تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويَذكُر بعد ذلك ادِّعاءَه شرفَ الانتسابِ إلى آل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبراءة ابْنِ عمِّه من هذا الادّعاء حين سأله فيه (ص 375). ثم يشير إلى تقرُّبه من الأمريكان بما نشَره في عدد شعبان سنة 1327 هـ من مجلة "المنار"، حين أَذِنَ لشباب المسلمين من طلاب الكلية الأمريكية ببيروت أن يُشاركوا أولاد النصارى في الصلاة بكنيسة هذه الكلية. ويعقب على ذلك بقوله:

فَتَاوِيهِ فِي الأَحْكَامِ طَوْعَ اخْتِيَارِهِ تَصَرَّفَ كَالْمُلاّكِ فِي دِينِهِ حُرَّا

فَيَحْظُرُ شَيْئًا كَانَ بِالأَمْسِ وَاجِبًا وَيُوجِبُ شَيْئًا كَانَ فِي أَمْسِهِ حَظْرَا

فَتَحْرِيمُهُ تَحْلِيلُهُ بِاشْتِهَائِهِ بِأَهْوَائِهِ أَحْكَامُهُ دَائِمًا تَطْرَا

وَمَذْهَبُهُ لا مَذْهَبٌ غَيْرَ أَنَّهُ يُجَادِلُ عَنْ أَهْوَائِهِ الشَّهْرَ وَالدَّهْرَا

يُجَادِلُ أَهْلَ الْعِلْمِ بِالْجَهْلِ مُمْلِيًا عَلَى فِكْرِهِ إِبْلِيسُهُ كُلَّ مَا أَجْرَى

وَيَبْقَى عَلَى مَا قَدْ جَرَى مِنْ كَلامِهِ مُصِرًّا وَلَوْ أَجْرَى بِأَلْفَاظِهِ كُفْرَا

وذكر الشاعر بعد ذلك في قصيدته هذه ما لقي رشيد رضا من الطرد والضرب والإهانة، حينَ حاوَلَ أن يَنْشُرَ ضلالاتِه في مساجِدِ طرابلس الشام، فَعَلاهُ أحدُ آل بيت المقدَّم بعصاه – وهم من نسل عمر بن الخطاب - رضي الله عنه – فشجَّ رأسه، وفي دمشق، فأفحمه الشيخ صالح أفندي التونسي أحد أشراف المغاربة، والشيخ عبدالقادر الخطيب، وهو قادري النسب من السلالة الشريفة، وفي حِمْص وحماة، فأنذره أهلُهُما بترك بلدَيْهم، واضطروه للهرب إلى بلده (قَلَمون):

فَعَادَ إِلَى مَثْوَاهُ فِي (قَلَمُونِهِ) وَمِنْ خَوْفِهِ كَالضَّبِّ قَدْ لَزِمَ الْجُحْرَا

فَكَانَتْ لَهُ فِي عُمْرِهِ شَرَّ رِحْلَةٍ بِهَا بَيْنَ تُجَّارِ الْهُدَى رَبِحَ الْخُسْرَا

وَعَادَ إِلَى مِصْرٍ مِنَ الشَّامِ هَارِبًا يُنَفِّضُ عَنْ أَعْطَافِهِ الْمَوْتَ وَالذُّعْرَا

أمَّا الَّذي تدعو إليه هذه الجماعة من إطلاق الاجتهاد دون تقيُّد بأحد المذاهب الأربعة، فقد ردَّ عليْهِ النَّبَهَانِي بكلام كثير في ثنايا قصيدته هذه، فمن ذلك قوله:

قَدِ اخْتَصَرُوا بِالْجَهْلِ دِينَ مُحَمَّدٍ وَمَا تَرَكُوا مِنْ عُشْرِ أَحْكَامِهِ الْعُشْرَا

لَقَدْ زَعَمُوا إِصْلاحَهُ بِفَسَادِهِمْ وَكَمْ حَمَّلُوهُ مِنْ ضَلالَتِهِمْ إِصْرَا

يَقُولُونَ لا نَرْمِي كِتَابًا وَسُنَّةً وَنَتْبَعُ زَيْدًا فِي الدِّيَانَةِ أَوْ عَمْرَا

وَذَلِكَ حَقٌّ قَصْدُهُمْ فِيهِ بَاطِلٌ وَخَيْرُ كَلامٍ قَدْ أَرَادُوا بِهِ شَرَّا

أَرَادُوا بِهِ مِنْ جَهْلِهِمْ بِنُفُوسِهِمْ لِتَرْفَعَ دَعْوَى الاجْتِهَادِ لَهُمْ قَدْرَا

وَمَا الْعِلْمُ شَرْطُ الاجْتِهَادِ وَلا التُّقَى لَدَيْهِمْ وَلَكِنْ كُلُّ عَبْدٍ غَدَا حُرَّا

وَأَقْوَى شُرُوطِ الاجْتِهَادِ لَدَيْهِمُ وَقَاحَةُ وَجْهٍ حَدُّهُ يَفْلِقُ الصَّخْرَا

يَقُولُونَ إِنَّا كَالأَئِمَّةِ كُلُّنَا رِجَالٌ وَمَا زَادُوا عَلَى أَحَدٍ ظُفْرَا

لَقَدْ أَخْطَؤُوا أَيْنَ الثُّرَيَّا مِنَ الثَّرَى وَمَا لِبُغَاثِ الطَّيْرِ أَنْ يُشْبِهَ النَّسْرَا

يَقُولُونَ أَغْنَانَا كِتَابٌ وَسُنَّةٌ وَلَمْ يُبْقِيَا فِينَا لِغَيْرِهِمَا فَقْرَا

وَفِي الأَلْفِ مِنْهُمْ لَيْسَ يُوجَدُ حَافِظٌ لِجُزْءِ حَدِيثٍ قَلَّ أَوْ سُورَةٌ تُقْرَا

وَمَا قَرَؤُوهُ مِنْهُمَا عَنْ جَهَالَةٍ فَلا سَامِعٌ نَهْيًا وَلا عَالِمٌ سِرَّا

وهو يشبِّه كبار الأئمة بالبدور، استمدَّتْ إشراقها من شمس الشريعة باستعدادها لقبول النور والإشراق. ويقول: إنَّ النَّاس لا تستوي في هذا الاستعداد، وأنَّ الذي يتجاوز قَدْره، ويدَّعي ما ليس له من أدعياء الاجتهاد؛ لا يجني إلا الشر:

شَرِيعَةُ خَيْرِ الْخَلْقِ شَمْسٌ مُنِيرَةٌ وَأَنْوَارُهَا قَدْ عَمَّتِ الْبَرَّ وَالْبَحْرَا

أَضَاءَتْ بِهَا الأَكْوَانُ بَعْدَ ظَلامِهَا وَكَمْ ذَا أَمَدَّتْ مِنْ أَئِمَّتِنَا بَدْرَا

لَقَدْ أَشْرَقَتْ فِيهِمْ وَفِي كُلِّ مُؤْمِنٍ وَأَعْطَتْ لِكُلٍّ مِنْ أَشِعَّتِهَا قَدْرَا

وَلَكَنْ بِقَدْرِ الْقَابِلِيَّةِ نُورُهَا يَكُونُ قَلِيلاً بِالْمُقَابِلِ أَوْ نَزْرَا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير