تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

توقفت السيارة أمام ساحة المسجد، نزلت من السيارة وقد دفعت له أكثر مما اتفقنا عليه لكريم أخلاقة وطيب معشره، توجهت نحو المسجد وكانت الساعة قد اقتربت من (11.30)، والناس كالسيل المنحدر من الشعاب والأودية، هذا من الطريق العامة وآخر من وسط السوق وآخر من تحت الأرض (كراج السيارات الأرضي) لا يلوي أحد على أحد، تنظر في وجوههم هول المصيبة وآثار الحزن – وحق لهم – تنوعت بلدانهم واختلفت لهجاتهم لكن جمعتهم أخوة الدين ومحبة العلامة ابن جبرين،،،،

وبينما أنا أسير الهوينا رفعت رأسي فظهر لي جامع الأمام تركي بن عبد الله – عليه رحمة الله – فعادت بي الذاكرة وأنا أسير بنفس الخطى وفي مثل تلك الطرقات إلى إيام خلت ومجالس قضيتها بين جنبات هذا الجامع العامر، كانت هي والله أحلى وأغلى وأنفس ساعات عمري،،،،

وكأن تلك البقاع تقول لي: قف قف هذه هي النافورة في وسط الساحة لم تتغير وهذا هو السوق وهذه هي الحيطان ولسان حالها يقول: ذهب الذين يعاش في أكنافهم .... وبقيت في خلف .....

وكأنها تقول لي: ما هذا الهجر أنسيتنا أم تناسيتنا، مررت بنا شاباً يافعاً لم تتصل لحيتك، وعدت اليوم وقد وخطك الشيب!!، أنسيت دروس الفجر أما لنا عندك قدر!! هنا خفق قلبي وزاد حزني وكم هو صعب جداً أن تقف على رباع الأحبة وقد بقيت هي ورحل أصحابها عنها،،،

نعم نعم متى نسيت تلك الأيام أصلاً حتى أحتاج إلي من يذكرني بها وهل ينسى المرء نفسه!!، إخواني كنت أقطع نفس تلك الطرقات للوصل إلى حلقة الإمام الهمام حسنة الأيام الشيخ العلامة بقية السلف ابن باز – عليه من ربه الرحمة والرضوان – حيث شرفني الله بالحضور بين يديه بضع سنين أثر والله فيَّ خلقه وسمته كما تأثرت بعلمه على حد سواء، كم حييت في تلك الدروس من نفوس، وكم نثر فيها من علم وحكمة، وكم حل فيها من معضلة وأزيل فيها من شبهة، وكم وكم وكم ... من لي بمثل تلك الدروس!! - وفي كل خير إن شاء الله – لكن هذا ما أشعر به وبوحت لكم به،،

تقدمت قليلاً فجعلت الجامع عن يساري فإذا الأبواب الجنوبية مغلقة، وإذا مصلى النساء مفتوح ويدخل فيه مجموعة من النساء حضرن للصلاة على الجنازة، والحقيقة لا أدري هل من الحكمة إحضارهنَّ في هذا الموج المتلاطم من الرجال حتى تكاد تصطدم في كل خطوة برجل!! وليس قصدي ذكر المسألة كحكم شرعي لكن هو ما قدمت لكم،،،

دلفت إلى المسجد من الجهة الجنوبية ووضعت حذائي في مكان يسهل عليَّ الوصول إليه بعد الصلاة، ثم تقدمت إلى داخل المسجد ولم يكن قد امتلأ بعد، وكنت تقريبا في الربع قبل الأخير من المسجد، صليت الضحى ركعتين، ثم جلست، ومما شاهدته في المسجد توزيع الماء بالكراتين على المصلين، وقد سمعت الشيخ الفوزان – حفظه الله- ينهى عن مثل ذلك في المقبرة خشية أن يكون من الإحداث في العبادة، فهل هذه المسألة مثلها!! المهم تركت شرب الماء مع رغبتي فيه، وأخذت أقرأ من حفظي ما تيسر، وكنت أرفع رأسي بين فينة وأخرى، فرأيت الشيخ العلامة عبد العزيز الراجحي يدخل من الباب القبلي ويبدوا أنه خصص لكبار الشخصيات، وهذا الشيخ له في قلبي منزلة ومحبة وإن لم أدرس عليه طويلاً؛ فأذكر مرة في درس الفجر بعد أن انتهى الشيخ ابن باز –رحمه الله – من درسه وهمَّ بالخروج من جهة الباب الجنوبي حيث تنتظره سيارته، وتحلق حوله الطلاب وهو يمشي ويسألونه وهو يجيب وكنت قريبا منه والشيخ الراحجي خلفي وقد وضع يده على كتفي وكان حريصا على سماع إجوبة الشيخ؛فكأنه لم يتبين بعض الأجوبة، فلما ركب الشيخ ابن باز سيارته وذهب كانت المفاجئة الكبرى لي!! الشيخ الراجحي يسألني ماذا كان جواب الشيخ في كذا!! وأنا في تلك السن (الله اكبر هل أعجب من تواضع الشيخ أو من حرصه الشديد على سماع العلم حيث لم يفتر طوال هذه السنوات!! أين هذا من عمل بعض الكسالى يحضر عند أحد الشيوخ مرة أو مرتين ثم ينكص على عقبيه، أو من بعض من نفخ الشيطان فيهم، فارتفعت أنوفهم، وطالت أعناقهم، ووضعوا العمائم على الرؤوس ولسان حالهم يقول أنا أبن طلاع الثنايا .... وظنوا أنهم أهل للتدريس والإفتاء؛ حتى إن الواحد منهم يعرض نفسه على الناس ويطلب منهم أن يسألوه، نعوذ بالله من الفتن) وشاهدت كذلك حضورا إعلامياً مكثفاً وكان بودي لو نزه المسجد من هذا التصوير الذي

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير