وَهَلْ يَسْتَوِي أَنْ قَابَلَتْ بِشُعَاعِهَا جَوَاهِرَهُمْ أَوْ أَنَّهَا قَابَلَتْ صَخْرَا
وَأَجْهَلُ خَلْقِ اللهِ مَنْ قَالَ إِنَّهَا بِإِشْرَاقِهَا سَاوَتْ مَعَ الْحَجَرِ الدُّرَّا
وَكَمْ مِنْ إِمَامٍ جَاءَ فِي كُلِّ مَذْهَبٍ كَبِيرٍ بِهِ قَدْ أَحْرَزَ الْمَذْهَبُ الْفَخْرَا
وَمَا مِنْهُمُ فَرْدٌ بِدَعْوَى اجْتِهَادِهِ سَمِعْنَا لَهُ فِي غَيْرِ مَذْهَبِهِ مَسْرَى
بَلَى مِنْ طَرِيقٍ لِلْوِلايَةِ وَاضِحٍ يَجُوزُ بَقَاءُ الاجْتِهَادِ وَلا حَجْرَا
وَأَمَّا طَرِيقُ الدَّرْسِ بِالنَّفْسِ وَالْهَوَى فَكَمْ أَوْصَلَتْ لِلسَّالِكِينَ بِهَا شَرَّا
قَدِ اجْتَهَدُوا فِيهَا بِحُكْمِ نُفُوسِهِمْ فَنَالُوا بِهَا مِنْهَا الْكَبَائِرَ وَالْكِبْرَا
ويقول النبهاني في تقليد هذه الجماعة للبُروتستانت والمجامع المسيحيَّة، مُشِيرًا إلى حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث يقولُ: ((لتَتَّبِعُنَّ مَنْ قبلكم شِبْرًا بشبرٍ، وذِرَاعًا بذِراعٍ، حتى لو دَخَلُوا جحر ضَبٍّ لدَخَلْتُمُوه)). وحين سأله أصحابه مُستوضِحينَ: "اليهود والنصارى؟ " قال - صلى الله عليه وسلم -: ((فمَنْ؟!))، يقول النبهاني مُبينًا فساد تقليدهم لاختلاف الحالَيْنِ:
بِفِعْلِ الْبُرُوسْتَنْتِ اقْتَدَوْا بِاجْتِهَادِهِمْ لِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ لَوْ دَخَلُوا جُحْرَا
أُولَئِكَ قَدْ أَلْغَوْا زَوَائِدَ دِينِهِمْ وَقَدْ ضَلَّلُوا فِي ذَلِكَ الْقِسَّ وَالْحَبْرَا
قَدِ اجْتَهَدُوا فِي دِينِهِمْ حِينَمَا رَأَوْا مَجَامِعَهُمْ زَادَتْهُ مِنْ نُكْرِهِ نُكْرَا
وَمَهْمَا يَكُنْ عُذْرٌ لَهُمْ بِاجْتِهَادِهِمْ فَمُجْتَهِدُونَا الْيَوْمَ قَدْ فَقَدُوا الْعُذْرَا
وَمَعْ كَوْنِهِمْ مِثْلَ الْبُرُوسْتَنْتِ فَارَقُوا أَئِمَّتَهُمْ كُلٌّ غَدَا عَالِمًا حَبْرَا
فَقَدْ قَلَّدُوا أَهْلَ الْمَجَامِعِ مِنْهُمُ بِمُؤْتَمَرٍ لِلْبَحْثِ فِي الدِّينِ فِي مِصْرَا
بِهِ سَنَنَ الْقَوْمِ النَّصَارَى تَتَبَّعُوا عَلَى الإثْرِ لَمْ يَعْدُوا ذِرَاعًا وَلا شِبْرَا
فَلِلَّهِ دَرُّ الْمُصْطَفَى سَيِّدِ الْوَرَى فَقَدْ طَابَقَتْ أَحْكَامُهُ كُلُّهَا الْخُبْرَا
أَمِنْ بَعْدِ قَوْلِ اللهِ: أَكْمَلْتُ دِينَكُمْ يُرِيدُونَ فِي الإسْلامِ أَنْ يُحْدِثُوا أَمْرَا؟
ومن العُلماء المعاصرين الذين تَنَبَّهُوا لخطر محمد عبده، وفساد فكره مصطفى أفندي صبري شيخ الإسلام في الدولة العُثمانيَّة. وهُو يمتازُ إلى جانب ثقافته الفِقْهِيَّة الإسلامية بمعرفةٍ دقيقةٍ بِخَفَايا السياسة، وذلك بحكم عُضْويَّته في المجلس النِّيَابِي (المبعوثان) منذ سنة 1908، وعضويته في مجلس الشيوخ بعد ذلك، مع نِيَابَتِه عن (الصدر الأعظم) في رياسة الوزراء أثناء غِيابِه في أوروبا للمُفاوَضَة، بعد هزيمة تُركيا في الحرب العالمية الأولى.
يقول شيخ الإسلام مصطفى أفندي صبري في كتابه الكبير "موقف العقل والعلم والعالم من رب العالمين وعباده المرسلين" [67] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=80&ArticleID=2272#_ftn67).
" أمَّا النهضة الإصلاحيَّة المنسوبة إلى الشَّيْخِ محمد عبده، فخلاصتها أنه زَعْزَعَ الأزهر عن جُمُوده على الدين، فقَرَّب كثيرًا من الأزهريين إلى اللاّدِينِيِّينَ خُطُوات، ولم يُقَرِّب اللاّدِينيِّينَ إلى الدين خطوة، وهو الذي أَدْخَل الماسونيَّة في الأزهر بواسطة شيخه جمال الدين الأفغاني؛ كما أنه هو الذي شَجَّعَ قاسم أمين على تَرْويج السُّفُور في مصر".
"فالشيخ بدلاً من أن يَتَغَلَّبَ على مُناظِرِه [68] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?CategoryID=80&ArticleID=2272#_ftn68)، ويَهْزِمَ جُيوش المُتَفَرْنِجِينَ الكامنينَ وراءَهُ، هزم جيش عُلماءِ الدين الذي هو جيشه هو نفسُه، بطول ما رماهم به من وصْمَة الجمود، وبفضل ذلك حاز مكانةً عظيمة عند المُتفرنِجِينَ طبعًا، وعند المنهزِمِينَ تبعًا".
¥