَرُ كُلٌّ بِالْمَعَاصِي مُجَادِلاً بِمَا نَفَثَ الشَّيْطَانُ فِي قَلْبِهِ سِرَّا

فَلا صَامَ، لا صَلَّى، وَلا حَجَّ، لا حَبَا فَقِيرًا وَإِنْ أَوْدَى بِهِ فَقْرُهُ بِرَّا

وَفِي الأَلْفِ مِنْهُمْ وَاحِدٌ رُبَّمَا أَتَى مَسَاجِدَنَا لَكِنْ إِذَا كَانَ مُضْطَرَّا

وَأَخْبَرَنِي مَنْ لا أَشُكُّ بِصِدْقِهِ بِأَنْ قَدْ رَأَى مَنْ بَالَ مِنْهُمْ بِلا اسْتِبْرَا [64]

وَلازَمَهُ حَتَّى أَتَى بَعْدُ مَسْجِدًا فَصَلَّى وَلَمْ يُحْدِثْ مِنَ الْحَدَثِ الطُّهْرَا

وَآخَرُ مِنْهُمْ قََدْ أَقَامَ صَلاتَهُ بِدُونِ اغْتِسَالٍ مَعْ جَنَابَتِهِ الْكُبْرَى

عَلَى وَجْهِ كُلٍّ مِنْ ظَلامٍ عَلامَةٌ بِهِ عَرَّفَتْ مَنْ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ الأَمْرَا

ثم يقول:

أُولَئِكَ أَنْصَارُ الضَّلالِ وَحِزْبُهُ وَإِنْ قَدَّرَ الرَّحْمَنُ مِنْهُمْ لَنَا نَصْرَا

فَإِيَّاكَ أَنْ تَغْتَرَّ مِنْهُمْ بِفَاجِرٍ وَإِنْ أَنْتَ قَدْ شَاهَدْتَ مِنْ فِعْلِهِ الْخَيْرَا

فَذَلِكَ شَيْءٌ جَاءَ ضِدَّ طِبَاعِهِمْ وَقَدْ فَعَلُوا أَضْعَافَ أَضْعَافِهِ شَرَّا

وَكَمْ أَيَّدَ الإِسْلامَ رَبِّي بِفَاجِرٍ فَنُهْدِي لَهُ لا الْفَاجِرِ الْحَمْدَ وَالشُّكْرَا

أَشَدُّ مِنَ الْكُفَّارِ فِينَا نِكَايَةً وَأَعْظُمُ مِنْهُمْ فِي دِيَانَتِنَا ضَرَّا

مِنَ الْكُفْرِ ذُو الإِسْلامِ يَأْخُذُ حِذْرَهُ وَمِنْ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَأْخُذُ الحِذْرَا

ويقول في التقائه بالأفغانيّ سنة 1286 هـ (1876 م) في القاهرة، وما كان من طرد الشيخ عبدالرحمن الشربيني شيخ الجامع الأزهر له من حلقته بعد زجره:

أَتَى مِصْرَ مَطْرُودًا فَعَابَ بِقُطْرِهَا فَيَا قُبْحَهُ شَيْخًا وَيَا حُسْنَهُ قُطْرَا

وَكُنْتُ بِذَاكَ الْحِينِ فِيهَا مُجَاوِرًا بِأَزْهَرِهَا صَاحَبْتُ أَنْجُمَهُ الزُّهْرَا

بِتَارِيخِ سِتٍّ وَالثَّمَانِينَ قَدْ تَلَتْ مَعَ الْمِائَتَيْنِ الأَلْفَ فِي الْهِجْرَةِ الْغَرَّا

حَضَرْتُ بِفِقْهِ الشَّافِعِيِّ خَطِيبَهُ عَلَى شَيْخِ شِرْبِينٍ فَأَلْفَيْتُهُ بَحْرَا

وَجَاءَ جَمَالُ الدِّينِ يَوْمًا لِدَرْسِهِ فَأَلْقَى عَلَى الأُسْتَاذِ أَسْئِلَةً تَتْرَى

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير