اللهم اجعل القرآن العظيم شفيعه واخلفنا وامة الاسلام فيه خيرا .. بعيون دامعة وانفس حزينة تلقينا خبر وفاة شيخنا الجليل العلامة .. الذي انتقل الى رحمة الله تعالى فجر الاربعاء 2008/ 4/2 الموافق 25 ربيع الاول 1429هـ.
وقد انتظم الشيخ رحمه الله معلما للقرآن الكريم وشيخا للسند بمركز الشيخ عبدالله المبارك عام 2001 عن طريق حلقات السند والقراءات بوزارة الاوقاف، وكان الشيخ رحمه الله اول من فتح حلقات السند في المركز وتخرجت على يديه اعداد مباركة من اخواننا الكويتيات والوافدات، وكان رحمه الله يعتني عناية خاصة بالاسناد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيان اهميته في حفظ القرآن الكريم من التحريف والتبديل ولا يترك مناسبة الا ويؤكد على اهمية الاسناد في حياة الامة الاسلامية ..
لم يكن معلما للقرآن وشيخا للسند في المركز فحسب، بل كان رحمه الله أبا حانيا ووالداً عطوفا لكل من عرفه وعاشره وكان فعلا (أبو المركز العود) دائم الابتسامة في وقار، يسأل عن الجميع ويدعو للجميع ولا ازال اذكر ترحيبه الحار وكلمته المحببة (مرحب .. مرحب يا أم عبدالله) كلما كنت ادخل للسلام عليه ويظل يدعو لي ..
وكم كان يسعدني دعاؤه لي: (الله يبارك لك يا أم عبدالله فيك وفي زوجك واولادك واهلك اجمعين).
كان رحمه الله متواضعا هينا لينا حبب الناس في القرآن الكريم وسخر نفسه لهم فكان لا يرد احدا ابدا حتى في مرضه الاخير كنت اشفق عليه من الاجهاد كان يقول (هذا خير بالله عليك لا تردي احدا) وكان يتيح الفرصة للجميع للقراءة ولو بقدر يسير. كان رفيقا حتى في توجيهاته ومن عباراته المشهورة لاشباع المد يقول (مدي أمد الله في عمرك) وعلى الرغم من كبر سنه الا ان القرآن العظيم امده بنشاط عجيب فكان يقود سيارته بنفسه ويأتي للمركز منذ الصباح الباكر وقبل ان يفتح المركز ابوابه ويظل يُقرئ حتى اذان الظهر ثم يذهب للامامة في مسجده بمشرف. اما الاحتفال بيوم الختمة في المركز، فكان عرسا قرآنيا ويوما مميزا من ايام المركز نستعد له استعدادا خاصا بتهيئة المكان لهذا الحفل البهيج ويأتي الشيخ بعمامته الحمراء وبشته الابيض المطرز متجملا للختمة يتهلل وجهه نورا وسعادة ويقول للخاتمة مهنئا: (مبارك مبارك هذا يوم مبارك) ووفاء واجلالا لشيخنا الغالي فقد اطلق المركز اسمه على القاعة المخصصة للاحتفال بختمة السند التي شهدت تخريج 34 حافظة لكتاب الله بالسند من 2001 الى 2007. وقد شرفني الله عز وجل ان اكون احدى طالباته واذكره بمزيد من الفضل والدعاء فقد كان صبورا عليَّ مشجعا دافعا ينادي عليَّ في اول دخوله للمركز لكي اقرأ عليه قبل ان انشغل بأعمال المركز الادارية.
لأبينا الراحل وقفات رائعة عند القراءة تميز بها رحمه الله كان يتحفنا بها بين الحين والاخر فمن امثلة الوقف الجميل الذي تميز به رحمه الله في الآية» 219 «من سورة البقرة *يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما اثم كبير ومنافع للناس*.
كان يوصي بالوقف عند *اثم كبير* لبيان وتعظيم الاثم في الخمر.
وفي الآية» 26 «من سورة المائدة *فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الكافرين*.
كان يقول بالوقف على *محرمة عليهم* ويقول رحمه الله هؤلاء حفدة القردة والخنازير والأرض المقدسة محرمة عليهم ابد الدهر وليس أربعين سنة فقط.
وكان غفر الله له يحث على الرحمة والرفق بالنساء تأسيا بنبي الرحمة والرفق رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم فيقول عند قراءة الآية» 34 «من سورة النساء: *الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن اطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا*.
فكان ينهي رحمه الله عن الوقف على *واضربوهن* ويقول بالوقف على *فإن اطعنكم*.
كان يحب الكويت وأهل الكويت وكانت أمنيته أن يدفن في أرض الكويت، تحدثني زوجته أم محمد فتقول نتجهز مرتين للذهاب إلى مصر وتصل حقائبنا للمطار ولكنه يرفض الذهاب ليكتب الله عز وجل ان تكون منيته في الأرض التي أحبها وبذل من أجلها.
وتقديرا ووفاء للاب الراحل شيخنا الجليل فإن المركز بصدد اصدار كتاب خاص باسم الشيخ عبدالسلام محمد حبوس خادم القرآن الكريم يروي سيرته ومآثره ورحلته في طلب العلم.
اللهم ارحم شيخنا عبدالسلام رحمة واسعة واجعل اللهم له بكل حرف أقرأه نوراً وفسحة في قبره. اللهم احينا على القرآن وأمتنا على القرآن واحسن خواتيمنا واجمعنا به في جناتك في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
مي عبدالله المبارك
مشرفة مركز الشيخ عبدالله المبارك
لتحفيظ القرآن الكريم للسيدات صباحي
إدارة الدراسات الإسلامية
وزارة الأوقاف
أخذت عنه الاجازة برواية حفص
مارس 2004
تاريخ النشر: الجمعة 18/ 4/2008
¥